رأي

عجباً للسيد “الصادق المهدي”!

عجباً يميت القلب ويجلب الهم والأسى، وهو يطالب بتسليم “البشير” لمحكمة الجنايات الدولية، والسيد “الصادق” بطلبه هذا يطعن القضاة السودانيين بطعنة ظالمة مسمومة في كفاءتهم ونزاهتهم، وهم المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والحكمة في نشر العدل وعدم محاباة الأقارب، أو الخضوع لهوى الحكام كما يفعل بعض القضاة في كثير من الدول التي حولنا.
المحكمة الجنائية الدولية
كان الأجدر أن تسمى المحكمة الجنائية الأفريقية والدول المستضعفة، هذه المحكمة معظمهم قضاتها كفار فهم لا يراعون عدلاً ولا إلا ولا ذمة في مسلم، وكأنما أنشئت لمحاكمة الرؤساء الأفارقة ورؤساء الدول المستضعفة، ولو كانت عادلة لحققت في جرائم “صبرا وشاتيلا” ودمار الفلسطينيين التي تراق يومياً، ولو كان لها ضمير عدل لحققت في قتل وتدمير وتشريد الشعب السوري بواسطة القنابل والبراميل المتفجرة الروسية، ولو كانت لها إحساس عدل لحققت في إهدار وضرب السيادة العراقية عندما أقلعت الطائرات الأمريكية من داخل العراق وقتلت قائداً إيرانياً مرموقاً وبصحبته قادة عراقيين في محيط مطار بغداد.
هذه المحكمة لا تستطيع أن تستدعي قادة أمريكيين أو روساً أو إسرائيليين مهما قتلوا أو دمروا وأبادوا إبادات جماعية لأنهم في نظر المحكمة فوق القانون.. أيها السادة: نرجو ألا تمرغوا عزة وكرامة السودانيين بالتراب، وذلك بتسليم سودانياً واحداً لتلك المحكمة التي تؤمن بالخيار والفقوس بين الشعوب فالأحكام داخل السودان وإن كانت قاسية أفضل وأكرم من الأحكام داخل الجنائية وإن كانت يسيرة.
أيها السادة: نرجو ألا يسجل التاريخ بأنكم تسببتم أن يوصف السودان بالصغار والقماءة في نظر شعوب العالم رضوخاً لطلب جماعات مسلحة مشحونة بالحقد وعقدة الدونية، وهم لا يعلمون أن معظم الشعب السوداني يؤمن إيماناً راسخاً كالجبال بأقوال الرسول صلى الله عليه وسلم التي تناطح الثريا ألقاً وعظمة (كلم لآدم وآدم من تراب).. (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ).
You all Belong to Adam and Adam from earth)
The most honorable one of you is the most righteous.
أسباب مجيء الإنقاذ!
لقد شابت فترة ما قبل الإنقاذ مساوئ ضخمة وأحداث جلل، جعلت الناس يفقدون الثقة في النظام الديمقراطي وفي الحكومة برئاسة السيد “الصادق المهدي” وأول تلك الأحداث هي:
الجرائم المتلاحقة التي طالت القوات المسلحة السودانية بالجنوب مرة تلو أخرى، وذلك لقلة العدة والعتاد ونقص الغذاء والإمداد ووسائل الانتقال والإهمال، فقتل منهم المئات وأسر الآلاف، وصار الجنود السودانيون بالرغم من شجاعتهم عرضة للتهكم والسخرية من بعض فئات الشعب السوداني وذلك بقولهم (هسع أوديك الجكو).
والحدث الجلل الثاني: هو الانفلات الأمني داخل العاصمة والطرق القومية بين الولايات، فكان اللصوص يقتحمون المنازل ليلاً ويوقظون صاحب المنزل من النوم ويشهرون السلاح في وجهه ويأمرونه بإعطائهم مفاتيح الدولاب أو الخزنة ويأخذون الذهب والمال والملابس وفي الصباح الباكر يعرضون الملابس والأجهزة للبيع بالقرب من جامع الخرطوم الكبير والحكومة في سبات لا تحرك ساكناً.
وفي الطرق القومية كانت العصابات المسلحة توقف اللواري والبصات وتأمر الركاب بالنزول ويتم تفتيشهم وأخذ ما قل وزنه وعلا ثمنه، وفي مرة من المرات سأل أحد الركاب زعيم العصابة ألا تخشون الله يا جماعة؟ فقال الزعيم (الله تركناه لينا زمن) كل هذا والحكومة تغط في نوم كنوم أهل الكف.
وفي تلك الفترة حل السيد “الصادق” الحكومة مرتين، مرة لإخراج أفضل وزير فيها وهو السيد “محمد يوسف أبو حريرة” وفي المرة الثانية حل الحكومة مكايدة للجبهة الإسلامية القومية وإخراجها من الحكم، وكان في كل مرة يدخل في مفاوضات مكوكية مضنية مع السيد “محمد عثمان الميرغني” تستمر شهراً وشهرين لتشكيل الحكومة الجديدة.. وكان السيد “الصادق” يفيض في خطاباته من خلال التلفاز حتى سماه الناس (أبو كلام) وكانت بعض النساء يقلن عندما يطل من التلفاز (ووب علينا جانا الراجل أب كلاماً كثير).
هزائم متلاحقة في الجنوب وإهمال للجيش وانفلات أمني في العاصمة والولايات.. وحلول كيدية للحكومات، وخطابات مطولة في التلفاز لا تقدم ولا تؤخر أدت جميعها لقيام انقلاب الإنقاذ.
ويرحب الشعب السوداني بالإنقاذ وملأت هتافاته الآفاق، (سير سير يا بشير) فالمنطق يقول والعقل يقول إن السيد “الصادق” هو المسؤول الأول والأخير في انقلاب الإنقاذ.
فيا عجباً للسيد “الصادق” يطالب بتسليم “البشير” للجنائية وابنه من صلبه كان مساعداً لـ”البشير” لآخر يوم في حكمه وشاركه بالرأي في المحاسن والمساوئ.
وعدد من أتباع السيد “الصادق” كانوا ولاة ووزراء في عهد “البشير” أيضاً. فيا عجباً يجلب الهم والأسى ويعقب الندم والسوم.

علي عبد الرازق عبد الرحمن
معلم

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية