أسئلة مفتوحة
بعد عام وبضعة أشهر من الآن يفترض إجراء انتخابات حرة لاختيار ولاة الولايات كما نصت على ذلك مقررات الحوار الوطني.. وأذعن المؤتمر الوطني بعد أن استقر رأي أغلب قادته المتنفذين في السلطة على تعيين الولاة من قبل الرئيس المنتخب بذريعة الإمارة الكبرى التي لا إمارة صغرى من تحتها، وأن مسؤولية الرئيس المنتخب تتمثل في حسن إدارة البلاد ولن يتسنى للرئيس حسن الإدارة إلا بإطلاق يده لاختيار مساعديه في الحكومة المركزية وممثليه في الولايات.
ورغم أن الأغلبية وسط قادة المؤتمر تقف مع خيار حق الجماهير في اختيار حكامها إلا أن قرار انتخابات الولاة فرضته قوى الحوار الوطني، خاصة حزب المؤتمر الشعبي الذي تمسك برؤية الراحل “الترابي” حول حق الناس في اختيار حكامهم.. وبعد إجازة قانون الانتخابات وتعديل الدستور الذي أرجئ تمريره النهائي حتى أبريل القادم أصبح أمر انتخاب الولاة حقيقة لا مناص منها.. وحتى الآن لم يكشف أي حزب عن طريقة اختيار مرشحيه بما في ذلك (كبير أخوانو)- أي المؤتمر الوطني- الذي جرب من قبل اختيار مرشحيه عن طريق الكليات الانتخابية فانتشر الفساد في البر والبحر وتشرذمت بعض الولايات لقبائل ومجموعات تهدد بعضها البعض.. وأرغمت التشوهات الخلقية للعملية الانتخابية الرئيس لإلغائها وتعديل الدستور من أجلها.. فهل ابتدعت عبقرية الوطني الآن طريقة جديدة لاختيار المرشحين لمنصب الوالي؟؟ وهل يعود الحق لأبناء الولايات ليختاروا بحر إرادتهم وكامل وعيهم من يخوض غمار الانتخابات أم تفرض النخبة المتنفذة في السلطة رؤيتها ووصايتها على القاعدة وتدفع إليهم من أعلى بشخص تثق فيه هي وتعدّه الممثل الأفضل لأهل الولاية، وما عليهم إلا التصويت له لتعيد السياسة في القرن الحالي ما كان سائداً في القرن الماضي والأحزاب الطائفية تصدّر النواب من الخرطوم إلى أطراف السودان ليمثلوا تلك المناطق بحسبانها مناطق ينقصها التأهيل والكفاءة في اختيار من يمثلها في البرلمان.. وظلت الحركة الإسلامية وقوى اليسار تتندر بتصدير الطائفية السياسية للنواب، يذهب “عبد الله خليل” لأم كدادة.. و”الأصم” لجنوب كادقلي و”عبد الله الفاضل المهدي” إلى تندلتي و”حسن عبد القادر” للأبيض.. فهل يصدّر المؤتمر الوطني في عام 2020م الولاة للولايات ويفرض على غرب دارفور “أبو سروال” وعلى دنقلا “ياسر يوسف” وعلى القضارف “بدوي الخير إدريس” وعلى بورتسودان “سيد أحمد إسماعيل”؟ أم يرتضي الأمر الواقع.. ويطلق يد الناس لاختيار مرشحيهم بكل حرية ودون وصاية وأبوية من أحد؟ ولماذا لا تشغل أحزاب كبيرة تستطيع المنافسة على منصب الوالي مثل الاتحادي الديمقراطي والمؤتمر الشعبي نفسها بالانتخابات وتلوذ بالصمت.. كأنها تنتظر فقط أن يتكرم عليها المؤتمر الوطني بحملها على منكبيه كأنها غير قادرة على السير وحدها؟؟ فهل تخوض أحزاب أخرى انتخابات الولاة وتبحث عن حظوظها في السلطة بكسب (ضراعها) وعرق جبينها، وتقدم من الآن من يستطيع المنافسة في الانتخابات التي باتت قريبة جداً؟؟