بالأمس تناولت بالحديث قرارات وتصريحات المجلس العسكري الانتقالي ثم وبُعَيد أن أرسلت المقال عُقِد مؤتمرهم الصحفي وفنّدوا من خلاله بعضاً مما كتبت وهو الجزئية الخاصة بفض الاعتصام، حيث عادوا وصحّحوا ما وصل للناس بأن تصريحات الخميس كانت عن فض الاعتصام بصورة كلية، بينما هم يقصدون فض المنطقة التي عرفت بكولومبيا والتي من أجلها كانت مشورة رئيس القضاء والنائب العام القانونية. وفي الوقت نفسه أدلى السيد النائب العام ورئيس القضاء بتصريحات برأ بها نفسيهما من هذا الفض، بيد أن الأول قال بحديث يمكن للكثيرين –ومنهم شخصي- تفسيره كما ينبغي له أن يكون وهو عبارة (انسحبنا بعد إطلاق الرصاص) التي تشيء بأنهم كانوا مشاركين بأي من الأشكال، لكن عندما بدأت القوى الأمنية في إطلاق الرصاص انسحبوا. ثم يأتي السؤال هل أنتم من أذن لهم ومنحهم مشروعية إطلاق الرصاص بدليل استخدامه بعد مشورتكم؟ أم أن ما حدث أيضاً خرق لتوصياتكم من قبل ضباط أو ذات الضباط الذين قال المجلس العسكري إنهم خالفوا التعليمات؟ حسناً وبعيداً عن أي حديث وتساؤل فإن الرصاص أطلق وأردى عشرات القتلى ومئات الجرحى، وقلتم إن لجنة التحقيق كشفت عن تورط عدد من الضباط برتب مختلفة وإن كنت أستنكر ضلوع هؤلاء.. استنكر لا أكذبكم.. سيما أن الرتب مختلفة وربما بينها كبيرة ومتوسطة وليست صغيرة، وهذا يعني أن الأمر مدبر ومرتب له لشيء في نفسهم رغم أن الطريقة الوحشية لا تنم عن وعي وإدراك حتى بأبسط قواعد الحرب أو الهجوم على عدو ناهيك عن مواطنين عزل وأبرياء. الآن وكما أسلفت ينتظركم الرأي العام لكشف الحقائق كاملة غير منقوصة لأنه وبحسب الناطق الرسمي باسم لجنة التحقيق الذي نقل اعتذار المجلس العسكري عن إعلان نتائج التحقيق بصورة كاملة مرجعاً السبب لعدم اكتمال الجانب الفني والجوهري، وحسناً فعل لأن المواطن وصل مرحلة من الوعي بحيث لا تنطلي عليه أي من الحيل، فما زالت دراما المتورطين في قتل بعض الثوار والمعتصمين والتي عرضها التلفزيون القومي محل تندر… ليت هذا الملف ينطوي بسرعة ويأخذ كل ذي حق حقه وليت الحكومة أيضاً تجد حظها من التشكيل، فالمواطن ينتظركم لأنه وحتى الآن لم تتحقق مرامي الثورة لديه، إن كانت فعلياً تهدف لترقية الاقتصاد ومعاشه.
(2)
لا يخالطنا الشك فيما قاله وظل يردده الفريق أول “محمد حمدان دقلو” عن أن همهم الأول أمن المواطن على كافة الأصعدة، وقبيل أن تهاجموني لأن لديّ تحفظات أيضاً على بعض نهج أفراد قواته، لكني هدفت لنقطة معينة يعلمها تماماً كما تعلمها (قحت) أو البعض من مكوناتها، ولأنه أشار لها خلال مخاطبته جماهير منطقة قرّي شمال، وقطعه بأنهم يمتلكون وثائق ومستندات تؤكد تورّط عدد من السفراء المتواجدين بالخرطوم ونيّتهم لتخريب وتدمير البلاد، وتهديده بأنهم يملكون الدليل وسينشر قريباً للرأي العام. ولأننا لا نعلم بكافة التفاصيل فإننا في انتظار ذلك ولا نشكك فيه البتة لأن بعضاً من إرهاصاته تكشفت بطريقة أو بأخرى.
(3)
أخشى ما أخشى أن الاعتداء الذي وقع على خمسة أفراد من رجال الشرطة أن يباعد الشقة بين مكونات القوى الأمنية سيما الشرطة التي كادت صلاحياتها أن تذوب في خضم هذا الحراك الأخير حيث سيطرت قوة بعينها على المشهد للحد الذي تداخلت فيه الصلاحيات. فمنذ أن وعينا لم نشهد مثل هذا التناحر والاحتكاكات بين القوى مجتمعة، وحيث أن المجلس العسكري الانتقالي هو الذي يقف على رأسها جميعاً لم لا يعمل على إعادة أمور كل الفئات الأمنية إلى نصابها!.