أخبار

أغاني الشايقية.. حضور مختلف!!

{ تابعت عدة ندوات في أماكن مختلفة وبشخوص متنوعين، وباحثين في ذات الوقت عن علاج ناجع لوقف تغول الكلمات الهابطة على الساحة الفنية بواسطة شباب (هايص وهابط) يسعى للكسب الرخيص ويعرض النماذج في عدة منابر دون مقابل، لأن الهمّ تلويث الأذن السودانية ووصول رسالتهم التي باتت مهدداً للأمن القومي.. وأرجو أن لا يتسرع القارئ ويتعجب ويستغرب، لأن العبارات والمفردات التي تعج بها هذه القصائد تساهم بقدر كبير في تربية الجيل الجديد بشكل سلبي يؤثر بصورة مباشرة على مستقبلهم من خلال أطروحات تستهدف شريحتهم من أجل تحقيق أغراض معينة.
{ والغريب في الموضوع أن الندوات المتعددة لم تتمكن من الوصول إلى حلول واضحة تعيننا على إغلاق هذا الباب بالطبلة والمفتاح، لأن الأدوات المستخدمة ضعيفة ولا تقتل ذبابة ولا تحارب ناموسة تتجول في أواخر الليل وبعض الساعات من النهار.. وعليه فإن الرسالة التي وصلت إلى عدد من المتابعين أن القضية صارت أكبر من أن يتم تناولها في القاعات، أو النظر إليها باعتبار أنها ظاهرة يمكن أن تندثر بالحكي والنظريات التي أخرت السودان وقصمت ظهر مواطنيه.
{ وفي وسط هذا الإحباط والزخم الإعلامي الرافض للأغنية الهابطة، تسللت في الظلام شخصيات مختلفة، ومفردات مشحونة بالجمال والإبداع، وألحان تفرض عليك أن تستمع إليها وأن تتفاعل معها دون أن تحس بنفسك، وأصوات أقل ما يمكن وصفها بأنها مواهب ظلت مدفونة لحين إشعار آخر، وعندما أقول مدفونة فإنني أعني أن انتشارها ظل محصوراً وسط شرائح معينة أدمنت هذا الإبداع والفن الرفيع، واكتفت بهذا الجمال المعتق وأغلقت أبوابها من بعد ذلك.
{ وعندما أتحدث عن كمية الحنان المحفوف بهذه المفردات والعبارات، فإنني بلا شك أقصد وأعني أغاني الشايقية المعروفة بالطنبور الذي أضحى المنقذ الوحيد في ظل هذا (العك) الذي فرضه علينا شباب طائش لا علاقة له بالفن ولا الفنانين، ليتم التجديد واستعادة الموازين بالمبدع والرهيف “عبد القيوم الشريف”  و”الدابي” و”جبارة” و”السقيد” و”المقل” و”صديق أحمد” و”النصري” وغيرهم من القامات السامقة والشامخة شموخ النخيل في تلك البلاد الطيبة.
{ استمعت قبل فترة ليست بالقصيرة إلى أغاني الشايقية حتى أصبحت من مدمني هؤلاء الفنانين، ولم تخل سيارتي قط من (شريط) أو أسطوانة خاصة بمبدعي الشمال، بل لم يغن غيرهم طوال ترحالي على مدار اليوم، ليظل السؤال الحاضر (علاقتك شنو بالشايقية؟)، ويكون الرد طويلاً يحكي ويقص البدايات حتى هذه اللحظات التي علمت فيها أن هذه الأغاني صارت مسيطرة على كل الشباب في الجامعات، مما يعني أن الشوايقة تمكنوا من إيصال رسالتهم الفنية واستطاعوا أن يوقفوا تغول الهابط من الكلمات النشاز.
{ الآن أصبحت أغاني الشايقية تُردد على ألسنة الشباب الواعد، بل يتبارى كثر في سرد قصة الأغنية وروايتها التي جعلت الشاعر يكتب هذه المفردات، مما يعني أن الرسالة قد وصلت، ولعلها واحدة من ميزات أغاني الشايقية التي تحتوي على قصة وحكاية عاشها الشاعر بتسلسل ممتع، ومفردة قوية، ولحن معبر، ومختلف لتتسرب إلى الآذان بهدوء كالنسمات في صيف حار ويا لها من روعة.
{ نجح الشايقية في فرض سيطرتهم على الساحة الغنائية الفنية وتمكنوا من إيصال رسائلهم المعبرة بالطريقة التي تؤكد أنهم أسياد الساحة دون منازع، الأمر الذي انعكس إيجاباً على الواقع الفني السوداني بالصورة التي نراها الآن.
{ شكراً جميلاً على هذا التميز والإبداع والتفرد والانتقاء، رغم أنني ما زلت أجهل معاني عدد من المفردات التي تكمن في كثير من القصائد، ولكن هذا لا يمنعني من الاعتراف بأنني أعيش حالات الشعراء وأتقمص شخوص القصيدة، وأترنم مع المغني، وأتحسس اللحن، وأعيش في عوالم أخرى من الدهشة في زمن غابت فيه كل المعاني المفرحة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية