أخبار

أجندة مؤتمر

{ في تسعينيات القرن الماضي، والسودان فقير لا يملك بترولاً ولا فنادق خمس نجوم وسيارات فارهة لا تتوفر إلا لبلدان الثراء النفطي.. كانت الخرطوم قبلة للمؤتمرات الإقليمية والدولية.. أنفق الشعب من مدخراته، على قلتها، الكثير من أجل نجاح تلك المؤتمرات، بحسبانها نشاطاً لصالح البلاد.. ولكن في العامين الأخيرين، وبعد انفصال الجنوب وذهابه لسبيله ونضوب البترول وحلول حقبة التقشف وقلة المال، انكفأ السودان على ذاته وأخذته قضايا الداخل عن دوره الإقليمي والدولي.. ولكن فجأة استشعرت البلاد مخاطر كبيرة تحيق بها بعد اجتماعات مجلس الأمن والسلم الأفريقي التي عقدت بإثيوبيا، ووقف جميع الأفارقة بمن في ذلك العرب إلى صف دعاة نقل قضية “أبيي” كنزاع بين السودان الشمالي والجنوب لمجلس الأمن لإضفاء فقط الشرعية الدولية على قرار مجلس الأمن والسلم القاضي باستفتاء أهالي منطقة أبيي من دينكا نقوك فقط، في أكتوبر من العام القادم، واستثناء المسيرية من ذلك الحق لتقرير مصير المنطقة.
{ شعور الخارجية بالخطر الداهم وفقدان السودان لأرض يتكئ عليها ومسند أفريقي يعزز موقفه، هو ما دفع القيادة العليا للخروج من الانكفاء الداخلي للفضاء الأفريقي وقيادة حملة سياسية من القصر الرئاسي بابتعاث القيادات الثلاثة “علي عثمان” و”الحاج آدم” ود.”نافع علي نافع” لمهام خارجية في أفريقيا، للحيلولة دون صدور قرار من القمة القادمة يقضي بنقل قضية “أبيي” لمجلس الأمن.. وحصاد جولة القيادات الثلاثة لمعظم دول القارة الأفريقية ومدى نجاحها من عدمها ستكشف عنها مواقف الدول الأفريقية في اجتماعات القمة الأفريقية المرتقبة في الشهر الجاري..
{ الحدث الأهم الذي تستقبله البلاد هذا الأسبوع هو مؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي الذي يجمع قادة برلمان أغلب دول القارة الأفريقية، إضافة لقادة برلمانات الدول العربية والآسيوية في الدورة الثامنة التي يستضيفها السودان في الفترة من (الخميس) وحتى (السبت) القادم.. المؤتمرات الدولية والإقليمية مهما أنفق فيها السودان من مال إلا أن حصادها وثمراتها أهم من المال الذي قد يهدر في مؤتمرات داخلية بلا طعم ولا رائحة.. ولكن أن يقود البرلمان السوداني حواراً مع قادة برلمانات دول مثل مصر والسعودية والكويت وقطر عربياً.. والجزائر وتونس وجنوب أفريقيا ونيجريا والسنغال.. بل إن رئيسة البرلمان اليوغندي وهي سيدة تقف بالقرب من “يوري موسفيني” تضمر عداءً تاريخياً للسودان ولعبت دوراً سالباً في المفاوضات بين الحكومة ومتمردي الجيش الشعبي قبل 2005م وتساند بلادها اليوم متمردي الجبهة الثورية.. وصول هذه السيدة للخرطوم ولقاء قادة البرلمان السوداني وصناع القرار يمثل خطوة مهمة على صعيد الحوار السوداني الأفريقي.
{ البرلمان السوداني مدد حبل التواصل مع دول لها تأثيرها السياسي على البلاد مثل إثيوبيا وكينيا، مما جعل المؤتمر المرتقب مهماً جداً للسودان إذا تم استثماره سياسياً وثقافياً واجتماعياً لكسر طوق سعي جهات كثيرة لكسر عنق السودان من خلاله، وبهذه المتلازمة من تنشيط الدبلوماسية الرئاسية والإنفاق على مؤتمرات كاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، اتفاق مطلوب وضروري، فنصف مشاكل السودان تهب من أخطاء الداخل، والنصف الآخر تهب عليه كرياح خارجية لا ترياق مضاد لها إلا بالتواصل مع الآخرين بالمؤتمرات والزيارات حتى (لا نؤخذ) في (غفلتنا) من الآخرين قبل الأبعدين!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية