أخبار

أزمة المواصلات من جديد

{ المنطق يقول إن الدولة الحصيفة تحرص على معالجة أزمات المواطن المطلوبة بشتى الطرق من خلال موازنات وإستراتيجيات مدروسة تصب في المصلحة العامة وتعالج الثغرات التي تظهر في تسيير الحياة اليومية خاصة إن كانت وسيلة النقل الرئيسية للمواطن البسيطة.
{ وأزمة المواصلات ما زالت قائمة رغم الحراك المحدود من قبل الولاية باستيراد عدد من البصات الناقلة التي تعين المواطن على الترحال، ولكن يبدو أن الحل نفسه لم يكن بالصورة المطلوبة؛ لأن ملف بصات الولاية يحتاج إلى حلقات خاصة يتم من خلالها تناول المشاكل التي ظهرت إبان التدشين، وما بعد ذلك من خلال تشيط المشروع وبداية التتنفيذ.
{ وشوارع “كرش الفيل” أغلقت بكاملها نهار أمس بشكل لافت، إذ إن وسائل المواصلات انعدمت تماماً، وغادرت (الحافلات) إلى حيث لا نعلم، ومارست بصات الوالي دور الحاضر الغائب، ففي كل خمس ساعات يظهر واحد من البصات في آخر الشارع ويمتلئ حتى آخره بالمارة والمواطنين ثم يغادر ولا يعود، لأن الرقابة معدومة والحبل متروك على الغارب (وبعض السواقين شغالين بمزاجهم) لأن المواطن في آخر أولوياتهم وأجندتهم، ولا ضير طالما أن المرتب مقبوض في آخر الشهر والنثريات شغالة “عمال على بطال” والأزمة في مكانها.
{ أفادني أحدهم بأن هناك أزمة في (الجازولين)، إذ إن الطلمبات المخول لها توفير الحصة اللازمة لم تتمكن من الحصول على كميات تعينها على تعبئة الحافلات المطروحة في السوق؛ مما أدى إلى هذه الأوضاع الخانقة ومنع المواطنين من الوصول إلى منازلهم بيسر وسهولة بعد يوم شاق من التعب والعذاب في مكاتب الدولة والشركات الخاصة.
{ ويضيف أحد السائقين معللاً أن الموضوع يتعلق بزيادة أسعار (الإسبيرات) في السوق، مما جعل عدداً من أصحاب الحافلات يفكرون في (البيع) والاتجاه نحو مشاريع أخرى أكثر فائدة من العبث الذي قصم ظهر عدد كبير من المستثمرين في هذا الجانب، وإن كان السبب (الجازولين) أو غلاء (الإسبيرات)، فإن القضية بيد الدولة، لأن توفير حصص (الجازولين) ينبغي أن تكون حاضرة في كل صباح حسب التقارير التي تحرص وزارة النفط على رفعها بصورة يومية، لأن من أوجب الواجبات الحرص على منح المواطن حقوقه في المواطنة المتمثلة في حرية النقل والترحال، رغم أن الحال يبين عكس ذلك.
{ وزارة النفط مطالبة بأن توضح للمواطن ما يحدث في ما يختص بالجازولين وأن يكون التوضيح مصحوباً بالتنفيذ على أرض الواقع، لأن “محمد أحمد” قد سئم التصريحات التي لا جدوى منها، التي تصب في خانة (الشو) الإعلامي أكثر من التفكير في مواطن السودان.
{ وارتفاع الدولار المعلق كشماعة في تراجع مستمر، مما يعني أن المسببات الخاصة بـ(الإسبيرات) غير منطقية ولا مبررة، لأن جشع التجار قد وصل مرحلة بعيدة مما يتطلب أن يكون هناك حسم وحزم للسيطرة على السوق والحد من الفوضى التي ينتهجها بعض غائبي الضمير.
{ ينبغي أن يتم إعداد حلول جذرية وواضحة تعين المواطن على الترحال داخل العاصمة بسهولة ويسر، فمن العيب أن نتحدث في صفحات الصحف ونطالب بحل هذه الأزمة التي تعتبر من أولى الأولويات التي ينبغي على الولاية أن توفرها وتقنن الحراك فيها بصورة تحسب لها وتحسن الصورة المغلوطة عن الحكومة وعن منتسبيها، فثورات الغضب يمكن أن تنطلق من هذه التجمعات، ومن ثم فلن تفيد الرجاءات ولا الحسم القانوني لأن الفوضى ستضرب بأطنابها.
{ لا بد من التفكير في الحل والبحث عن الخلل سريعاً، إن كان الأمر خاصاً بالولاية أو اتحاد أصحاب الحافلات أو البصات أوغيرها، لأن المواطن لن يتفهم كل الحيثيات المطروحة وينحصر تفكيره فقط في الكيفية التي تعينه على الوصول إلى منزله بسلام.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية