لا أدري ما الذي يمكن أن تتوصل إليه التحقيقات النهائية للجهات المختصة في ما يتصل بالحادثة التي تعرض لها موكب الدكتور “عبد الله حمدوك” رئيس مجلس الوزراء الانتقالي أسفل كبري كوبر في صباح أمس الأول (الاثنين)، ولكن إن صحت الأنباء التي تناقلها البعض، ورددتها بعض المصادر الداخلية والخارجية عن وجود عملية إرهابية منظمة تم التخطيط لها بدقة استهدفت اغتيال الدكتور “حمدوك” عبر إحداث انفجارات استهدفت موكبه بجانب إطلاق نار عليه، كما ورد في حديث الناطق الرسمي لمجلس الوزراء ووزير الإعلام “فيصل محمد صالح” فإن البلاد، وإن صح هذا الاتجاه بوجود هذه العملية الإرهابية التي نفذتها جهة ما، فإن البلاد بالفعل تكون قد دخلت مرحلة جديدة وخطيرة علي نحو ليس له مثيل في تاريخها السياسي، إذ لم يحدث مطلقاً وطوال تاريخ السودان منذ استقلاله في الأول من يناير من العام 1956م مروراً بجميع الحقب السياسية العسكرية منها وتلك التي حاولت ترسيخ الممارسة الديمقراطية في الحكم .. أن حدث مثل هذا الحادث المؤسف، بل ظلت صفحة التعاطي السياسي في هذا البلد بيضاء ناصعة من حوادث الاغتيالات الحمراء بقبحها وقسوتها، وقد ضرب الرعيل الأول من سياسيي بلادنا مثالاً رائعاً في الممارسة النظيفة الخالية حتى من خصومات السياسيين المعروفة في كل أنحاء العالم حتى في دوله التي تمثل ما يسمي بالعالم الأول، فهنا في هذا البلد المتسامح كان السياسيون يعتركون داخل قبة البرلمان بشدة، وعلي نحو يتراءى لمن يشهده بأنه يحدث بين أعداء لا يكنون لبعضهم البعض سوى القسوة والكراهية، ولكن وما إن يدق جرس الجلسة حتى تجد هؤلاء جميعهم، وقد بدأوا في تبادل النكات والطرف، بل إن بعضهم يذكر في تلك اللحظات الآخرين بمناسبة زواج ابنه أو كرامة والدته العائدة من أرض الحجاز، بل يحكي بعضهم عن الزعيم “الأزهري” أنه قد تعارك في جلسة ساخنة مع أحد أصدقائه في المعارضة عراكاً شديدا اهتزت له قاعة البرلمان، إلا أن الزعيم لم يجد غير صديقه هذا عقب الجلسة ليطلب منه (سلفة) (2) جنيه لمصاريف أولاده، ومضى الرجلان بعدها في دهاليز البرلمان، والرجل يقول مازحاً لصديقه “الأزهري”: (بالله انت رئيس وزراء انت؟.. رئيس وزراء وما عندك (2) جنيه، وكمان تشاكلنا كل الشكل ده؟)، وتتعالى الضحكات الزاهيات ليسجلها التاريخ بكل لطفها عظمة وريادة ونزاهة .. هذا هو تاريخنا الذي يريد البعض ــ (وإن صدق ما ذهبت إليه تقارير وتحقيقات تلك المصادر والجهات) ــ تدميره، والقضاء عليه بهدف إدخال هذا البلد في دائرة العنف والاقتتال، وهو ما يجب أن يعلن الجميع دونما استثناء رفضهم له وتنديدهم الشديد به، ومن ثم العمل الجاد على منعه والقضاء عليه عبر جميع الوسائل السلمية مع فتح مسارات التحاور الوطني مع كل القوى السياسية والمجتمعية، بهدف بسط لغة الحوار الصادق المحقق لأمن هذا البلد واستقراره.
اشترك بالنشرة البريدية ليصلك كل جديد
مقالات ذات صلة
اللهم أحفظ السودان .. !!
2021-06-12
شاهد أيضاً
إغلاق
-
اللهم أحفظ السودان .. !!2021-06-12