هكذا هي دوماً الوزيرة الأستاذة (مشاعر الدولب) تظل كالغيث أينما هطل نفع فبعد نجاحها في ملف التنمية والرعاية الاجتماعية ها هي وكجراح حاذق تضع مبضعها على الجرح لترممه، وأعني هنا ما قالت به أمس الأول، وخرجت به صدور الصحف عن عدم قطعها بمجانية التعليم، واستحالته على الأقل في هذه الفترة، لكن الأهم من ذلك بالنسبة لنا كأمهات والأكثر التصاقاً بأبنائنا من الطلاب هو ما يلي المنهج الذي وصفته بالكثيف ، ووجهت بمراجعته واختصاره ، فضلاً عن إجراء تعديلات في المناهج لما يطالها من حديث كثير، لافتة إلى أن كثرة المناهج تزحم الطلاب، ونوهت إلى إن الهدف : قليل من العلوم وكثير من طاقات الطلاب وربطه بالنشاط الطلابي.. برافو سعادة الوزيرة حقاً فقد أحسنت.
(2)
وكنت مطلع العام الدراسي الحالي قد جلست إلى الدكتور (معاوية قشي) مدير المركز القومي للمناهج والبحث التربوي ببخت الرضا، وهو الجهة المناط بها إعداد وتطوير مناهج التعليم العام، جلست إليه في حوار مطول بالخصوص لما أثارته المناهج من لغط لدى الشارع العام كونها لا تلائم ذهنية ولا قدرة تحمل الصغار، فضلاً عن القدرة الجسمانية لحمل حقائب كانت وحدها كفيلة بترجمة ما تحتويه، والذي يفوق قدرتهم في كليهما أو هكذا نعتقد نحن لأن دفوعات (قشي) المبنية على أسس علمية كونها تعبر عن احتياجات المجتمع والطلاب وترتكز على أسس معرفية ومهارية ونفسية واجتماعية بحد قوله. وقال بضرورة تغيير المنهج وتطويره بحسبان أن العالم يعيش حالة انفجار معرفي وتسارع في الاكتشافات العلمية والاختراعات وتطور في النظريات التربوية، مداخل حديثة للمنهج ونظريات تعلم جديدة وآفاق كثيرة لابد للمنهج من أن يواكبها. كل ذلك سليم ولا غبار عليه، لكن القول شيء والتطبيق شيء آخر بعيد جداً ليس لشيء سوى أن ليست هنالك أرضية صلبة، وقد أقر هو نفسه بذلك في بعضها.
(3)
مثلاً وبالنسبة للظواهر السالبة التي تناولتها الوزيرة في اجتماعها بوزراء التربية والتعليم بالولايات كتعاطي المخدرات وهي تجد لها معالجة من خلال استيعاب طاقات وإبداعات الطلاب، نثمن ملياً هذه الجزئية أيضاً وليتها تفعل إذ دائماً ما نسمع عن هذا النشاط الذي لا وجود له فعلياً في ساحات ومسارح المدارس (هذا إن وجدت طبعاً) اللهم إلا مدارس قليلة ولا يفي بالغرض المطلوب.
أيضاً وفي عدد من المنابر نستمع إلى وعود بإدراج دروس حياتية بعينها كالتوعية بالإيدز والمخدرات وخلافه، لكن طال الأمد ولم تر النور، ولما استفسرت السيد مدير المناهج بشر بإعدادهم للكتب في عدد من القضايا، وجدد حرصهم عليها وأنها طبعت منذ أكثر من سنتين أو ثلاث، وبعد أن فككت عقدة حاجبي الدهشة كونها لم تدرس بعد، واستفسرته مجدداً فأقر بما افترضته مسبقاً أن لا أرضية صلبة، فالنشاط الصفي غير مفعل بالصورة المطلوبة، إلى جانب أن الكتب وبعد أن أدى المركز دوره وصرف عليها وزعت على المدارس، لكن يبدو أن إدارات التعليم في الولايات المختلفة وهي الجهة المعنية لم تتمكن من توفير أو تدريب معلمين لتدريسها أو كما قيل.
(4)
المهم في كل ذلك وهي البشرى الحقيقية للأسر والطلاب هو تقليص المنهج، فمهما كانت موضوعيته وأنه مناسب للمراحل العمرية وكم المهارات والمعارف به لا يزيد عن مستوى أي دولة، وحتى لو أن هنالك طلاباً يحرزون الدرجات الكاملة تبقى حقيقة المفارقات بيننا ودول أخرى، من وبين المدارس والطلاب أنفسهم تتمثل في البيئة المدرسية واستخدام بعضها للحواسيب، وكذا التميز الأكاديمي، والأهم الفروق الفردية.