راجت تربية وتجارة الطيور بصورة ملفتة للنظر، تعجبت لما قال لي ابني “حسن” عاوز اشتري طيوراًّ!!، قلت ليه تعمل بيها شنو؟ قال لي أربيها ومن ثم أبيعها، قلت ليه بكم الطيرة؟ قال لي بختلف السعر حسب نوع الطيور، هناك طيور بألف وألفين وأحياناً أكثر من ذلك، فذهب إلى السوق واشترى جوزاً بما يقارب المائتي ألف جنيه أي نص كيلو لحمة، في اليوم الثاني كنت راكباً مع بتاع ترحال من الخرطوم إلى الثورة في الطريق اتصل عليه أحد الأشخاص بدأ الحديث بهدوء ومن ثم ارتفعت نبرات صوته بصورة حادة جداً فكان يتحدث مع الطرف الثاني والله ما بنزل من المائة مليون فلس واحد، دي جبتها من المنطقة الفلانية ودي أمها اشتريتها بكم.. والله ما أنزل ليك أنت مجنون وله شنو، بدأت استرق السمع والاستماع إلى تلك المحادثة الغريبة والعجيبة، فواصل صاحب الترحال الحديث وفي كل لحظة تزداد نبرات صوته حتى كاد أن يصطدم ببكسي بشارع الميرغني، بعد الانتهاء من المحادثة قلت ليه مالك منفعل، قال لي ده عاوزني أبيع ليه جوز من الطيور بتسعين مليون، وأنا طالب فيها مائة مليون، قلت ليه للدرجة دي وصلت أسعار الطيور هذا الرقم، قال لي وأزيد من ذلك، ثم واصل الحديث معي قائلاً: تعرف يا حاج أنا تزوجت تجارة الطيور والعربية الراكبة دي من دخل الطيور وعندي ركشة وأمجاد من الطيور، قلت ليه بتبيعه وين؟ قال لي في الإمارات وأحياناً في مصر وأحياناً داخل السودان، قلت ليه في ناس بتشتري بالسعر ده؟ رد علىَّ قائلاً تربية الطيور هواية، وأنا منذ أن كنت صغيراً وكنا بنسكن نمرة اتنين أهلنا علمونا على تربية الطيور فكانت بالنسبة لنا هواية ثم منعتنا من الانحراف، سألته عن أكل تلك الطيور التي يبلغ سعرها المائة مليون جنيه وأكثر؟ قال لي تلك الطيور لا تأكل أي شيء، فطعامها التفاح والعنب وكل أنواع الفواكه، قلت ليه يعني التفاح الما لاقينه أولاد الهامش لاقياه الطيور، إن تربية الطيور أصبحت من الهوايات المفضلة للكبار والصغار، وشفت أكثر من منزل به طيور الملونة ذات الأشكال المختلفة، اذكر في الديمقراطية الثالثة كانت قد راجت تربية الطيور الملونة ففتن البعض بها وأصبح هناك أصحاب لها يتداولون الأنواع الجديدة منها والمناطق التي يتم الشراء منها، وفي أحد الأيام كانت واحدة من طيور إحدى أصدقاء تلك المجموعة قد ماتت فقام بعمل صيوان وفراش بكا لها بمنطقة الثورات، قد يتعجب المرء ولكنها الحقيقة فإذا كانت الأسعار لتلك الطيور قد بلغت المائة مليون جنيه وأزيد ألا يحق لصاحبها أن يفرش عليها، إن السودان به من الثروات إذا ما تم استغلالها يمكن أن تدر مبالغ مالية ضخمة جداً، فالطيور التي نعتبرها ترفاً في التربية يمكن إذا قامت الدولة بتربيتها تعود لها بعُملات مالية من فئة الدولار والريال والدرهم، مثل الصقور التي يدفع فيها بعض الإخوة الخليجيين مبالغ طائلة خاصة المستخدمة في الصيد، ومن التجارة التي تعد (هائفة) عن البعض ولكنها تدر أموالاً ضخمة مثل الزهور، فالدكتور “منصور خالد” يُقال من أوائل الأشخاص الذين قاموا ببيع الزهور خارجياً، إذن تجارة الطيور يمكن أن تستغلها الدولة من أجل زيادة الدخل القومي مثلها ومثل السمسم والصمغ العربي وغيرها من المنتجات التي تدخل للبلاد عُملات صعبة.