ربع مقال

نيويورك .. هل فشل “حمدوك” ؟!!

د. خالد حسن لقمان

.. لا اعتقد مطلقاً أن كلمة فشل هي الكلمة المناسبة لتوصم بها مشاركة الدكتور “عبد الله حمدوك” – رئيس مجلس الوزراء الانتقالي ووفده المرافق له في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الرابعة والسبعين والتي انعقدت أخيراً بنيويورك بالولايات المتحدة ..  ولعله من العبث أن يلجأ البعض لمثل هذه التوصيفات غير الحميدة على الأقل في هذا الوقت الذي أقل ما يمكن أن نقول عنه إنه حرج ودقيق ويحتاج لحس وطني غالب يتجاوز الصراعات بمواقفها والخصومات بتاريخها ومراراتها، وأياً ما كان هذا الرجل بالنسبة للبعض فهو الآن رئيس الجهاز التنفيذي الانتقالي للدولة السودانية التي تتطلع لواقع جديد في الممارسة السياسية عبر أسس ديمقراطية سليمة تفضي إلى ممارسة معافاة للسُلطة وفشله لن يصيبه فقط بقدر ما إنه سيعقد المشهد برمته ويؤخر هذا التحول المنتظر ولكن بالمقابل يجب أن يحذر الدكتور “حمدوك” وفريقه من وضع نفسه في موقف الفشل من خلال إطلاق الوعود المبالغ فيها للحد الذي لا يتناسب مع موضوعيات ما يعد به وإذا أخذنا مثالاً لما حدث أخيراً من جولة خارجية أعلنت للرجل تبدأ من فرنسا لتمتد لدول أخرى مروراً بنيويورك والمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة .. نجد أن زيارة فرنسا التي تحدث عنها وبآمال كبيرة وعريضة “حمدوك” نفسه وعدد من مساعديه والإعلام اللصيق به والذي يحاول خدمته لم تتحقق .. وهنا ستكون كلمة فشل هي الأقرب لمفردات ومقاييس الإعلام الذي لا يعنيه التفاصيل التي أدت لهذا الإلغاء بقدر ما يهمه فقط خبر : أنها فشلت .. تماماً مثل منطق (تسقط بس) وقس على ذلك مشهد نيويورك الذي لم يستطع فيه “حمدوك” مقابلة كبار قادة العالم، بل إن كلمته سمعها العالم من على دسك الكلمات الرسمية للوفود بعد أيام من كلمات الكبار الذين من بينهم “دونالد ترمب” الذي أبدت بلاده شغفاً كبيراً بتفاصيل التحول السياسي في السودان أيام استعاره لكنها اليوم لم تجد وقتاً كافياً لرئيسها ليستمع لخطاب رئيس الحكومة السودانية الانتقالية ولو لمدة دقيقتين فقط، وكل هذا مقصود ومفهوم سواءً في إطار النظام البروتوكولي للأمم المتحدة أو في إطار صراعات المصالح وخطط اللوبيات الدولية والإقليمية صاحبة النفوذ والتأثير الذي من خلاله يمكن لها أن توجه رئيس الولايات المتحدة بمثل ما توجه الرئيس الفرنسي أو البريطاني وحكوماتهم .. هذا مفهوم .. لكن غير المفهوم أن يكون لـ”حمدوك” نفسه وللبعض من حوله تطلعات كبيرة يخنق بها مواقفه حال سقوطها وعدم تحقيقها .. هذا أمر بلا شك يعمل على تشكيل حالة من الإحباط المقعد للهمم والمثقل للنفوس ولسنا جميعنا في حاجة للمزيد من الإحباط .. أرجوكم جميعاً مسؤولين وإعلاميين .. تحدثوا بحكمة ومسؤولية وموضوعية  .. لا نريد المزيد من الإحباط ..

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية