تقارير

الدكتور "نافع" من السويد الي المركز العام .. صعود نجم الرجل القوي في سماء الخرطوم

يرتفع حاجبك بالدهشة إذا وجدت مساعد الرئيس “نافع علي نافع” وسط أهله وعشيرته عند زيارته وتفقده لأحد المرضى بأحد مستشفيات – ممن تربطه صلة الرحم والدم به – والسبب في ذلك أن رجل الإنقاذ القوي الذي يناصب الأحزاب السياسية المعارضة حالة العداء، تجده هاشاً ويستمع إلى نقد أسرته للأوضاع الطبية من دون أن يبادلهم الكلمة بالكلمة، ينصت إليهم ويحاول أن يهدئ من روعهم وقلقهم بعد أن يخلع زيه الرسمي.
والدكتور “نافع” الذي يشرب لبن الابل ويستقوي به على الأمراض السياسية، صار من الشخصيات التي تخلق جدلاً واسعاً وسط قواعد الأحزاب بعباراته التي يستلهمها من دون عناء، مفرداته التي تشكلت منذ مولده في العام 1948م بقرية ( تميد النافعاب- جنوب شرق مدينة شندي) قبل أن يتلقى تعليمه الابتدائي والمتوسط بمدينة شندي، ثم انتقل بعدها إلى مدرسة (وادي سيدنا الثانوية)، ويتخرج في (جامعة الخرطوم) كلية الزراعة بعد قبوله كطالب نابغ في العام 1971م، ثم ابتعاثه منها لنيل درجة الدكتوراه في علم الوراثة من (جامعة كاليفورنيا) بالولايات المتحدة الأميركية التي عاد منها عام 1980م ليعمل أستاذاً في جامعة الخرطوم. تزوج “نافع” قبل حلول عقده الثلاثين، ويحرص على أن يكون أفراد أسرته من الملتزمين بتعاليم الدين والمدافعين عن قيمه، وفي شهر رمضان يكون “نافع” ضمن المترددين على مسجد “السيدة سنهوري” في منطقة (المنشية)، ويحكي أحد المعارضين لـ(المجهر) إن اثنين من كوادر (المؤتمر الشعبي) استوقفا دكتور “نافع” في العام 2004م عقب اعتقال الأمين العام للمؤتمر الشعبي الشيخ “حسن الترابي”، ودخلا معه في ملاسنة، وحاول أحد أفراد حماية “نافع” التدخل، لكنه أشار إليه قبل أن يرد عليهما ويغادر بسيارته.
ولا تكاد مجالس الصحفيين تخلو من مواقف طريفة لهم مع “نافع”، إذ أن سخريته اللاذعة تجذب إليه التساؤلات، وتحكي الزميلة الأستاذة  “فاطمة الصادق” أنها سألت يوماً “نافع” عن انتشار المد الشيعي في السودان، لكنه لم يرد عليها حتى انتهاء المؤتمر الصحفي، وعندما ركب “نافع” عربته أنزل زجاج النافذة ورد عليها بالقول: (يعني خلاص كملتي السُنة يا “فاطمة”، عايزة تسألي عن الشيعة).
وفي مؤتمر صحفي آخر أشاد الدكتور “نافع” برئيس مجلس إدارة صحيفة (المجهر السياسي) الأستاذ “الهندي عز الدين” بعد توقيع بعض الأحزاب على وثيقة (الفجر الجديد) مع الجبهة الثورية، وكان من المعلوم أن الأستاذ “الهندي” قد وجه للرجل انتقادات حول بعض القضايا السياسية.

عُين “نافع” مديراً لجهاز الأمن العام مع قيام ثورة الإنقاذ لخلفيته الدقيقة في المعلومات ورصدها وتحليلها، قبل أن يعفى من منصبه بعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس المصري السابق “محمد حسني مبارك” بالعاصمة الإثيوبية عام 1995م، كما عُين وزيراً للزراعة والغابات، ثم مستشاراً لرئيس الجمهورية للسلام، ثم وزيراً لديوان الحكم الاتحادي، قبل أن يصبح مؤخراً مساعداً لرئيس الجمهورية ونائباً لرئيس المؤتمر الوطني لشؤون الحزب.
وفي اطار استعدادات المؤتمر الوطني لعقد مؤتمره العام المقبل واختيار خليفة للبشير أو الإبقاء عليه كمرشح رئاسي، بدت ملامح التلميع أو التغيير داخل الطاقم التنظيمي القيادي في الحركة الاسلامية تعطي انطباع ضرورات المرحلة المقبلة، وفي مفاجأة من العيار الثقيل ظهر اسم الفريق أول “بكري حسن صالح” كنائب للأمين العام للحركة الإسلامية “الزبير احمد الحسن”، وفي ظل وجود القيادة العليا التي يرأسها الرئيس “عمر البشير”، هنا كان البروفيسور “إبراهيم احمد عمر” يقول للصحفيين اكتبوا بـ(البونط) العريض (البشير رئيساً للقيادة العليا للحركة الإسلامية)، والمتتبع لحالة الإحلال والابدال داخل قيادات الدولة – بسيطرة المؤتمر الوطني وأجهزة الحركة الإسلامية – لا يكاد يغفل اسم الدكتور “نافع علي نافع”، في ظل معادلة جديدة لاستمرار حاكمية التنظيم وفرض هيبة القوات النظامية وتحاشي تكرار سيناريو الرئيس المصري “جمال عبد الناصر” مع جماعة الإخوان المسلمين، يبدو أن إخوان السودان يستفيدون من التاريخ ويتعظون به، قد يكون الرئيس القادم الفريق أول “بكري” الذي يتمتع بولاء القوات المسلحة وسيطرته على قيادة الحركة، ونائبه هو الدكتور “نافع علي نافع” وقد تظهر احتمالات أخرى مع اقتراب شهر نوفمبر المقبل، ودعوة الرئيس “البشير” للأحزاب للاستعداد المبكر للانتخابات المقبلة.
لكن السياسي المثير للجدل وصاحب الخبرة القانونية “غازي سليمان” يرى خلاف ذلك، ويقول لـ(المجهر): (لا يمكن أن يكون هنالك رئيس قادم للسودان إلا بتأييد القوات المسلحة وشخص لا يحمل في يده البندقية لا يمكن أن يكون رئيساً للبلاد في المرحلة المقبلة).
وأضاف “غازي” عبر الهاتف: (لا اعتقد أن المؤتمر الوطني هو الحاكم للبلاد، ويحكمها الرئيس المشير “عمر البشير” بانتمائه للقوات المسلحة).

ومنذ مطلع شهر يناير الماضي قام الدكتور “نافع” بجولات أوربية وافريقية إلى بلدان عديدة وحتى عودته للبلاد في اليوم الثاني من فبراير، مع تزامن لجولات داخلية لبعض المدن التي توعد من خلالها المعارضة بالوعيد.

قال سفير السويد لدى الخرطوم “جان سادك” عقب لقائه “د. نافع” بمكتبه في القصر الجمهوري، إن زيارة مساعد رئيس الجمهورية ستتطرق لموضوعات السلام مع دولة جنوب السودان وأبيي والبترول وقضية الحوار في جنوب كردفان والنيل الأزرق، بجانب الحوار بين أوروبا والعالم الإسلامي في ظل ثورات الربيع العربي، إضافةً إلى القضايا الاقتصادية بين البلدين. وأكد السفير السويدي اهتمام بلاده بهذه الزيارة باعتبارها أرفع زيارة لمسؤول سوداني إلى السويد في السنوات الأخيرة. ويشتمل برنامج زيارة “د. نافع” على لقاءات مع الفعاليات السياسية وبعض منظمات المجتمع المدني والقوى السياسية.
إلى ذلك، وصف “سامي فيصل السيد” مسؤول أوروبا والأمريكيتين بالمؤتمر الوطني، الزيارة بالمهمة، وقال إن الزيارة تعتبر فرصة مناسبة لعكس وجهة نظر الوطني في كثير من القضايا التي تهم الطرفين.
من خلال تصريحات السفير التي تشير إلى اهتمام “نافع” بالملف الخارجي وعكس القضايا الداخلية، وذلك مؤشر لدور مهم يضطلع به خريج كلية الزراعة الذي يضع البذور وينتظر ثمار حصاده الطويل لحزبه.
يقول “نافع” بعد عودته للخرطوم، إن الجولة الأوربية كانت ناجحة، وستفتح صفحة جديدة لمسار علاقات السودان في مجالات عدة.
 
واعتبر “د.نافع” أن الجولة تمثل انطلاقة حقيقية للعلاقات مع الاتحاد الأوروبي.
 
بعد أن اشتملت على لقاءات رسمية وغير رسمية شملت وزارة الخارجية والتعاون الدولي والتجارة والاستثمار، كما تطرّقت لمسار العلاقات الثنائية وكيفية تطويرها، بجانب تطوير العلاقات الاقتصادية.
 
وأضاف “نافع” أن الوفد بحث مع القيادات الرسمية والشعبية مسار العلاقات الدولية ومهددات هذه العلاقة وضرورة النظر إليها نظرة استراتيجية عميقة تتناول جذور القضايا الإقليمية والدولية والمشكلات التي تعترض مسار هذه العلاقات في النهوض بها لصالح الشعوب في المنطقة.
 
ورأى أن اللقاءات اشتملت على حوارات شاملة مع منظَّمات العمل الطوعي العاملة بالسودان وخاصة السويدية وآليات تسهيل مهامهم بفتح الطرق وتطوير العلاقات في مختلف الجوانب الإنسانية والطوعية، بالإضافة إلى لقاءات مع القوى السياسية المختلفة في البلدين وبعض مراكز البحوث والدراسات.
 ولم تغفل وسائل الإعلام كذلك الجولة الإفريقية لمساعد الرئيس “د. نافع علي نافع” – نائب رئيس المؤتمر الوطني –  في إطار تحركات الحكومة لشرح اتفاق التعاون الأخير مع دولة الجنوب، وقام مساعد الرئيس “نافع علي نافع” بجولة أخرى لخمس دول بالقارة الإفريقية وتأتي هذه الجولات عقب قمَّة “البشير” و”سلفا” في الخامس من يناير الماضي.

وترى الأحزاب السياسية المعارضة في جولات “نافع” الإفريقية والأوربية الكثيفة بأنها محاولة لتلميع الرجل لشغل منصب سياسي رفيع جداً في الدولة، ويقول رئيس اللجنة الإعلامية لقوى الإجماع الوطني – يمثل أحزاب المعارضة – كمال عمر لـ(المجهر): (هذا التلميع لـ”نافع” إذا كان للرئاسة القادمة، فتلك كارثة بالنسبة لنا لأن التلميع والترويج له خارجياً وفي داخل السودان نحن بغاث طير وتحت مركوبه ونلحس كوعنا، لابد في هذا التلميع أن يكون هنالك إصلاح لذات البين مابين “نافع” والمعارضة وتركه لمثل هذه اللغة).
وأشار “كمال” إلى أن جولات “نافع” الخارجية صارت غير طبيعية لطبيعة إمساكه بالملفات الداخلية، لكنه نبه إلى أنه لا يعتقد بأنه سيكون بديلاً للرئيس “عمر البشير”.
وطالب “كمال عمر” باسم الأحزاب السياسية المعارضة الحكومة بتقديم رؤية جديدة لحل أزمات السودان ومشاكل الحروب في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. وقال رئيس اللجنة الإعلامية لتحالف قوى الإجماع الوطني “كمال عمر” لـ(المجهر)، إن الحكومة مطالبة بتقديم رؤية جديدة للخروج من حالة الاحتقان للأزمات السياسية في البلاد، وأضاف بالقول: (لن نشارك في انتخابات بالنظم الموجودة حالياً، ولا يمكن أن نشارك في الانتخابات المقبلة وهذه الحكومة تسيطر على الإعلام وعمل المفوضيات، ولدينا مشاكل معها حول طرق التصويت، ولدينا موقف بأننا لن نشارك ولا نضمن نزاهة العملية الانتخابية). وأشار “كمال” إلى أن إعداد الدستور الدائم للبلاد عبارة عن عملية شاملة تحتاج إلى مؤسسات دولة محايدة، وزاد بالقول: (لابد من وضع انتقالي كامل لأنه الوسيلة الوحيدة للحديث حول الانتخابات والدستور، ومن دون ذلك ليست هنالك طريقة للحل).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية