أخبار

القطبيات!!

{ لا تذهب بعقلك بعيداً بالنظرة فقط للعنوان!! القطبيات في التاريخ الحديث هي جملة مواقف فكرية وثقافية شكلت مدرسة “سيد قطب” التي تنهض على أساس المجانبة والمفاصلة وفكر امتناع عن الآخرين.. وقد ذهب مفكر إسلامي مثل “طارق البشرى” لوصف فكر “سيد قطب” بأنه يميل لحفر الخنادق ويبني القلاع، على النقيض من فكر الإمام الشهيد “البنا” الذي يزرع أرضاً وينثر حباً ويسقي شجراً. بعيداً عن التاريخ وقراءة ما بين الرجلين فإن د. “قطبي المهدي” القيادي في حزب المؤتمر الوطني ظل يمارس علناً في وسائط الإعلام المجانبة والمفاصلة مع من هم بالقرب منه أو يفترض أن يظل “قطبي” قريباً منهم من قيادات حزبه ورموزه.
{ د. “قطبي” رجل المخابرات الوحيد الذي يتحدث جهراً ولا يتحسس من حوله من الآذان والأفواه.. بدأ الرجل معارضاً لاتفاقية نيفاشا يوم توقيعها.. مباغضاً الجنوبيين وينظر لصناع نيفاشا بعين الريبة والسخط أحياناً و(المكاجرة)، حتى تبدت صورة في ذهن المراقب بأن د. “قطبي المهدي”، القريب جداً من الرئيس “البشير”، بعيد جداً عن النائب الأول للرئيس، وبعيد جداً عن منهج التسويات والمصالحات ووقف الحرب ودرء الفتنة.. فأخذ د. “قطبي” على عاتقه تشجيع جيوب العنصرية البغيضة وكان مؤسساً لمنبر السلام وكاتباً راتباً في صحيفته حتى خيرته قيادة المؤتمر الوطني ما بين حوش د.”نافع” و”الطيب مصطفى”، فاختار الأول مسكناً والثاني منهجاً.
{ الأقوال المتناثرة لـ “قطبي المهدي” لا تحصى، منها قول طربت له المعارضة حتى رقصت (عشرة بلدي) حينما قال (المؤتمر الوطني دواء انتهت صلاحيته)، ولكن “قطبي” لم يقلع عن تناول الدواء وظل يحتفظ به في جيبه. ثم قال “قطبي” أمس الأول حينما تحدث بروفيسور “إبراهيم غندور” عن خلافة “البشير” ورجحان ميزان “علي عثمان محمد طه” في حال تمسك “البشير” بموقفه الرافض لإعادة الترشيح.. قال “قطبي” مناهضاً عقلانية “غندور” وواقعيته: إن خليفة “البشير” يجب أن يكون من خارج المؤتمر الوطني، طبعاً في حالة رجحان كفة “علي عثمان” أو كما فهم قطاع عريض من أهل السودان.
{ “قطبي” يفزع ويضرب (نقارة الخوف) داخل حيشان المؤتمر الوطني بطريقة ما يطلبه المعارضون أن تتشقق الأرض وتخرج الهوام و(يشتجر) الناس لمجموعات وتبدأ المزايدات، و”قطبي” يحذر ويرفض ولا يقدم رؤية تنهض على ساقين تجمع الشعب السوداني ولا تفرق بينه، تحقق تراضياً لمكونات الوطن ولا تميز على طريقة إعلان الدولة الخليجية بين فتاة بيضاء البشرة وأخرى داكنة غير مطلوبة لدعارة الدولة الخليجية.
{ إذا غاب “البشير” عن المشهد السياسي فالمؤتمر الوطني لن يبحث في أضابير الكتب والأرشيف السياسي عن قائد بديل، فالحزب على قيادته رئيس ونائب أول، والأخير استثمرت فيه الحركة الإسلامية شاباً في مقتبل العمر بجامعة الخرطوم، واستثمرت فيه سياسياً واقعياً يؤسس مشروعاتها الاقتصادية والاجتماعية، واستثمرت فيه كنائب أول وبديل للشيخ “حسن الترابي”، ولكن بعض من أولئك لا يريدون أن تستثمر الحركة الإسلامية في قيادتها الفكرية وعقلها كرئيس مرتقب، إذا تمسك “البشير” بموقفه، وهو موقف رجل دولة (عارف حسابو مضرب)، لكن “قطبي” يعزف في الفضاء البعيد بأغنية “لإبراهيم عوض” (من قساك.. مين قسى قلبك)؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية