"كُومرت" متضايق!!
{ ضاق صدر الرئيس “سلفا كير” بدعاة الحرب ومثيري الفتنة والمتربصين بالعلاقة بين الشمال والجنوب.. وبعد أن (جزّ) “سلفا كير” رؤوساً كبيرة في الجيش الشعبي وأحالهم للتقاعد، لا تزال هناك جيوب داخل حكومته (تعارض) أي تفاهم مع حكومة السودان. ووضع “سلفا كير ميارديت” إصبعه على الجرح حينما قال: (المعارضون للاتفاق من دعاة الحرب لا يتأثرون بالأوضاع الاقتصادية التي يعيشها الجنوبيون لأن هؤلاء أولادهم في الخارج).
{ ليس الجنوبيون وحدهم من دعاة الحرب (أولادهم) في الخارج، فالشمال أيضاً يفيض بالمعارضين لاتفاق التعاون من دعاة الحرب والمستفيدين من مناخاتها والمتاجرين بأرواح الناس البسطاء.. وهؤلاء أغلبهم من المتنفذين في السلطة بالجنوب والشمال ولهم قدرة على التأثير على الرأي العام بتأجيج مشاعر الكراهية بين شعب واحد، وحمل (مباخر) الفتنة باسم الدين أحياناً وباسم العروبة طوراً، وباسم الوطنية وحب النظام والتفاني في خدمته.. فالسيد رئيس جمهورية جنوب السودان نشأ في أحضان القوات المسلحة السودانية، ولا يزال يعدّ “البشير” قائده، وله أشواق في أركويت والحاج يوسف ووشائج رحم وذكريات، ولكن حوّله آخرون من (جنوبيي) الشتات والمنافي ومعسكرات اللاجئين.. هؤلاء ينظرون إلى الشمال بعين السخط التي تبدي المساويا.. ومصالحهم مع الغرب ولا يطيقون ذكر اسم الخرطوم ومدني.. وهذا التيار سيظل يقاوم التطبيع مع الخرطوم و(يتربص) بالاتفاقيات ويسعى لإجهاضها، وبذر الفتن ما ظهر منها وما بطن، وغير مستبعد أن يخطط هؤلاء لانقلاب عسكري، وأفريقيا لا تزال مريضة بداء الانقلابات ولم يكتب لها الشفاء بعد.
{ يحتاج الجنرال “سلفا كير” إلى تطمين قيادات شمال بحر الغزال بأن الانسحاب من (14 ميل) لا يعني التنازل عنها للشمال، وإنما ستخضع المنطقة لترسيم الحدود، فإذا ثبت أنها جزء من الشمال ستذهب برضاء الجميع، وإن ثبت أنها جزء من الجنوب سيعود إليها الجيش الشعبي.. ويحتاج “سلفا كير” الآن إلى دعم حقيقي من أخيه المشير “البشير” لتجاوز المرحلة الراهنة حتى تستوي علاقات البلدين على جادة الطريق.
{ في السودان كذلك دعاة حرب أصحاب ثروات مالية ويقطنون الأحياء الفخيمة، ولهم في مدينة النخيل بدولة الإمارات العربية المتحدة (أطيان) وعمارات سامقة، وأحواض سباحة مستوردة من الولايات المتحدة الأمريكية، وحسابات مصرفية في ماليزيا والصين، وتجارة رائجة بين البلدان.. هؤلاء يناهضون مبدأ التسويات مع دولة الجنوب، ويحرضون على الحرب والكراهية ويضربون طبول الخوف من التفاهم مع جوبا.. كل ذلك حرصاً على مصالحهم الخاصة وتجارتهم وصفقاتهم.. ولكن بئس التجارة والكسب حينما تصبح على حساب أرواح الناس ومعاناتهم.. وليس بالضرورة أن ينتمي دعاة الحرب في الشمال والجنوب إلى الحزبين الحاكمين، فالمؤتمر الوطني في الشمال المستفيدون من ظله هم ألدّ أعدائه وخصومه، والحركة الشعبية في الجنوب (قفز) إلى مفاصلها العليا من الجنوبيين من كانوا حتى الأمس القريب خصومها و(شائنو) حالها.. ولكنها المصالح التي تفعل فعلتها!!
{ “كُومرت سلفا”.. شكراً لضيق صدرك بدعاة الحرب ومعرفة مخططاتهم وتدابيرهم!!