تقارير

اتفاق تاريخى بين المجلس العسكرى وقوى الحرية والتغير برعاية إفريقية

الخرطوم – طلال اسماعيل
أخيراً، اتفق المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير على تشكيل المجلس السيادي وتكوين حكومة مدنية من الكفاءات الوطنية والمستقلة، بعد صراع بينهما استمر لشهور عديدة قبل أن تتجلى الحكمة الأفريقية في ترتيب البيت الداخلي بالسودان، وتنجح عبر المبعوثين من الاتحاد الأفريقي “محمد الحسن لبات” والإثيوبي “محمود درير” في العبور بمركب المفاوضات وسط أمواج متلاطمة ليعلنان من فندق كورنثيا – برج الفاتح سابقاً – في الساعات الأولى من فجر أمس الجمعة اتفاق المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير على رئاسة دورية للمجلس السيادي لمدة (3) سنوات أو تزيد قليلاً .

وقال مبعوث الاتحاد الأفريقي “محمد الحسن لبات” في تصريحات صحفية إن الطرفين اتفقا أيضاً على إقامة تحقيق وطني دقيق وشفاف ومستقل في مختلف الأحداث والوقائع المؤسفة التي شهدتها البلاد خلال الأسابيع الماضية، مبيناً أن الطرفين وافقا على إرجاء إقامة المجلس التشريعي والبت النهائي في بعض تفصيلات تشكيله حال ما يتم تشكيل المجلس السيادي والحكومة المدنية.
وقرر الطرفان أن يعمدا بمسؤولية ومنهجية لاتخاذ كافة الإجراءات التي من شأنها أن تحسن الأجواء وتخلق جواً وطنياً مناسباً للتصالح والوفاق والمضي قدما من أجل الشعب والبلاد.
الدقير : من أهم أولويات الحكومة القادمة الاهتمام بقضية السلام والتحقيق المستقل
وقال رئيس حزب المؤتمر السوداني القيادي بقوى إعلان الحرية والتغيير “عمر الدقير” إن الاتفاق الذي تم فجراً مع المجلس العسكري الانتقالي يفتح الطريق لتشكيل مؤسسات السلطة الانتقالية والتي ستباشر تنفيذ برامج الإصلاح في فضاءات الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي .

وأوضح أن من أهم أولويات الحكومة المدنية القادمة الاهتمام بقضية السلام والتحقيق المستقل الشفاف.
كما أعرب “الدقير” عن أمله في أن يكون تشكيل مؤسسات السلطة الانتقالية بداية عهد جديد يتراجع فيه اليأس أمام زحف الأمل وتنتصر فيه السنبلة على أسراب الجراد. وقال القيادي بقوى الحرية والتغيير إنه “بعد ثلاثين عاماً من حكم الإنقاذ العضوض استطاع السودانيون إثبات الحقيقة التاريخية الراسخة وهي أن جذوة الحرية والكرامة لا تموت وإن تراكم عليها الرماد حيث استطاعوا عبر حراك ثوري باسل حضاري وسلمي أن يكسروا القيود ويفتحوا الأبواب لأنوار الحرية ” .

وأضاف المهندس “الدقير” أنه يحق للسودانيين أن يحصدوا ثمارغرسهم الذي سقوه بنضالهم وصمودهم ودموعهم ودمائهم وأن يرنوا بأبصارهم إلى وطن جديد، وطن يشبه ثورتهم ويليق بنبلهم وعظمتهم وشموخهم .
وزاد قائلاً : (نتمناه عهداً جديداً نحترم فيه تنوعنا وننجز فيه المصالحة الوطنية ونتمسك فيه بوحدتنا ونتسلح فيه بالوعي من أجل العبور إلى وطن جديد من أجل حياة كريمة للناس في معاشهم وصحتهم.. عهداً نسكت فيه صوت البندقية ونهدم فيه إلى الأبد زنازين الاعتقال التعسفي).
حميدتي :
وقال نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول “محمد حمدان دقلو” إن الاتفاق له ما بعده. وبشر “دقلو” كل القوى السياسية الأخرى والحركات المسلحة وكل من شارك في التغيير من الشباب والمرأة بأن هذا الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع قوى الحرية والتغيير سيكون شاملاً لا يقصي أحداً ويستوعب كل آمال وطموحات الشعب السوداني وثورته الظافرة.
وأعرب نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي عن شكره للوسطاء المبعوثين الأفريقي والإثيوبي وذلك لمجهوداتهم وصبرهم على الجميع، وقدم شكره أيضاً لقيادات قوى الحرية على الروح الطيبة التي تحلّوا بها خلال التفاوض.
كما تقدم الفريق أول “حمدان” بالشكر للوسطاء الوطنيين والأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات والأصدقاء من الولايات المتحدة وبريطانيا الذين ناب عنهم سفراؤهم في تقريب وجهات النظر.
وحيا “دقلو” الإعلاميين الذين سهروا حتى الساعات الأولى من الصباح لتغطية جولة المفاوضات المباشرة معرباً عن أمله في أن يحقق الاتفاق التراضي المنشود من أجل وطن آمن ديمقراطي ومستقر. وترحم نائب رئيس المجلس على أرواح الشهداء من المدنيين والعسكريين الذين راحوا ضحية الأحداث التي شهدتها البلاد.
ترحيب دولي وإقليمي بالاتفاق
رحبت الإمارات وإثيوبيا وبريطانيا إضافة إلى الاتحاد الأفريقي بالاتفاق الذي تم توقيعه بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير بالسودان.
و أعرب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية دكتور “أنور بن محمد قرقاش”، ، عن ترحيبه بالاتفاق الذي تم بين المجلس الانتقالي العسكري في السودان وقوى الحرية والتغيير، مؤكداً الوقوف مع السودان في العسر واليسر.
وكتب “قرقاش” في تغريدة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر قائلاً: (نبارك للسودان الشقيق الاتفاق الذي يؤسس لانتقال سياسي مبشر، والحرص على الوطن والحوار ثم الحوار مهد لهذا الاتفاق، نقف مع السودان في العسر واليسر، ونتمنى أن تشهد المرحلة المقبلة تأسيس نظام دستوري راسخ يعزز دور المؤسسات ضمن تكاتف شعبي ووطني واسع).
ونشر رئيس وزراء إثيوبيا “آبي أحمد علي”، بياناً عبر حسابه على موقع “تويتر”، لتهنئة شعب السودان والمجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير بشأن التوصل إلى اتفاق، مشيراً إلى أن الاتفاق السوداني بين المجلس العسكري والمعارضة، من أجل التأسيس للمرحلة الانتقالية في البلاد، سيحقق السلام. كما يرى “أحمد” أن إنشاء مجلس سيادي بقيادة المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير ستكون رئاسته بالتناوب بين الطرفين، يظهر (المهارات الدبلوماسية) للمبعوثين الخاصين، السفير الإثيوبي في القاهرة، “محمود درير”، ومبعوث الاتحاد الأفريقي، “محمد حسن اللبات”.
ووصف وزير خارجية بريطانيا “جريمي هنت” الاتفاق بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية و التغيير بـ(اللحظة التاريخية) في البلاد، مؤكداً أن الاتفاق يمهد الطريق إلى الحكم المدني.
ترحيب سياسي داخل السودان
وأصدر الحزب الاتحادي الديمقراطي برئاسة مولانا “محمد عثمان الميرغني” بياناً رحب فيه بالاتفاق، وقال البيان الذي تحصلت (المجهر) على نسخة منه : (يرحب الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل ورئيسه مولانا “محمد عثمان الميرغني” بالاتفاق المهم والتاريخي معتبراً أن هذا الاتفاق يمثل جماع الحكمة الوطنية والشعور بروح المسؤولية تجاه الوطن تراباً وشعباً، داعياً شركاء الاتفاق للعمل الدؤوب بالصبر والأناة والنظر في كل الاتجاهات من أجل الشعب الذي بشبابه ونسائه ورجاله أنجز ثورة مجيدة رفعت شعارات مجيدة حريّ للجميع العمل لتحقيق شعاراتها ببناء سلام دائم وعادل ووطن حر وديمقراطي وتحقيق دولة العدالة والرفاه) .
وأهاب الحزب الاتحادي بجماهيره دعم الاتفاق والعمل مع شركاء الوطن لبناء جبهة وطنية عريضة تحفظ للسودان أمنه ووحدته وكرامة شعبه.
وتقدم بالشكر لجهود الاتحاد الأفريقي ودولة إثيوبيا ومصر والسعودية والإمارات.
وأعلن المؤتمر الشعبي تأييده للاتفاق السياسي بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، لأنه سيخرج البلاد من أزماتها.
وقال القيادي بالحزب “أبو بكر عبد الرازق”، للأناضول، إن الاتفاق جيد، خاصة أن اختيار الشخصيات من الكفاءات والخبرات لمجلس الوزراء، سيكون بإجماع كافة القوى السياسية.
وأضاف: (الاتفاق لم يُقصِ أحداً، ونحن راضون تماماً.
وتابع: الاتفاق سيخرج البلاد من أزمتها، ويعمل على تهيئة المناخ لفتح المدارس والجامعات.
وشهدت مدن الخرطوم القضارف ومدني مسيرات فرح عقب إعلان الاتفاق بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير.
الوسيط الأفريقي: الاتفاق أقرب للنظام للبرلماني
وصف الوسيط الأفريقي للسودان “محمد الحسن ولد لبات”، النظام الذي تم الاتفاق عليه بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير، بأنه أقرب إلى النظام البرلماني حيث تكون الصلاحيات واسعة لرئيس الحكومة.
وأوضح الوسيط الأفريقي في حديث لـ”سكاي نيوز عربية”، أنه تم الاتفاق على أن تكون الحكومة مشكلة من كفاءات وطنية مستقلة، مضيفاً: لمسنا إرادة قوية من الطرفين لتتم كل الأمور بالتوافق.

وبيّن “ولد لبات” أن الأطراف السودانية ستوقع على الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال أسبوع على أبعد تقدير.
تململ وسط الحركات المسلحة ودعوة لعقد اجتماع في أديس أبابا
ودعا “مالك عقار” رئيس أحد فصائل الحركة الشعبية – شمال والجبهة الثورية إلى عقد اجتماع عاجل لقوى الحرية والتغيير برعاية الاتحاد الأفريقي لترسيخ وحدة المعارضة السودانية والاتفاق على قضايا السلام والتغيير الديمقراطي في البلاد.
وأشار “مالك عقار” في بيان له بعد ساعات من الوصول لاتفاق حول السلطة الانتقالية إلى التناقضات التي ظهرت مؤخراً داخل صفوف قوى الحرية والتغيير،وشدّد على أن وحدة قوى الحرية والتغيير بجميع مكوناتها والتي تشمل قوى الكفاح المسلح، هو أمر ذو أهمية إستراتيجية في تنفيذ كامل برنامج الفترة الانتقالية.
واقترح “عقار” أن تشتمل أجندة الاجتماع الذي اقترح أن يتم في أديس أبابا تكوين مجلس قيادي لقوى الحرية والتغيير بحيث يكون مرجعية سياسية لها خلال الفترة الانتقالية. وكانت بعض القوى المعارضة تتحفظ على إشراك الحركات المسلحة في المفاوضات مع المجلس العسكري لاعتبارات عدة ذكرتها.

وقال “عقار” إن الاجتماع ضروري للربط بين التحول الديمقراطي والسلام العادل، مشدداً على أن الاتفاق الذي توصل إليه ضعيف كما أنه ترك قضايا العدالة ودماء الشهداء لما يسمى باللجنة الوطنية وأن المجلس العسكري سينقض عليه عاجلاً أم آجلاً، على حد تعبيره.
وقال “عقار” إن هناك حاجة للاتفاق على ترتيبات أمنية شاملة في البلاد وإعادة هيكلة القطاعات الأمنية والاقتصادية إجازة برنامج الفترة الانتقالية والاتفاق على ترتيبات المؤتمر الدستوري وتحديد موعد انعقاده.
وأضاف: وحدة قوى الحرية والتغيير وقوى الثورة أمر لا بديل له سواء أعلن اتفاق لا يشمل قضايا الحرب مع المجلس العسكري أو لم يعلن، ولذا فإن مربط الفرس يكمن في وحدة قوى الحرية والتغيير وقوى الثورة، فأمامنا تحديات كبيرة لبناء نظام جديد.
وطالب الاتحاد الأفريقي الذي يعترف بقوى الحرية والتغيير ويشرف على الوساطة بينها وبين المجلس العسكري، بتسهيل عقد اجتماع قوى الحرية والتغيير بمقر الاتحاد بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا .
فهذا الاجتماع سوف يدعم قراراته لتحقيق السلام والديمقراطية في السودان كما سيحقق إمكانية التقاء قوى الكفاح المسلح مع قوى العمل السلمي المدني في بلادنا لدعم أجندة الانتقال والسلام والديمقراطية والاستقرار الإقليمي .
ومن جهة أخرى قال الأمين العام لنداء السودان “مني أركو مناوي” : هذه الفكرة أتت في البداية من الجبهة الثورية وسط مجموعة من أفكار أخرى ولكنها الآن يتم ترويجها بشكل انتقائي على لسان مَن يدّعون بأنهم أصحاب السودان أكثر من غيرهم ، موضحاً بأن الفكرة كانت ترمي إلى تكوين حكومة تسيير أعمال من تكنوقراط بتشاور بين كل القوى السياسية والمدنية والحركات المسلحة بما في ذلك المجلس العسكري لإدارة دولاب العمل في الدولة.
وأضاف : أثناء هذه الفترة تقوم جميع الأطراف السودانية بإدارة حوارات شاملة في جميع الأطر لإزالة أسباب الفشل الناتج عن الخلل الهيكلي للدولة الذي لم يناقش بعد، وستخرج الأطراف بمخرجات تُضمّن في ميثاق سوداني جامع يرتضي به كل الأطراف ويحمل في مضمونه ملامح دستور دائم  بتراضي فئات الشعب بعد مشاركتهم بآرائهم، و اتفاق ينهي الحرب ويزيل آثارها وتقدّم من خلاله فرص العودة للاجئين والنازحين وتعويضهم مع مخاطبة قضايا الأرض وغيرها وتحديد الفترة الانتقالية ومهام الحكومة الانتقالية وتحديد مستويات الحكم للبلد باتفاق يقطعه أهل البلد، حسب حاجة البلد لهذه المستويات وتحديد كيفية إنشاء قوة أمنية وطنية في إطار إصلاح أو إعادة هيكلة مؤسسات أمنية وإصلاح الخدمة المدنية المختلة ومراجعة المناهج التربوية حسب معطيات سودانية ومتطلبات عصرية.
وأشار إلى أنه بعد اتفاق الشعب على هذا الميثاق، بعد ستة أشهر توضع حكومة تسيير الأعمال أمام خيارات أن تستمر للفترة الانتقالية أو تحل أو تضاف إليها أو تترك بعض الشخصيات تستمر حسب الكفاءة المهنية أو الأداء، أو يتم تكوين حكومة انتقالية جديدة للفترة الانتقالية التي ستورد أيضاً في الميثاق.
وأضاف: أما الذي يُروّج له أي (ستة أشهر) جاء بشكل انتقائي وانتهازي لا يؤدي غرض بناء السودان الذي يعاني من أزمات حادة ومتشعبة، هذا النهج  الذي فيه تُشكل حكومة من مجموعة من قوى الحرية والتغيير الذين تجمعهم أفكار عنصرية سلطوية للمحافظة على وضع قديم بأسماء وشخصيات جديدة لن يؤدي إلى تأسيس دولة المواطنة المتساوية التي ظللنا ننشدها، وقدم في سبيلها الشعب السوداني أغلى تضحيات، ووصفه مناوي: هذا مجرد (فسيخ  في إناء جديد).
هذا سيناريو ما هو إلا حكومة قديمة متجددة تُبرم عقداً مع الأجهزة الأمنية لضرب الحركات وقمع الأقاليم تحت الشرعية المدنية.
وقال إنها مؤامرة كبرى أرجو أن ينتبه لها الشعب السوداني قبل أن ننتقل إلى أزمة جديدة أشدّ تعقيداً .
وأضاف: نحن نكرر في الجبهة الثورية السودانية، نقاوم دولة العنصرية حتى ولو لبست جلباب الطهر.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية