الخرطوم – فائز عبد الله
ظل وفد الحكومة والحركة الشعبية جناح “مالك عقار” في صراع متواصل حول ملف الترتيبات الأمنية، واستقرت الجهود التي تمت في هذا الإطار من خلال المفاوضات التي تحتضنها عاصمة جنوب السودان “جوبا” على التوقيع بالأحراف الأولى على مسودة اتفاق، أعقبها التوقيع على ملف دمج وتأهيل قوات الجبهة الثورية في جيش قومي. وتُعد هذه المطالب ضمن أجندات حركة “عقار” على الرغم من رفض الحركة الشعبية التي يقودها “عبد العزيز الحلو” لهذه الاتفاقيات، وعدم الاعتراف بها كونه ينادي بتضمين الوضع الإنساني والترتيبات الأمنية؛ بحجة أن لديه قوات على أرض الواقع، بينما يتوقع محللون سياسيون أن تمسُّك “مالك عقار” والحركات بالإسراع في توقيع الاتفاق خاصة الترتيبات الأمنية يأتي لتنفيذ مطامعهم الشخصية والحصول على أموال من الدولة وبدء الجلسات الخاصة بالترتيبات الأمنية للمنطقتين لاستكمال ما تبقى منها تمهيداً للتوقيع النهائي. ووصفت قيادات بالجبهة الثورية خطوة التوقيع على ملف الترتيبات الأمنية بالصعبة، لكن يمكن تجاوزها بالإرادة والعزيمة لدى الأطراف، وستكون العبور لملف الترتيبات الأمنية وإكمال بقية القضايا.
ترتيبات نموذجية
وأمس (الاثنين) أعلن وزير الدفاع الفريق أول ركن “جمال الدين عمر” التزامهم بالانتهاء من ملف الترتيبات الأمنية بينهم والحركة الشعبية شمال بقيادة “مالك عقار” في الموعد المحدد له. وتوقع أن يكون ملف الترتيبات الأمنية مع الجيش الشعبي نموذجاً لبقية حركات الكفاح المسلح وللحركة الشعبية شمال بقيادة “عبد العزيز الحلو”، وحركة جيش تحرير السودان بقيادة “عبدالواحد محمد نور” مستقبلاً. وقطع بأن الطرفين تعهدا بالعمل بذات الروح والعزيمة التي أنجزوا بها الملفات الأخرى حرصاً على تحقيق السلام الشامل في البلاد.
جيش قومي موحد ..
الفريق أول “جمال عمر” أكد عقب جلسة الترتيبات الأمنية بين الحكومة والحركة الشعبية شمال بقيادة “مالك عقار” سعيهم للوصول لجيش قومي موحد بعيداً عن الانتماءات السياسية، مبيناً أنهم يعملون على أن يكون الجيش الذي يقود البلاد في المرحلة المقبلة يمثل كل السودان ويحمي حدوده، ويشكل درعاً آمناً للبلاد. وتعهد بالسعي لاستكمال المفاوضات رغم الظروف الصحية التي يعاني منها العالم بسبب فيروس (كورونا). وأكد أنهم التزموا بتقليص الوفود المفاوضة تنفيذاً لموجهات وإرشادات حكومة جنوب السودان ممثلة في وزارة الصحة التي منعت التجمعات تحسباً لدخول المرض. ووصف “عمر” ملف الترتيبات الأمنية بالمهم. وأضاف: (لابد أن نجري ترتيبات أمنية محكمة تخاطب المشكلة من جذورها وتعالجها).
ويبدو أن انتشار فيروس (كورونا) حول العالم لن يلقي بظلاله على المفاوضات، فقد أعلنت الوساطة الجنوبية عدم السماح لـ(كورونا) بإيقاف مفاوضات السلام بين الحكومة والجبهة الثورية بجوبا. وأكدت الالتزام بالموجهات والإرشادات التي أصدرتها وزارة الصحة بجنوب السودان.
وقال نائب رئيس فريق الوساطة من جنوب السودان الدكتور “ضيو مطوك” أمس: (حاولنا التعامل مع الإرشادات وتوجيهات وزارة الصحة بشأن التجمعات). وأشار إلى أنه تم تقليص الوفود المشاركة في الجلسات بجانب ابتداع طريقة جديدة للتصريحات الإعلامية).
الدخول إلى بحث الترتيبات
وقال “مطوك” أمس، انهم بدأوا الجلسات الخاصة بالترتيبات الأمنية للمنطقتين لاستكمال ما تبقى منها تمهيداً للتوقيع النهائي. ووصف المفاوضات بالصعبة التي تحتاج لفترة. وأضاف: (لكن الإرادة والعزيمة لدى الأطراف ستمكن من العبور بالملف وإكماله). وأضاف: (لا نريد رفع المفاوضات لأن المزاج العام في السودان للسلام، وأعلن الالتزام بالجدول والزمن المضروب للتوقيع). وزاد: (ألزمنا الوفود بالبقاء في أماكنهم وتسليم الأوراق ومن ثم التباحث حولها). وأعلن “مطوك” تقديم مسار دارفور لورقته للترتيبات الأمنية والحكومة ردت عليها. وأوضح أن مسار دارفور طلب وقتاً للرد على رد الحكومة. وأضاف: (سنعطي فرصة للأطراف للنقاش والردود، وبعدها نستلم الأوراق، وندخل في الحوار المباشر). وأشار إلى أنهم ينتظرون رد مسار دارفور للترتيب لجلسة مباشرة بين الطرفين).
عدم تفاؤل
وقال خبراء سياسيون تحدثوا لـ(المجهر) إن السلام في منبر جوبا لن يصل إلى معالجة القضايا المصيرية، خاصة في المسارات التي تم تقسيمها دارفور، الشرق، الوسط والغرب. وأشاروا إلى أن الوباء لن يكون سبباً في التأجيل، وليس له علاقة، كما أعلنت حكومة جوبا عن استمرارية التفاوض.
وقال أستاذ العلوم السياسية “إبراهيم عبد الحكيم” إن منبر جوبا لن يصل بالأطراف إلى تفاوض أو سلام نسبة لتعدد المسارات. وأضاف أن مكونات الجبهة الثورية والحركات أصبحت لديهم أطماع كثيرة وكبيرة جداً خاصة في الخدمة المدنية والسلطة. وأضاف أن تأجيل المفاوضات لن يخدم أطراف التفاوض، بل يزيد من تعقيد الحلول سواء كانت الأسباب (الكورونا) أو اختلاف وجهات النظر.
سعي وراء الأموال
وقطع المحلل السياسي، السفير السابق “الرشيد أبو شامة” بأن توقيع اتفاق بين وفد الحكومة والجبهة الثورية فصيل “مالك عقار” لن يعالج الوضع. وزاد أن (“مالك عقار” و”عرمان” والحركات المسلحة ليس لهم وجود، ويسعون الى انتهاز الفرصة للكسب السياسي للمحاصصات والمبالغ المالية فقط).
وقال إن مطالبهم بجيش موحد هي أطماع. وطالب بضرورة وعي وفد التفاوض الحكومي في جوبا بمخاطر هذه الخطوة. وأشار إلى أن هنالك أطرافاً رافضة لهذا التفاوض مثل “الحلو وعبد الواحد محمد نور”. وأوضح أن هؤلاء أعلنوا رفضهم لمطلب السلام، دون تحقيق مطالبهم. وزاد: (إن “الحلو” لديه وجود في مناطقة وتأثير كبير).
فرصة سانحة
لكن ربما تختلف الرؤية لدى هؤلاء مع رؤية الفاعلين الحقيقيين لانتهاز فرصة منبر جوبا لتحقيق السلام في السودان، فقد قال نائب رئيس الحركة الشعبية “ياسر عرمان”، في تصريحات صحفية أمس، إن الفرصة سانحة الآن لتحقيق السلام كأحد أركان الثورة، وأن الحركة لن تفوت هذه الفرصة. وأضاف: (لن يكون هنالك معالجة لإزالة التمكين أو إصلاح مستوى المعيشة، والعلاقات الخارجية، وإقامة نظام ديمقراطي دون العمود الفقري وهو السلام).