دمعة على كوال!!
{ حزن عميق تسلل للقلب والنبأ الفاجع بمقتل السلطان “كوال دينق مجوك” يتصدر عناوين الصحافة في الخرطوم في غياب تام لتفسير مقنع عن أسباب الاغتيال والرواية المضطربة من جهة قوات (يونسيفا) الأثيوبية الأصل وأممية القبعات تحمِّل ما سمَّته بمليشيات المسيرية المسؤولية!! وحكومة الجنوب تبدي غضبها الشديد من خلال تصريحات المسؤولين (حملوا) جميعاً المسؤولية للقوات الأممية.. بينما الرواية من جهة “الخير الفهيم المكي” رئيس اللجنة الإشرافية رواية وصفية لما حدث في مسرح القتل حيث اشتبك رعاة المسيرية مع قافلة كانت تضم إلى جانب (ناظر) دينكا نقوك قائد قوات (اليونسيفا) توغلت شمالاً حيث مضارب العرب الرحل.. في مناخ مشحون (أصلا) بالتوترات وعدم الثقة، حيث تبادل المسيرية ودينكا نقوك نهب قطعان الماشية في الفترة الماضية، وتصدرت قضية تبادل النهب أجندة اجتماعات اللجنة المشتركة (أجوك) يومي (الخميس والجمعة) الماضيين وتم الاتفاق على دعوة الإدارة الأهلية للمسيرية والإدارة الأهلية لدينكا نقوك للتوصل لصيغة تعيد للمسيرية أبقارهم المنهوبة من قبل الدينكا وتعيد للدينكا أبقارهم التي نهبها المسيرية.
{ بيد أن حادث اغتيال “كوال دينق مجوك” الفاجع أعاد قضية أبيي مرة أخرى لبؤرة الضوء ووضع العلاقة بين دولتي الشمال والجنوب (السوداني) في المحك، كيف يتم عبور الأزمة الكبيرة التي خلفها مقتل “كوال دينق”!! وهي أزمة حقيقية إذا لم تتدارك تبعاتها الأطراف الخمسة ذات الصلة بالحدث فإن (أبيي) ستشعل الصراع مجدداً بين “الخرطوم” و”جوبا” والجهات الخمس هي حكومة السودان وحكومة جنوب السودان والمسيرية ودينكا نقوك وخامس هؤلاء القوات الأممية الأثيوبية التي تتولى حفظ الأمن في المنطقة بتفويض من مجلس الأمن بموجب الفصل السابع، وهي قوات تدخل وليست حفظ سلام، لذلك أطلقت النار على المسيرية وقتلت أربعة منهم في الحال لتصبغ الأرض الجرداء بلون الدم قبل أن تغسلها أمطار الخريف.
{ “كوال دينق مجوك” يمثل صوتاً عقلانياً في أوساط قيادات دينكا نقوك.. كان نائباً للأمين العام للمؤتمر الوطني في حقبة د. “بشير آدم رحمة” في غرب كردفان وعضواً فاعلاً في الحزب الحاكم قبل الانفصال، وهو مثقف عميق جداً.. مسلم ملتزم جداً بتعاليم الإسلام، صادق في أقواله معتدلاً في أفعاله.. حينما نشبت أزمة أبيي الأولى في النصف الثاني من التسعينيات وكان هدفاً لمليشيات المسيرية (احتضنه) محافظ “أبيي” حينذاك العقيد “الشفيع الفكي” في منزله حتى انقعشت سحابة الحرب.. وهو من دعاة أن تصبح “أبيي” منطقة تكامل لا نزاع بين الدولتين لمدة طويلة مما وضعه في عين عاصفة الرافضين للتسويات من جهة الجنوبيين، فكيف يُقتل رجل بهذه الصفات؟؟ وهل وراء الاغتيال جهات أخرى بعيدة عن المسرح استخدمت فقط التقاطعات المحلية لتنفيذ هذا المخطط؟؟ وهذه الجهات قد تكون دولية لها مصلحة حقيقية في إفساد العلاقة بين الشمال والجنوب!! أو جهات داخلية تضررت مصالحها من السلام الذي بات قريباً بين الدولتين؟؟ وقد تكون أيادٍ جنوبية من دعاة الحرب وظفت بعض المسيرية لتنفيذ مخططها؟؟
{ إن حادث اغتيال “كوال دينق مجوك” يثير المخاوف من أن تنزلق المنطقة لمستنقع عنف يمهد لتدخل دولي يضع المنطقة برمتها تحت الوصاية والإدارة الدولية المباشرة!!