تبلغ قيمته (10) ملايين دولار للسودان: الدعم العراقي للسودان .. ضبابية الهدف والمُنصَرَف..!
لم تكن بلاد الرافدين بعد الصراع السياسي والاقتصادي الطويل بأفضل حال من نظيراتها بدول العالم الثالث، إذ بدأت مؤخراً محاولة بناء أرضية اقتصادية صلبة تعينها على مواجهة الانهيارات المالية العالمية، ومحاولة ترميم ما خلفته الجروح الخارجية. وفي هذا الوقت، وبعد رئاسة العراق للدورة (23) للقمة العربية، تسعى العراق، في بادرة وصفت دولياً بالطيبة، لتقديم العون لدول العربية المتأثرة اقتصادياً، وأمس وافقت الحكومة العراقية على تقديم (25) مليون دولار دعماً مالياً للسودان وسوريا واليمن، منها (10) ملايين دولار للسودان و(10) ملايين دولار لسوريا، فيما خصصت (5) ملايين لليمن، ويُضمّن الدعم في مشروع قانون الموازنة العراقية العامة لعام 2013، البالغة 116 مليار دولار.
وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية “علي الدباغ”: (إن موافقة مجلس الوزراء على تقديم هذا المبلغ تأتي حرصاً من الحكومة العراقية على تقديم يد المساعدة إلى الأشقاء العرب، وخاصة الذين يمرون بأوقات عصيبة للتخفيف من معاناتهم ودعمهم لتخطي هذه الظروف من خلال تقديم الدعم المادي والمعنوي، خاصة وأن العراق هو الرئيس الحالي للدورة 23 للقمة العربية).
وأوضح “الدباغ” أن الدعم جاء بعدما عرض مسؤولين سودانيين الظروف الحرجة التي يمر بها السودان بعد انفصال الجنوب، الذي ترتب عليه فقدان كبير للموارد البترولية؛ الأمر الذي أثر سلباً في الموازنة العامة وميزان المدفوعات وكذلك ما يعانيه إقليم دارفور. وأكد “الدباغ” أن سفارة السودان في بغداد أرسلت في 4 يونيو 2012 مذكرة إلى وزارة الخارجية العراقية مرفق معها رسالة موجهة إلى وزير المالية العراقي من نظيره السوداني بخصوص توفير دعم مالي بحدود 100 مليون دولار لتخفيف الأعباء؛ نظراً للظروف الحرجة التي يمر بها السودان، وبناءً على ما ورد في الفقرة (3) من قرار قمة سرت الاستثنائية في 10 أكتوبر 2010م.
{ منحة غامضة
وكشف مصدر حكومي مطلع أن المنحة يشوبها ضباب وهي غير واضحة، وقال لـ(المجهر) إن نفي هذه المنحة أو الاعتراف بها ليس لمصلحة وزارة المالية، بل إن مجرد الحديث عنها قد يقود إلى منزلق غير مأمون العواقب. ويوافقه البروف “عصام الدين بوب” الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي بأن المنحة، رغم قلتها المادية، تبدو غامضة، وجاءت دون أسباب أو مبررات واضحة، بل يرى أن هنالك دولاً عربية بحاجة أكثر من السودان لمثل هذا الدعم العراقي. وقال إن الدعم سيدفع بـ (شيك) من وزارة المالية العراقية إلى وزارة المالية السودانية، ويعتقد أنه كان حرياً بالجانب العراقي أن يرسل هذا الدعم بصورة عينية كأدوية أو غذاء إذا قصد منه دعم مناطق دارفور المنكوبة. وشكك “بوب” في مدلول هذه الهبة، هل هو هدية أم ديون جديدة تثقل كاهل الدولة؟ وأعقب: وربما تكون (عطية مزين). فيما يرى مراقب سياسي أن السودان أصبح يقف على منعطف لا يعرف معه العدو من الصديق، وأن الهجمات الإسرائيلية المعادية جعلت من أمر العلاقات الدولية تحت المجهر حتى تعود للسودان ثقته دولياً.
{ ما وراء قمة سرت
وكان الزعماء العرب قد قرروا في قمة سرت تقديم دعم فوري للسودان قيمته مليار دولار لدعم جهود التنمية والاستقرار في البلاد. وأعلنوا عن تضامنهم مع السودان واحترام سيادته ووحدة أراضيه واستقلاله، مؤكدين التزام الجامعة العربية بالعمل والتعاون الوثيق مع الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لمساعدة السودانيين في وضع الترتيبات اللازمة لإجراء الاستفتاء في جنوب السودان في يناير 2011. وتشير مصادر إلى أن الحكومة السودانية قد بعثت عدة مسؤولين إلى دول عدة منها المملكة العربية السعودية وقطر والجزائر للحصول على دعم مالي، ويبدو أن هذه الجهود لم تنجح إلى حد كبير..
ويرى مراقبون أن الدعم سيمنح لدارفور التي تضررت من الحرب لتوجه إلى التنمية والإعمار بناء على توصية قمة سرت للدول العربية، إلا أن خبراء اعتبروا المبلغ قليلاً، وتساءل البروف “بوب” عن كيفية ضمان وصوله للمحتاجين له فعلياَ.
{ استياء بغدادي
فيما أثار إعلان المتحدث باسم الحكومة “علي الدباغ” بأن العراق سيمنح مساعدات إغاثية لكل من سوريا واليمن والسودان استياء عدد من المواطنين العراقيين. وكشفت وكالة خبرية تبايناً للآراء وردود أفعال تعبر عن الاحتجاج، مشيرين إلى أن الفقير في العراق أولى بهذه الأموال من غيرهم وعبر الشارع عن غضب لهذه المبادرة من قبل حكومتهم.