أخبار

العجوز تزدهر

عندما نعى الدكتور “محمد الوائق” أستاذ الآداب بجامعة الخرطوم، مدينة أم درمان في قصيدته الرمزية (أم درمان تحتضر) وقد اختلف حينها النقاد والكُتاب والأدباء في تأويل النص الشعري.. هل كان يرمز الأديب الراحل لامرأة ما؟ أم قصد أم درمان السياسية، وكانت حينها البلاد ترزح تحت نير حكم عسكري باسم ثورة مايو.. وتصدى الشاعر “السماني الحفيان” لدكتور “الواثق” بقصيدته (أم درمان تزدهر) وخرجت حينها أي في عام 1973م، أول مظاهرة نسوية تندد بقصيدة شعرية وربما الأخيرة.. وما بين الازدهار والاحتضار.. مسافة بعيدة مثل المسافة بين الشباب والشيب.. ولـ”مصطفى سند” في المقاربة بين الشيب والشباب.. روائع مثل بيني وبينك قصة السفر الطويل من الربيع إلى الخريف.. وعلى ذكر الازدهار والاحتضار والشيب والشباب، كانت مدينة دنقلا عاصمة الولاية الشمالية تسمى بدنقلا العجوز.. وارتبطت تلك المدينة بهذا الاسم في المخيلة الشعبية، ودنقلا من أقدم المدن في البلاد وقارة أفريقيا ولكنها تعرضت للإهمال والنسيان.. وانفض عنها أبناؤها بعاملي الهجرة الداخلية والخارجية.. ولم تفقد دنقلا طعمها ومذاقها.. ورائحة تمرها وخضرة جروفها وبساطة إنسانها ولغتها النوبية التي تباهي بها وتفتخر.. أمضينا نهار أمس في عاصمة الولاية الشمالية دنقلا، استجابة لدعوة واليها الشاب “ياسر يوسف” أصغر ولاة السودان سناً، وقد ذهب مسؤولاً عن أكبر المدن السودانية عمراً.. كانت المناسبة افتتاح الخط الملاحي دنقلا /الخرطوم بعد اتفاق حكومة الولاية مع شركة تاركو للطيران بتسيير رحلتين في الأسبوع للتخفيف على المواطنين ومساعدة المستثمرين في الوصول لموطن أكبر مشروعات القمح في البلاد.. وافتتاح مشروعات تأهيل ونظافة مدن الولاية الذي أعلنه الوالي.
بدأت دنقلا مدينة أكثر شباباً وحيوية مما قبل بفضل زيادة حجم الاستثمارات في القطاع الزراعي وأثر التعدين في بعض المحليات.. مظاهر الثراء والعمران تكذب الصورة البائسة التي رسمها الإعلام في مخيلة السودانيين عن المدينة والولاية الشمالية.. وقد اعترف الوالي “ياسر يوسف” في حديث عن مشكلات الولاية بأن الصورة الذاتية عن الشمالية لا تعبر عن حقيقة ولاية غنية بالموارد.. والإمكانيات الزراعية وتطور المجتمع.. وعدد الوالي مظاهر ثراء الولاية العريض ممثلاً في الأرض الخصبة الصالحة للزراعة (12) مليون فدان المستغل فعلياً حتى اليوم أقل من (700) فدان.. وحتى الوالي طموحه أن ترتفع الرقعة الزراعية لمليون فدان فقط.. ويتجاوز عدد الموظفين الـ(25) ألف موظف نظراً لاتساع رقعة الخدمات الصحية والتعليم.. ولكن الولاية الشمالية تعاني من مشكلات عديدة في البنية التحتية.. وضعف أثر كهربة المشاريع الزراعية على المساحة المزروعة.. وكيفية الاستفادة من طاقات أبنائها النافذين في الدولة والمهاجرين في أرض الله الواسعة.. الوالي “ياسر يوسف” شاب يسعى بجد لينهض بولاية واعدة ولكنها تحتل مكانٍ دون المكان الذي تستحقه.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية