تقارير

هل تصبح منطقة منزوعة السيادة؟؟ " ضاحية (سوبا).. مستعمرة صغيرة في قلب الخرطوم

ربما خرجت الكلمات مرتبكة بعض الشيء على لسان “فيسترفيله” وزير الخارجية الألماني وهو يطمئن مواطني بلاده أن طاقم سفارته بالخرطوم سالم، عقب الأحداث التي أُحرقت فيها مباني السفارة على خلفية الفيلم المسيء للرسول الكريم “صلى الله عليه وسلم” في منتصف سبتمبر الماضي.. إلا أنه لا يُعلم على وجه التحديد ما كان يدور في ذهن الرجل وهو يستعرض في ذاكرته شريط مقتل السفير الأمريكي على ذات الخلفية  في بنغازي بليبيا قبل شهور. وربما قرر “فيله” اتخاذ قرار نقل سفارته في تلك اللحظات إمعاناً في إحكام الأطواق الأمنية على مبانيه، بعدما تمكنت السفارة الأمريكية من نقل مقرها إلى ضاحية سوبا العام الماضي.. وتطالعنا هذه الأيام أخبار مصادرها موثوقة باتجاه السفارة الألمانية لنقل مقرها من قلب الخرطوم إلى إحدى ضواحيها.
وقبل سنوات كان شارع (على عبد اللطيف) بقلب الخرطوم مغلقاً في وجه المواطنين وأمام حركة السيارات، بسبب وجود مبنى السفارة الأمريكية على أحد جانبيه، وظل على ذلك الحال لسنوات لم يخف خلالها المواطنون سخطهم جراء ذلك الواقع.. وتنفسوا الصعداء عندما أعلنت الجهات الرسمية فتحه أمام المارة من جديد بعدما نقلت السفارة مقرها إلى مبنى ضخم عدة وعتاداً بضاحية سوبا، التي تبعد نحو (40) ألف كيلومتر جنوب الخرطوم، وقد نُفذ المبنى في مساحة بلغت (40) ألف متر، صممت مبانيه لتسع بالإضافة إلى مكاتب الدبلوماسيين والإداريين مباني أخرى سكنية.
وما قيل همساً وجهراً حينها، عقب الانتقال إلى الموقع الجديد، إن الأسباب (دواعٍ تأمينية)، إلا أن التظاهرات الجماهيرية الحاشدة التي انتظمت شوارع الخرطوم على خلفية الفيلم المسيء للرسول الكريم “صلى الله عليه وسلم” أصابت السفارة بالضرر بعدما استطاع المتظاهرون اختراق  الأطواق الأمنية المضروبة حول السفارة وتحطيم واجهات المبنى، ولم يستعصم عن المتظاهرين كون أنه كائن بضاحية سوبا، رغم أنه الأكبر أفريقياً والثاني عالمياً من حيث التجهيزات! ورغم أن واشنطن ظلت تتابع  أوضاع سفارتها بالخرطوم بواسطة الأقمار الصناعية! ورغم أن مبنى السفارة الجديد ضُربت عليه ثلاثة أطواق أمنية، الأول يغلق جميع المداخل الرئيسة المؤدية إلى السفارة بحواجز ترابية، والطوق الثاني هو سياج حديدي مضروب حول السفارة بصورة محكمة، والطوق الثالث يوجد قبل الدخول إلى السفارة. ولسان حال المراقب يؤكد أن ما أصاب السفارة الأمريكية مؤخراً بضاحية سوبا من قبل المتظاهرين لم يصبها وهي كائنة بشارع علي عبد اللطيف، ولم تفلح تلك الأطواق في حماية المبنى!
ذات المشهد يتكرر الآن، بإعلان مصادر موثوقة نقل السفارة الألمانية إلى  مقر جديد بضاحية سوبا بالخرطوم، وذات الدواعي الأمنية التي ساقتها السفارة الأمريكية عندما نقلت مقرها تسوقها الآن السفارة الألمانية وهي تنقل مقرها من قلب الخرطوم إلى تلك الضاحية! إلا أن واقع الحال خلال التظاهرات الجماهيرية الأخيرة، لم يثبت نجاح (سياسة الضواحي تلك).. ولسان حال السفارة الألمانية الآن يقول بأهمية الخروج من وسط الخرطوم بعدما تعرضت مباني مقرها خلال التظاهرة الأخيرة إلى خراب كبير لم تستطع الجهات التأمينية السيطرة عليه، عندما اتجه آلاف المتظاهرين من مسجد الخرطوم العتيق صوب السفارة الألمانية، ورشقوا مبنى السفارة بالحجارة وأحرقوا علم دولة ألمانيا.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية