(أبو حمامة) أقدم المحطات وأشهر الأماكن في خرطوم زمان والآن
)أبو حمامة) من الأماكن الشهيرة التي (تعشعش) في الذاكرة، إذا أنها من أقدم المحطات في الخرطوم القديمة تقع في منطقة تقاطعات وتلاقي طرق، وكانت ومازالت تتوقف عندها مواصلات (القوز)، (الشجرة)، (اللاماب)، (العزوزاب)، (الكلاكلات)، (السوق الشعبي) و(جبرة)، الآن ومع احتفاظها بمكانتها كمحطة نجدها قد توسعت وتحولت إلى مركز تجاري كبير وسوق للخضر والفاكهة واللحوم وغيرها من المنتجات والسلع. في المساحة التالية حاولنا أن نعود إلى الوراء ونغوص في عمق الزمان عبر محطات الذاكرة لنسترجع تاريخ (أبو حمامة) المكان والنشأة وسر التسمية.
تاريخ منطقة أبو حمامة
أولاً التقينا بالعم “حسن سعد بوتو” وهو من الشخصيات المعاصرة لنشأة منطقة (أبو حمامة) ليتحدث لنا عن تاريخ المنطقة وسر تسميتها وأهم الشخصيات الموجودة فيها وأبرز معالمها، كما تطرق الحديث للتطور الكبير الذي طرأ عليها، فبدأ حديثه قائلاً: منطقة (أبو حمامة) تقع على شارع الحرية يحدها من الجنوب سباق الخيل ومن الشمال سوق السجانة، وأهل هذه المنطقة غالبيتهم من سكان (الديوم القديمة) التي تم ترحيلها من الخرطوم شرق والخرطوم غرب إلى مكانها الحالي، وتعتبر أبو حمامة مركزاً للديوم الغربية.
سبب التسمية:
ويواصل العم سعد حديثه: (أبو حمامة) قبل أن تشتهر بهذا المسمى كان سكانها يطلقون عليها أسم (قريقانة)، وسميت بهذا الاسم لأن طبيعة أرضها كانت منخفضة جداً في فصل الخريف تتجمع فيها مياه الأمطار لتغرقها بالكامل، ومن الغرق جاء اسم (قريقانة)، وأردف قائلاً أما اسم (أبو حمامة) يعود لرجل ظريف يدعى “محجوب أبو حمامة”، كان يمتلك (كُشك) صغير يضع بداخله حمامتين، وظل ينتقل به من مكان إلى آخر حتى وصل إلى منطقة (قريقانة) واستقر فيها، وتخصص في بيع العصائر و(المرطبات) بأنواعها، وفي أحد الأيام ذهب عمنا “محجوب أبو حمامة” إلى مجموعة من الأطفال كانوا يلعبون تحت ظل شجرة نيم كبيرة، وكنت أنا ضمن هؤلاء الأطفال طلب منا أن نعمل دعاية لـ(كُشكه)، وبالفعل صرنا نصيح بأعلى صوتنا (مرطبات أبو حمامة.. مرطبات أبو حمامة)، وواصلنا في هذا النداء الإعلاني لعدة أيام صباح ومساء، إلى أن تعرف الناس على (مرطبات أبو حمامة)، وبعدها سار الاسم (أبو حمامة) على المنطقة كلها، وأضاف هذه المنطقة كانت تقع قبل آخر محطة التي ينتهي عندها خط المواصلات في ذاك الزمان، وكان (البورمل) وهو وسيلة نقل تشبه الحافلة يمر بالمنطقة وينزل الناس فيها ليتناولوا المرطبات والعصائر من عم “محجوب أبو حمامة”، وبعدها توسع محله وصار ملتقى لكثير من الناس، ومن ثم تحولت المنطقة لمحطة عرفت بين الناس بـ(محطة أبو حمامة).
أهمية المنطقة وأبرز المعالم:
وعن الأهمية الإستراتيجية للمنطقة قال: كما ذكرت سابقاً تقع المنطقة جنوب غرب الخرطوم وعلى شارع الحرية. وتعتبر ملتقى طرق تربط بين (القوز) و(الشجرة) و(الرميلة) و(اللاماب) وتؤدي المنطقة إلى (الكلاكلات) و(السوق الشعبي الخرطوم) و(جبرة)، وتؤدي أيضاً إلى الخرطوم (2) وشارع المطار والسوق العربي والقسم الجنوبي، وهي الآن مركز تجاري فاصل بين (الديوم الشرقية) و(الديوم الغربية).. وعن أبرز معالمها قال: يقع بالقرب منها سباق الخيل وقشلاق (الجيش) و(البوليس) وقشلاق الضباط، وتوجد فيها شركة مواصلات الخرطوم (بصات الوالي) والتي كانت تسمى في السابق بـ(بصات أبو رجيلة)، ومن جهة الشرق توجد (سينما النيلين) الشهيرة وغرباً منها يقع (حي القوز).
وأضاف: (أبو حمامة) بسوقها العريق الذي أنشئ في سبعينيات القرن الماضي، الآن تعتبر مركز تزويد مواطني منطقة جنوب الخرطوم، باعتبارها المركز التجاري الذي تجده يعمل لمدة (24) ساعة بعد السوق العربي.
شخصيات مهمة في المنطقة:
خرَّجت المنطقة العديد من الرموز السياسية والرياضية والفنية، حدثنا العم “حسن” عن أول شيخ في المنطقة وهو شيخ “إدريس” وتطلق عليه صفة (شيخ الحلة)، وجاء من بعده شيخ “كلودة” ومن الإداريين والأكاديميين القدامى بالمنطقة “مصطفي عبد الله”، “ياسر كابو” و”حسن آدم” موظف في وزارة الإشغال و”بطران” ملاحظ مباني في جامعة الخرطوم.
وفي سياق آخر حدثنا الشاب “سعد الدين” عن أهم الشخصيات السياسية والرياضية والفنية، ومن أهم الشخصيات السياسية في منطقة (أبو حمامة) ذكر الفريق “سيد الحسين” مدير عام الشرطة سابقاً، و”تاج السر عبد الباري” من كوادر الحركة الإسلامية، ومن الشخصيات الرياضية ذكر المدرب “محمد حسن نقد” و”عمر شكت” والنجم “طارق أحمد آدم” كابتن فريق الهلال سابقاً.
ومن اللاعبين “الرشيد استرليني” لاعب فريق الهلال سابقاً و”ياسر الوكيل” لاعب فريق التحرير سابقاً.
وأما من المبدعين قال كان يوجد بها الشاعر الكبير “رحمة الله محمد سعيد العباسي” ومدرسته المعروفة بمدرسة العباسي وشاعر الحقيبة “الجاقريو” و”إسماعيل حسن”. والفنان الكبير الراحل “عثمان حسين” والفنانة الراحلة المقيمة “عائشة الفلاتية”.
من ذاكرة الأحداث
ويعود العم “حسن سعد” ليحدثنا عن مواقف عصبية مرت بها المنطقة قال إنها أكدت تكاتف سكانها مع بعضهم البعض وبينت مروءتهم، وكشفت عن معدنهم الأصيل، وهنا أشار إلى حادثة الأمطار الغزيرة التي حطمت معظم مساكن منطقة (الديوم الشرقية) في عهد الزعيم “إسماعيل الأزهري”، ووقتها تصدى أهالي منطقة (أبو حمامة) للموقف وفتحوا بيوتهم للمتضررين وساعدوهم في نصب الخيام، وقدموا لهم كل ما يحتاجونه من معينات، وذكر هنا الموقف البطولي للزعيم “الأزهري” الذي جاء بنفسه ليساعدهم في نصب الخيام.
التطور والمقارنة:
أخيراً تحدث لنا الشاب “عاطف بوتو” وانحصر حديثه في التطور الذي طرأ على المنطقة، حيث قال (أبو حمامة) نشأت نشأة بسيطة جداً، وجميع مساكنها كانت خليطاً من الطين والرمل، والآبار كانت هي المصدر الوحيد لمياه الشرب، لكن مؤخراً شهدت تطوراً مضطرداً حيث تطاولت فيها المباني وأسست فيها العديد من المدارس والمراكز الصحية، وخُططت الشوارع وأُدخلت توصيلات المياه والكهرباء إلى أن أصبحت مدينة صغيرة تتجمع فيها كل الخدمات.