"الخطيب" وحل مشاكل السودان
{ كلما قرأت أفكار قادة المعارضة وزعمائها، أيقنت تماماً من أن لا بديل للإنقاذ، إذ أن الأفكار مكررة، والأطروحات ممجوجة، والمنهج معوج، والمنطق متناقض، والمستقبل قاتم ومظلم وحالك السواد، والدليل ما نتابعه كل صباح عبر الصفحات المختلفة، الورقية منها والإلكترونية، وهي تجتهد من أجل وضع القارئ في الصورة، ليكون النتاج حديثاً باهتاً وممجوجاً، لأن الشخصيات ذاتها من الأرشيف البعيد، الذي قضت عليه الأرضة وامتلأ بمياه الأمطار المتعفنة.
{ وسكرتير الحزب الشيوعي (فرحان أوي) وهو يؤكد أنه يقيم الصلاة في ميقاتها، ويؤدي الفروض على أكمل وجه، وكأنه يريد أن يبرئ نفسه من تهم عدة ظلت تدور حول الشخصيات الشيوعية منذ فترة طويلة، في متاجرة رخيصة باسم الدين لا تشبه الكبار. ومنذ متى كانت الصلاة وأداؤها مادة للتناول عبر الإعلام يا “خطيب”؟! حديث غريب وعجيب يبين حالة التضارب التي يعيشها هؤلاء المتواجدين على دفه العمل السياسي المعارض. ونعرج معاً في أطروحات السيد سكرتير الحزب الشيوعي، ونقرأ سوياً منطقه في ما يختص بحل المشاكل في السودان، ولتكن البداية بالرؤية الاقتصادية لحل الأزمات الخانقة التي يعيشها المواطن، لنجد أن الرجل طرح رؤية عبقرية تتجسد في قيام مؤتمر اقتصادي ضخم، يتم من خلاله وضع معالجات لأزمات السوق – (يا راجل)!! – ثم يضيف أن النظام الحالي يمثل رأسمالية طفيلية ليس لديها مصلحة في الإنتاج أو مصالح الطبقة العاملة. (طيب يا سعادتك ماتورينا الحل).. طالما أن الإنقاذ لم تتمكن من معالجات أزمات الاقتصاد السوداني؟!
{ و”الخطيب” يبين أن الأزمات السياسيّة يمكن حلها من خلالها مؤتمر دستوري جامع لكل أهل السودان للتشاور والتفاكر في كيفية الحل، ومن ثم يشرح الخطوات التي وضعتها المعارضة في هذا الاتجاه من خلال مؤتمر أمريكا وكمبالا. بالله عليك هل تعتقد أن هذه المؤتمرات المعروفة المقاصد والمفاهيم يمكن أن تحل أزمات المواطن البسيط.. وهل تعتقد أن حديثك الممجوج سيجد صدى وهوى في نفوس المواطنين؟!
{ لا أعلم من أين يجد هذا “الخطيب” الثقة الكبيرة والتأييد المطلق الذي يتحدث عنه من خلال حديث جازم بالثورة الشعبية التي ستأتي بهم على الأعناق إلى القصر الجمهوري؟
{ ولم يتناسَ “الخطيب” أن يشير إلى الماركسية التي قال إنها المنهج الأساسي للحزب ولحكمهم في المرحلة القادمة، وهنا النقطة الخلافية التي لا بد أن يعيها السكرتير ومجموعته، لأن الدين سيظل حاضراً في أي مجموعة تدير البلاد، إذ أن السودان دولة إسلامية كاملة الدسم، مع كامل الاحترام للأديان الأخرى، بل وستظل إلى حين يبعثون، ولن تجد العلمانية والماركسية طريقها إلى التحكم في مجريات الأمور بالطريقة التي يتحدث عنها سكرتير الحزب الشيوعي، لأن مبادئ الحزب التي يتحدث عنها قد تلاشت مع الأيام التي قضت على الماركسية في منبتها الأول، دعك من دول الإسلام والمسلمين.
{ وتناقض آخر حواه حوار الرجل وهو يصب جام غضبه على الإنقاذ والإسلاميين، ثم يوضح أن حواره مع المؤتمر الشعبي لا خلاف حوله، وكأنما الشيخ الترابي “فلاديمير بوتين”. ويبدو أن الشيخ “الخطيب” لا يفرق ما بين “الترابي” والشيخ “علي عثمان”، ولا يعلم أن المنهج العام للحركة الإسلامية يؤطد علاقة الدين بالدولة، بل حريص على تطبيق شريعة الإسلام وسنة نبيه المصطفى. ليبين الرجل حالة التخبط التي تعيشها المعارضة ومنسوبوها.
{ قيل إن قروياً جاء إلى الخرطوم ليتابع ابنته التي تدرس في إحدى الجامعات الخاصة، فوجد الأولاد قد اتخذوا منحى مختلفاً من التقليد الأعمى للبنات، فقال قولته المشهورة: (كان ديل أولاد الجامعة أقري تب ما بتجيك عوجه). وللإنقاذ نقول إن كان ما نراه يمثل المعارضة (عوجه تب مابتجيكم).. ولا داعي لأن يتعب القارئ في تفاصيل بقيه الحوار.