الديوان

(المجهر) تقتحم العالم السري لفتيات (مسطولات)..!!

الملاحظ أن تعاطي المخدرات وشرب الخمر يمثلان الصورة الراسخة في أذهاننا، المحصورة في اللقطات والمشاهد التلفزيونية، ولم تبارح الشاشة البلورية من خلال الأعمال الدرامية حتى وقت قريب، إذ إن العادات السودانية تحرّم تطبيق تلك المشاهد على أرض الواقع بالنسبة للسيدات إن رضينا قهراً بالرجال. ولكن ما يدور الآن خلف الستار يؤكد أن البنات نافسن الرجال في التعاطي واحتساء الخمر بمبررات مختلفة، تشير إلى أن البلاد في طريقها إلى الانهيار الحقيقي الديني والأخلاقي.. (المجهر) حاولت الاستماع إليهن وكانت هذه المحصلة..

{ تقول “رؤى” (طالبة جامعية): حكايتي بدأت قبل عامين من خلال رغبتي في خوض التجربة بعد علاقة عاطفية فاشلة كادت أن تفقدني عقلي، فكان الحل في التعاطي اللذيذ الذي يمكنني من تجاوز تلك المحطة والاستمتاع بالحياة والرغبة في استمرارها، ومن حينها وأنا أتناول قرصين في اليوم ولا مانع من بعض (الأنفاس) إن وجدت ولا أسعى إليها.
وتضيف “سهام” ذات التسعة عشر عاماً، إن التعاطي عالم مختلف من (الخنقة) التي نعيشها ويفرضها الواقع علينا، فلابد أن نبحث عن مباهج نلقي فيها أحزاننا وهمومنا من خلال (الخرش) وهي مفردة تستخدم لمن يتعاطى (الحبوب)، ولعلمك فإن تأثيرها ينحصر في مناظر وردية ولا يؤثر على من حولك.
وترد “زينب” بانفعال: (إنتو بوليس مثلاً) وماذا تريدون منا بالضبط؟ ما نفعله يخصنا وحدنا طالما أننا ارتضينا ذلك، لأن حياتنا تخصنا ولا دخل لأحد بنا ليكون وصياً علينا. تلك التفاصيل احتفظ بها لنفسي، ولا تعليق لديّ، وأرجو أن تتفهموا ذلك جيداً.
أما “سناء” فنموذج للهدوء والوداعة رغم أن الشيطان قد سيطر عليها وعلى كل تفاصيل حياتها بشكل كبير.. وجدناها في مكان قصي تتعاطى ذات الحبوب وتملأ المكان بدخان سيجارتها، وتتمعن بعيون دامعة من حولها رغم أنها تعيش في عالم ثانٍ، وعند سؤالها عن البداية أجابت ببرود: (زماااااااااااااان) والحكاية ما خطيرة، لأن آلام الحياة قصمت ظهري وجعلت والدي يطردنا في الشارع في ليلة باردة من أجل رغبة دنيوية، فكانت (كلاب السكك) لنا بالمرصاد وجعلتنا في الوضع الذي ترين.
وتشير “ماجدة” بنت الثلاثين عاماً إلى أن تعاملها مع المخدرات والخمور يتم في منزلها عن طريق أحد الموزعين، وهو (سائق ركشة)، وقالت إنها تغلق أبواب غرفتها عليها وتستمر حتى الفجر في ذاك العبث الشيطاني، خاصة وأن والدها في حالة سفر على مدار السنة، ووالدتها مشغولة بأمور دنيوية، وأخوتها غائبون ربما في ذات الدرب.
وبينت “ندى” أن (الشلة) تجتمع في مكان ما بعد دفع (الشيرنق)، ويتم الاحتفال أسبوعياً ويستمر الحفل حتى صباح اليوم التالي. وقالت إن البداية كانت في أحد الأيام عندما ذهبت إلى حفل عيد ميلاد صديقتها، وطُلب منها أن تجرب المطروح لـ(الفرفشة)، وأتبع ذلك حفلة أخرى حتى أصبح التعاطي كل يومين ثم يومياً.
“ريم” تبدو مختلفة بعض الشيء، لكنها تمارس ذات النهج مع زميلاتها، وأوضحت أن التعاطي (موضة) قررت مجاراتها طالما أنها أصبحت الجامع الرئيس لكل (الشلة) في الجامعة وخارجها، خاصة وأن والدتها متوفاة ووالدها مشغول بالسوق وإدارة الشركات والعمل التجاري، مما سهل عليها الأمر.
ورأي الدين في ذلك واضح وصريح، إذ يقول الشيخ “محمد الغزالي”: (من السخف تصور أن الشارع يحرّم الخمور ويترك مواد أخرى أشد ضراوة وأعظم فتكاً، وإذا كان أئمة الفقه الأقدمون لم يذكروا الحشيش والأفيون فلأن بيئاتهم لم تعرفه.. ولما ظهرت بعض المخدرات أيام “ابن تيمية” عدها لفوره من الخمور، وفي أيامنا هذه ظهرت عقاقير أخرى كالكوكايين والماريجوانا وغيرهما، تغتال العقول، وتهلك المدمن وتستأصل إنسانيته.. وفي الحديث الشريف يقول النبي- صلى الله عليه وسلم- (كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام)، ويقول في حديث آخر: (إن من العنب خمراً، وإن من التمر خمراً، وأن من العسل خمراً، وأن من البر خمراً، وإن من الشعير خمراً، وأنهاكم عن كل مسكر).
وظاهر الحديث أنه يسوق نماذج، ثم يذكر القاعدة العامة، ونحن لا نهتم بالأسماء ولا بالمصادر، وإنما نهتم بالتشخيص العلمي للأشربة والعقاقير، فما ثبت تغييبه للعقل، أو ما أفقد المرء اتزانه الفكري، فهو محرم بيقين.. والقرآن الكريم دستور الإسلام ومصدر التشريع.. يقول الله تعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ) أي ائتمروا بأمره. ويأمرنا الرسول- صلى الله عليه وسلم- بأن كل مسكر حرام، ومن هنا علينا أن نأتمر بأمره دون أي جدال أو تردد.
والخمر هي ما خامر العقل، والمخدرات هي ما يخامر العقل أيضاً، وأنه- صلى الله عليه وسلم- قد أعطى لولي الأمر الحق في تأديب مجتمعه، فيما يناسبه في حينه.. فجيل كان في عهد الخلفاء الراشدين يكفيه الجلد للتأديب، ولكن لن يكفي جيل من بعده الجلد والسجن، وهكذا دواليك حتى ارتفعت العقوبة في بعض الدول إلى الإعدام).
وغير ذلك الكثير مما ورد عن العلماء القدامى والمعاصرين في تحريم المخدرات بأنواعها، وقد اكتفيت بذكر القليل منها خشية الإطالة في أمر لا خلاف فيه.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية