مسامرات
بوبار سوداني
محمد إبراهيم الحاج
* يحتل المبدع والفنان في دول العالم الثالث مكانة مهمة للغاية كونه يستطيع التأثير _سلباً أو إيجاباً_في منظومة القيم الكلية.. ويستطيع بما يمتلكه من كاريزما قيادة السلوكيات الفردية والجماعية..
*يستطيع الفنان التأثير لأنه يتعامل مع مجتمع لا يستطيع أغلب أفراده معرفة حقوقهم وواجباتهم، ويتميز أغلبهم بالبساطة في التفكير والتعليم ومن ثم تسهل قيادتهم..
وبلادنا تقع بالضرورة ضمن هذه المنظومة سهلة الانقياد والتأثير.. ولهذا فإن كثيراً من المطربين لدينا – رغم ثقافتهم المتدنية وأفكارهم الضحلة – صاروا للأسف قدوات شبابية يمضي على نهجهم كثيرون يتأثرون سلباً بسلوكياتهم الشخصية واهتماماتهم.. وربما أن هؤلاء المتنفذين في المجتمع صاروا الآن سبباً لكثير من الأزمات.
*أكثر ما يحرص الفنانون لدينا هو الظهور بمظهر متعالٍ.. وتصدير مقولة إن الفنان (زول ما عادي). (ما مفروض يلبس زي باقي الناس.. وما يمشي في الأسواق.. ويركب أفخم السيارات ويرتدي أبهى الثياب), ثم لا ينسى بعد كل هذا أن يحيط نفسه ببطانة كبيرة من الشباب.
*ترسخت هذه الافتراضات في أذهان أغلب المطربين وأصبحت واحدة من المطلوبات المهمة والضرورية أن يحرص حتى المغمورين على إتباع خطوات من ثبتوا هذا الفهم (وقع الحافر على الحافر).
*هذه الثقافة الضحلة أنتجت كثيراً من المطربين أصحاب الفكر (الهايف) فصاروا للأسف قدوات لجيل بات يوصف معظمه بالهيافة.
*ثمة نماذج فنية عملت على ترسيخ (البوبار) و(النفخة الكضابة) والإمتلاء بوهم أنهم ليسوا مثل الآخرين..
*ربما يكون “كمال ترباس” أحد أهم الذين مضوا إلى تثبيت فرضية المطرب النجم الذي يتعالى على كل المجتمع. ورغم أن “ترباس” يملك لساناً جميلاً وعبارات مجاملة رائعة، ولديه صوت طروب، إلا أنه رسخ لهذا السلوك بتعاليه وغروره وتصريحاته وأزيائه التي يفاخر بها بسبب وبدونه..
* “ندى القلعة” تأتي خلف “ترباس” مباشرة في ترسيخ ما سقته سابقاً، “فندى” التي تملك حظوة وقبولاً لدى المجتمع السوداني، وتحرض السيدات على التمسك بحياتهن الزوجية واستقرار بيوتهم في أغنياتها تناقض ما تدعو له في الواقع. تهدي ابنتها هاتفاً محمولاً تزيد قيمته عن (20) ألف جنيه. وتنشر ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي.. تنشر صور سياراتها الفخمة ومجوهراتها وأموالها على تلك المواقع.
*”لندى” الحق أن تهدي ابنتها ولها كذلك الحق أن تمتلك السيارات والأموال والمجوهرات. ولكن أن تنشر ذلك على الملأ فإن الأمر هنا قد يتعدى خصوصية ما تفعله بأن يصبح قضية اجتماعية، فالفتيات الصغيرات يردن أن يملكن ما تملكه وربات البيوت كذلك.. لذا يمكن التنبؤ بعد ذلك بما تعمل “ندى” على تصديره للمجتمع من (بوبار) واحتفاء بهوامش رسالتها الفنية وبما يمكن أن يستتبع ذلك من استحقاقات وتنازلات اجتماعية في سبيل الحصول على ما رغبته فيهن “ندى”.
* ثم.. النماذج تترا وتتابع من مطربين شباب يلونون وجوههم ويدهنون مواقفهم ويعبثون بكل القيم صاروا أمام محبيهم قدوات سيئة ونماذج اجتماعية مترهلة.
مسامرة أخيرة
يوماتي تهاتي وطن…وطن
مع انو حباك ميتة الغربة
واستخسر فيك كفن
حميد