هذه حكاية أول "عربة لوري" أتى بها والدي.. وعندما يطلق (البوري) كل الناس بتطلع الشارع
الخواجة “بوغوث” يروي حكاية أقدم (خواجة أرمني) في القضارف
القضارف- سليمان مختار
تعدّ مجموعات قبيلة الأرمن ذات الأصول التركية والروسية الذين عاشوا في القضارف في فترة الحكمين التركي والإنجليزي، من المجموعات العريقة في السودان، الذين عرفوا في التاريخ القديم والحديث وتم تصنيفهم ضمن كبار العباقرة الذين أسسوا ووضعوا اللبنات الأولى للأسواق والمرافق التجارية بولاية القضارف، لكن مؤخراً طوتهم مجاهيل النسيان نتيجة هجرة بعضهم إلى داخل وخارج البلاد إلا أن آثارهم ما زالت باقية لأن مجتمع الأرمن كان يشكل جزءاً أساسياً من عناصر ومكونات مجتمع مدينة القضارف وما زال بعضهم يقطن أحياء الميدان وديم النور والنصر.
يتميز الأرمن في القضارف بالوداعة والأمانة والصدق واحترام الكبير والصغير، وانحصرت تجارتهم في بيع قطع الغيار في محال الإسبيرات وممارسة الزراعة وبيع الأقمشة.
(المجهر) جلست مع الخواجة “بوغوث أوركيز” الذي تعدّ أسرته من آخر العائلات الأرمنية بالقضارف، واسترجعت معه صدى ذكريات الأرمن بالقضارف، وحكايات والده الذي يعدّ زعيماً للأرمن بالقضارف يعرفه الداني والقاصي من مواطني القضارف وقراها.
دكانه العتيق الكائن وسط سوق القضارف العمومي الذي خيمت عليه سكينة الدهور ورهبة الأزل وبعض الأشياء ومتعلقات السيارات من إسبيرات قديمة موضوعة على أرفف الدكان أصبحت هامدة وانطوت ضمن طيات الزمان الغابر، ومر عليها الزمن والغبار يهيم في كل الأنحاء ويطمرها ويكاد أن يحجب الأشياء من حولي.
الخواجة “بوغوث أوركيز جارجيان” كان جالساً على كرسيه أمام دكانه يطلق نظراته على الأنحاء من خلف نظارته السوداء التي تخفي ملامح وجهه، بدأنا معه حديثنا بسؤال عن بداية حكاية وقصص الأرمن في بالقضارف.. وبدأ الحديث بحماسة العودة بذاكرته لزمان ولى وأحلام تبددت وعهد قديم، وقال “بوغوث” إنه ﻻ يدري من أين يبدأ حديثه، إلا أنه استرسل متابعاً بأنه كان يافعاً في فترة الثلاثينيات وشاهداً على تاريخ الأرمن الاقتصادي والزراعي إلى جانب الدور الاجتماعي داخل أحياء القضارف.
{ حكاية أول عربة “لوري” بالقضارف
ابتدر “بوغوث” حديثه لـ(المجهر) باستدعاء وقائع استجلاب والده ﻷول عربة لوري (بدفورد) بمدينة القضارف، وأشار إلى أنه رغم صغر سنه إلا أنه ما زال يتذكر تلك المشاهد، عند حضور العربة إلى منزلهم الكائن بحي النصر الذي كان يعرف قديماً (بديم الخامة) بعد وصولها من بورتسودان وكيف كان الاستقبال من قبل أسرته والفرحة التي عمت داخلها وقيام والده بعمل (كرامة) بنحر الذبائح وتوزيعها للفقراء، وقال إن عدداً كبيراً من مواطني أحياء القضارف هبوا لرؤية عربة اللوري الجديدة في ذلك الوقت، فضلاً عن اللمة والفضول من المواطنين ﻹلقاء النظر والتعرف عليها، وأشار إلى أن والده اشتراها بـ(30) جنيهاً في ذلك الوقت، ولفت إلى أهمية عربة اللوري في تلك الفترة خاصة في مدينة القضارف، وكانت تستخدم في نقل المحاصيل الزراعية، ومضى قائلاً إن عربة اللوري ما كان يملكها المواطنون لأنها كانت عند المستعمر الإنجليزي أي حكومة الحكم الثنائي.
{دودو بي اللوري
كانت لوالد “بوغوث” ذكريات جميلة مع عربته اللوري خاصة مع مواطني قرى جنوب القضارف في كل من قرى (الحمرة وزيرقة وتواريت وراشد)، وحكى “بوغوث” أن علاقة والده بدأت مع مواطني تلك القرى لأنه كان يقوم بنقل البضائع للتجار بها، بالإضافة إلى نقل المحاصيل، ولفت إلى أن والده كان يمتلك عاطفة قوية واستطاع أن يخلق علاقات طيبة وحميمة مع القرويين في تلك القرى وما زالت ممتدة إلى يومنا هذا حتى بعد رحيله، وأضاف من تلك الذكريات وحكايات عربة والده في تلك الضواحي صوت بوق لوري والده المرتفع الذي كان يكسر الصمت المخيم في تلك الضواحي بنغمات معروفة للجميع حتى الأطفال في ذلك الزمان، ولفت إلى أن والده عندما يطلق العنان لبوق عربته كان الكل يتداعى ويخرجون من منازلهم.
الخواجة “بوغوث” يروي حكاية أقدم (خواجة أرمني) في القضارف
هذه حكاية أول “عربة لوري” أتى بها والدي.. وعندما يطلق (البوري) كل الناس بتطلع الشارع
القضارف- سليمان مختار
تعدّ مجموعات قبيلة الأرمن ذات الأصول التركية والروسية الذين عاشوا في القضارف في فترة الحكمين التركي والإنجليزي، من المجموعات العريقة في السودان، الذين عرفوا في التاريخ القديم والحديث وتم تصنيفهم ضمن كبار العباقرة الذين أسسوا ووضعوا اللبنات الأولى للأسواق والمرافق التجارية بولاية القضارف، لكن مؤخراً طوتهم مجاهيل النسيان نتيجة هجرة بعضهم إلى داخل وخارج البلاد إلا أن آثارهم ما زالت باقية لأن مجتمع الأرمن كان يشكل جزءاً أساسياً من عناصر ومكونات مجتمع مدينة القضارف وما زال بعضهم يقطن أحياء الميدان وديم النور والنصر.
يتميز الأرمن في القضارف بالوداعة والأمانة والصدق واحترام الكبير والصغير، وانحصرت تجارتهم في بيع قطع الغيار في محال الإسبيرات وممارسة الزراعة وبيع الأقمشة.
(المجهر) جلست مع الخواجة “بوغوث أوركيز” الذي تعدّ أسرته من آخر العائلات الأرمنية بالقضارف، واسترجعت معه صدى ذكريات الأرمن بالقضارف، وحكايات والده الذي يعدّ زعيماً للأرمن بالقضارف يعرفه الداني والقاصي من مواطني القضارف وقراها.
دكانه العتيق الكائن وسط سوق القضارف العمومي الذي خيمت عليه سكينة الدهور ورهبة الأزل وبعض الأشياء ومتعلقات السيارات من إسبيرات قديمة موضوعة على أرفف الدكان أصبحت هامدة وانطوت ضمن طيات الزمان الغابر، ومر عليها الزمن والغبار يهيم في كل الأنحاء ويطمرها ويكاد أن يحجب الأشياء من حولي.
الخواجة “بوغوث أوركيز جارجيان” كان جالساً على كرسيه أمام دكانه يطلق نظراته على الأنحاء من خلف نظارته السوداء التي تخفي ملامح وجهه، بدأنا معه حديثنا بسؤال عن بداية حكاية وقصص الأرمن في بالقضارف.. وبدأ الحديث بحماسة العودة بذاكرته لزمان ولى وأحلام تبددت وعهد قديم، وقال “بوغوث” إنه ﻻ يدري من أين يبدأ حديثه، إلا أنه استرسل متابعاً بأنه كان يافعاً في فترة الثلاثينيات وشاهداً على تاريخ الأرمن الاقتصادي والزراعي إلى جانب الدور الاجتماعي داخل أحياء القضارف.
{ حكاية أول عربة “لوري” بالقضارف
ابتدر “بوغوث” حديثه لـ(المجهر) باستدعاء وقائع استجلاب والده ﻷول عربة لوري (بدفورد) بمدينة القضارف، وأشار إلى أنه رغم صغر سنه إلا أنه ما زال يتذكر تلك المشاهد، عند حضور العربة إلى منزلهم الكائن بحي النصر الذي كان يعرف قديماً (بديم الخامة) بعد وصولها من بورتسودان وكيف كان الاستقبال من قبل أسرته والفرحة التي عمت داخلها وقيام والده بعمل (كرامة) بنحر الذبائح وتوزيعها للفقراء، وقال إن عدداً كبيراً من مواطني أحياء القضارف هبوا لرؤية عربة اللوري الجديدة في ذلك الوقت، فضلاً عن اللمة والفضول من المواطنين ﻹلقاء النظر والتعرف عليها، وأشار إلى أن والده اشتراها بـ(30) جنيهاً في ذلك الوقت، ولفت إلى أهمية عربة اللوري في تلك الفترة خاصة في مدينة القضارف، وكانت تستخدم في نقل المحاصيل الزراعية، ومضى قائلاً إن عربة اللوري ما كان يملكها المواطنون لأنها كانت عند المستعمر الإنجليزي أي حكومة الحكم الثنائي.
{دودو بي اللوري
كانت لوالد “بوغوث” ذكريات جميلة مع عربته اللوري خاصة مع مواطني قرى جنوب القضارف في كل من قرى (الحمرة وزيرقة وتواريت وراشد)، وحكى “بوغوث” أن علاقة والده بدأت مع مواطني تلك القرى لأنه كان يقوم بنقل البضائع للتجار بها، بالإضافة إلى نقل المحاصيل، ولفت إلى أن والده كان يمتلك عاطفة قوية واستطاع أن يخلق علاقات طيبة وحميمة مع القرويين في تلك القرى وما زالت ممتدة إلى يومنا هذا حتى بعد رحيله، وأضاف من تلك الذكريات وحكايات عربة والده في تلك الضواحي صوت بوق لوري والده المرتفع الذي كان يكسر الصمت المخيم في تلك الضواحي بنغمات معروفة للجميع حتى الأطفال في ذلك الزمان، ولفت إلى أن والده عندما يطلق العنان لبوق عربته كان الكل يتداعى ويخرجون من منازلهم.