قرارات الإعفاء من المنصب العام دائماً ثقيلة على النفس، لا يتقبلها الإنسان مهما كان مستوى قوة أعصابه وانضباطه السياسي فهي تقطع حبل الطموحات وتقتل البريق والصولجان فما بالك بإجراءات التخفيض من درج أعلى إلى درج أدنى فالصورة تكون أكثر إيلاماً فقد مرت هذه الحالة على القيادي الاتحادي “هاشم عمر” في الأيام الفائتة عندما جاء فرمان من مكتب مولانا بالقاهرة احتوى على إعفائه من منصب نائب رئيس تشريعي الخرطوم، ليصبح عضواً عادياً بالمجلس حيث طبق هذا القرار على جناح السرعة وتم انتخاب “النور فضل المولى” بدلاً عنه.. فالواضح أن هذه الخطوة تجسد واقع الحروب الداخلية بالاتحادي الأصل وتعكس روح العقوبة والجزاء فضلاً عن أن ملامح قرار الإعفاء مقتضبة تركت الدوافع والذين وقفوا من ورائه في حُكم التكهنات والاستنتاجات.
الشاهد أن “هاشم عمر” رفض هذا القرار والذي جاء بتوصية من الداخل حيث اعتبر ما حدث له استهدافاً واضحاً لشخصه.. تشير التكهنات بأن الذين من وراء هذا القرار ربما يمثلون بعض قيادات الاتحادي الأصل المشاركة في الحكومة الحالية بالتنسيق مع الوطني أو تيار نافذ في الختمية فيما شملت الاستنتاجات بعض أنصار “الحسن الميرغني” الذين هم في المرتبة العمرية لـ”هاشم عمر” وكذلك بعض نشطاء تيار أم بدة.
مدفعية النيران الصديقة التي أطلقت صوب القيادي “هاشم” تركت الصورة قاتمة والمناخات متشابكة في الحزب خلال هذا الظرف الحساس والدقيق، فهل صحيح أن الرجل له مواقف مناوئة لزعامة الحزب وهل يريد إرسال ألسنة من لهيب التفلتات وتجاوز الخطوط الحمراء في الاتحادي الأصل.. تعالوا نطرق هذه الأشياء مع بعض القيادات الاتحادية فماذا قالوا: يوضح المحامي “هشام الزين” مقرر مكتب المراقب العام للحزب بأن العلاقة بينه وبين “هاشم عمر” حميمية وأسرية وكل ما في الأمر أنني اطلعت في فترة سابقة على تصريح منسوب للأخ “هاشم” يتحدث فيه عن فكرة قيام مؤتمر للحزب وهذه الخطوة أغضبت مولانا الأب لأن قيام المؤتمرات من اختصاصه الشيء الذي أدى إلى تكوين لجنة من مكتب المراقب العام لمعرفة حقيقة التصريح، وكان بإمكان الأخ “هاشم” نفي هذا الحديث الصحفي أو العكس لكنه لم يحضر ولم يعترف باللجنة، فيما تكونت في ذات الظرف لجنة محاسبة لثلاثة من أنصار الحسن في قضايا تفلت وهم أيضاً رفضوا الحضور فما كان من رئيس اللجنة الشقيق “جاكومي” سوى أن يوصي بفصلهم جميعاً من الحزب وهم “مالك درار” و”شذى عثمان عمر” و”علي العوض” بالإضافة إلى الأخ هاشم، غير أن مولانا الأب احتفظ بالتوصية في أضابير الحزب بالقاهرة ويضيف المحامي “هشام” ليس لدى أي رأي سالب في الشقيق “هاشم عمر”.. ومن جهته يقول الدكتور “علي السيد” إن ما حدث لـ”هاشم عمر” خطوة طبيعية وصحيحة فهنالك خطة مرسومة وسيناريو معد ورؤية جماعية لمحاسبة المتفلتين وإقصاء الذين يقفون عكس التيار.. فما هذه الضوضاء يا أخ “عادل”؟ ولا يهم من وراء هذا القرار إذا كان خليفة أو قيادي مقرب للوطني فهنالك المزيد من القرارات في المستقبل، ومن جهته يقول القيادي الاتحادي “الطيب ود المكي” بأن الأستاذ “هاشم عمر” من أنجح وأذكى قيادات الاتحادي الأصل وما حققه من مكاسب في موقعه التشريعي لم يقم به أي مشارك في حزبنا ويجب أن تعلم بأن الأخ “هاشم” ولاؤه الأول للسيد “محمد عثمان الميرغني” وهو أصلاً لم يكن متحمساً للمشاركة لكنه وقف مع الحسن من باب (الشهامة والرجالة) عندما شعر بأن هنالك من يستجير به وما فعله “هاشم” من تعرية عن سلبيات معتمدية أم درمان موجود في دفتر التاريخ، فيما يوضح القيادي “أسامة حسون” قائلاً ليس لي أي ضلع لما حدث للأخ “هاشم” فقد أشيع عني ذلك.. إنني أقسم بالله العظيم مظلوم ولا يمكنني أن أطعن في قيادي ناجح مثل الشقيق “هاشم عمر”.