أخبار

فلان مرشح

شخصنة المناصب داء جديد لتسربل لمفاصل السياسة، وبات السؤال الغبي أين سيذهب فلان إذا تم إعفاؤه من منصبه؟ وكأن فلاناً يملك أسهم شركة خاصة اسمها حكومة السودان؟ رسخت الصحافة في عقلية الغنائم السياسية في بلادنا أن الوزير المجاهد القريب من المراجع العليا في الدولة النافذ في الحزب لا يمكن الاستغناء عنه في (المرحلة التاريخية الحرجة) التي تعيشها بلادنا، مع أننا منذ الاستقلال وحتى اليوم لم نغادر (المرحلة الحرجة) وربما نغادرها يوم الحشر حينما ينفخ في الصور ونأتي للحساب أفراداً.
وتجربة الإنقاذ في الاستغناء عن كبارها من الأبناء والآباء والأمهات بدأت وهي في المهد صبية بحلّ مجلس قيادة الثورة، وإحالة قادتها للتقاعد عن الخدمة العسكرية وسدّ الدروب السياسية أمامهم.. وقرأ أعضاء مثل “عثمان أحمد حسن”، و”فيصل مدني مختار” الملعب ببصيرة وعقل راجح، فتركوا الجمل بما حمل! وتشبّث بالأمل -يصبرون قلوبهم- آخرون كالعميد “صلاح كرار”، واللواء “إبراهيم نايل إدام”، ففي كل إرهاصات تعديل وزاري يترقبون العودة لكراسي السلطة، ولا ينالون مبتغاهم، حتى (استيأسوا) نهائياً من العودة.. ثم أكلت الثورة بعض أبنائها وفلذات كبدها.. كأبيها “الترابي” ورمت به في غياهب الجب سجيناً، وانتهت “بصلاح قوش” في سجن كوبر، لتثبت الإنقاذ أنّها قادرة على المضيّ في دربها لا تهزّها عاصفة ترابية، ولا تعبأ كثيراً بمن يختار (النزول) في أي من محطات الطريق، وتمارس الإنقاذ مع الذين ينتابهم شعور بأن أوضاعهم المالية ورصيدهم الجماهيري يكفيهم الحاجة إليها.. التفاوض، وإسداء النصح، ثم بعدها تلفظه كثمرة فاسدة من جسدها.. والآن أصبح د.”غازي صلاح الدين” يسير على حافة الهاوية تم (استرضاؤه) كثيراً بالمناصب والمواقع، ولكنه يزعم لنفسه تياراً إصلاحياً داخل المؤتمر دون أن يزرع أرضاً لإنبات مشروعه، حينما كان في قلب مركز صناعة القرار.
ربما غادر د.”غازي” قطار الوطني قريباً جداً أو صدر قرار بفصله، وما “غازي” بعزيز أكثر من حفيد أبو لكيلك “فرح عقار” الذي تم فصله بسبب مطالبته بالتفاوض مع قطاع الشمال، وإعداد ورقة تفاوضية ربما بحث عنها “غندور” في إثيوبيا” ولم يجدها..
 ومن قبل حينما اختار الراحل “مكي بلايل” وصديقه “أمين بناني” الخروج من عباءة التنظيم لرحابة الشارع لم تتّكئ الإنقاذ على أبنائها (المخلصين) ولكنها جاءت بآخرين مثلهم لسدّ النقص.
التعديلات والتغييرات سنّة في حياة الشعوب والأمم والخلود لرب العالمين، ولا يملك أحد حقاً مقدساً في المنصب، حتى ولو (تخيل) نفسه من (العصبة من أولى  البأس) وهو تعبير عميق جداً نطق به الوزير السابق “السميح الصديق النور” لشرعنه قبضة عدد محدود جداً من القيادات لمفاصل الدولة، ولكن التجربة أثبتت أن البقاء لله وحده.. وسفينة الإنقاذ حقاً لا تبالي حتى بفقدان القبطان!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية