"كمال عمر" : التململ وسط قواعد الشعبي أكبر من القيادات بكثير
هل ينفِّذ المؤتمر الشعبي تهديداته بالخروج من الحكومة من أجل الحريات
الخرطوم – وليد النور
هل ينجح المؤتمر الشعبي في تكرار تجربة الحركة الشعبية (الشركة المتشاكسة) مع المؤتمر الوطني بعد اتفاق نيفاشا في العام 2005م، حيث كانت تستحوذ على النصيب الأكبر بحكم الجنوب، وتشارك في الحكومة الاتحادية بنسبة (28%) من مجلس الوزراء الاتحادي، ولكن كانت شراكتها متشاكسة تمثِّل دور المعارضة مع الأحزاب خارج الحكومة، والآن المؤتمر الشعبي على الرغم من أنه مشارك في الحكومة الاتحادية ورئاسة الجمهورية بمنصب مساعد ورئيس لجنة في المجلس الوطني ومجلس الولايات والمجالس التشريعية الولائية، ولكن لا يمضي أسبوع إلا وخرج الشعبي بتصريحات ناقدة للحكومة، بيد أن هذه المرة التهديد لم يأت من العضوية ولا أعضاء المكتب القيادي، بل جاء من قمة الهرم السياسي للمؤتمر الشعبي، الأمين العام الدكتور “علي الحاج محمد”، ويعتبر الرجل الثاني بعد زعيم الحزب الراحل الشيخ “حسن الترابي”، فهل يكرر الشعبي تجربة الحركة الشعبية التي أعلنت انسحابها من الجهاز التنفيذي قبل أن تعود للمرة الثانية وتنخرط في الشراكة وتوافق على إجازة قانون جهاز الأمن وقانون الصحافة والمطبوعات الصحفية لعام 2009م، مقابل موافقة الشريك الأكبر في البرلمان، المؤتمر الوطني على تمرير قانون الاستفتاء؟ ولكن هل يراهن المؤتمر الشعبي على انهيار الحوار الوطني حال انسحابه من الحكومة؟.
وقال الأمين العام للمؤتمر الشعبي “علي الحاج محمد” في تصريحات صحفية، إن الشعبي يخاف من أن تدفعه الحكومة إلى الانسحاب حال موافقة الرئيس الأمريكي “دونالد ترمب” على رفع العقوبات الأمريكية في أكتوبر المقبل، ووجه الشعبي انتقادات لاذعة لما وصفه برضوخ الحكومة للضغوط الدولية، مؤكداً عزمه اتخاذ موقف حازم من المشاركة في الحكومة حال استمرار الحكومة في ذلك النهج واعتبر “الحاج” إطلاق سراح الناشط دكتور”مضوي إبراهيم” وآخرين أمراً محزناً باعتبار أن خروجه تم عبر ضغوط خارجية، مشيراً إلى أن مطالبات حزبه بإطلاق سراح الرجل منذ وقت من دون أن تجد مطالباته إجابة، وأوضح أنه لا يمكن أن تساس البلاد بهذه الطريقة، فاعتقال الرجل كان خطأ وخروجه بالضغوط الخارجية إدانة، وقال إن الحكومة لا تستجيب إلا للضغوط، وسيكون لنا موقف بذلك، وأضاف “الحاج” ربما يكون إلغاء عملية الحوار بكافة الإجراءات التي تمت ثمناً لرفع العقوبات، وجدد “الحاج” رفض حزبه لإسقاط النظام، ولكنه في الوقت نفسه قطع بعدم الصمت على الممارسات السلبية للحكومة، وأقر بفشلهم في التأثير على مواقع القرار وبعدهم عنها.
إلى ذلك شنَّ رئيس كتلة المؤتمر الشعبي بالبرلمان “كمال عمر عبد السلام” في حديثه لـ (المجهر) هجوماً عنيفاً على المؤتمر الوطني والحكومة، وقال إن التململ وسط عضوية المؤتمر الشعبي أكبر بكثير من التململ الذي وصل إلى قيادة المؤتمر الشعبي، مشيراً إلى أن الشعبي دخل في الحوار بنيِّة خالصة لتطبيق الحريات، وكشف عن تماطل تمارسه الحكومة تجاه تطبيق مخرجات الحوار الوطني، خاصة فيما يتعلَّق بالحريات، وتابع: لا يمكن كتابة دستور أو إصلاح حال الاقتصاد بدون حريات، مضيفاً أن آخر ورقة كتبها الدكتور “الترابي” قبل وفاته كانت متعلِّقة بالحريات. وأضاف “كمال” إن الذي يحدث حالياً من قتل للطلاب دون معرفة المجرم لا يبشِّر بخير، وفي سياق آخر وجَّه “عمر” انتقادات لاذعة إلى رئيس البرلمان، وقال إنه أصبح وزيراً للخارجية من كثرة التسفار يتجوَّل من بلا روسيا إلى جنوب أفريقيا إلى الكويت، في الوقت الذي ينتظر البرلمان عمل مكثَّف وكبير فيما يتعلَّق بإلغاء القوانين المقيَّدة للحريات، ووصف “كمال” ما تقدِّمه الحكومة من خدمات للمجتمع الدولي من أجل رفع العقوبات خدمة كبيرة جداً وكل ذلك من أجل رفع العقوبات يعتبر إساءة للمشروع الإسلامي، وقطع “عمر” بأن المؤتمر الشعبي لن يناور بالانسحاب من الحكومة من أجل مكاسب في الدنيا، مستشهداً بقوله تعالى (وَإِن يُرِيدُوا أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ * هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62)). وقال: الشعبي لم يخسر شيئاً ولن يخسر حاجة حال خروجه من الحكومة، ومستعد لذلك منذ دخوله الحوار، وتابع: (نحن نسينا القتل والاعتقال والسجن لسنوات طويلة من أجل مصلحة الشعب السوداني)، وقال إن المؤتمر الوطني منح أحزاب الحوار الوطني وزارة (تافهة)، على حد قوله، ولا قيمة لها، وتابع: (إن القصة انتهت) والشعبي لم يدخل من أجل السلطة والجاه.
وفي السياق يقول البروفيسور “حسن علي الساعوري” في حديث لـ (المجهر)، إن تلويح المؤتمر الشعبي بالانسحاب من الحكومة هو إجراء تكتيكي ومناورة سياسية لكسب ود الآخرين. وربما يجد الشعبي مساندة من المجموعات السياسية المشاركة في حكومة الوفاق الوطني بجانب التخطيط لقيادة الأحزاب المشاركة، حال اتخاذه خطوة الخروج من الحكومة، واستبعد تكرار تجربة شراكة الحركة الشعبية، ولكن الشعبي ربما يجد سنداً تنظيمياً وجماهيرياً حال اتخاذه لخطوته المقبلة.
وأصدر رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير”، في التاسع والعشرين من الشهر المنصرم قراراً بالعفو العام عن الناشط الحقوقي د. “مضوي إبراهيم” وخمسة آخرين بعد (9) أشهر، من الاعتقال على ذمة تهم تصل عقوبة، بعضها، للإعدام والسجن المؤبد.
وشمل قرار العفو العام الصادر من الرئيس “البشير” إلى جانب د. “مضوي”، “حافظ إدريس الدومة عبد القادر”، “عبد المخلص يوسف أحمد علي”، “عبد الحكيم يوسف محمد نور”، “مبارك آدم عبد الله” و”تسنيم أحمد طه”.
وفي السياق ذاته رحَّب الاتحاد الأوربي، بالعفو الرئاسي الصادر لستة من نشطاء حقوق الإنسان، على رأسهم “مضوي إبراهيم” و”حافظ إدريس”، وأبدى أملاً في أن تتبعه خطوات أخرى، كما أظهرت منظمة العفو الدولية ارتياحها للقرار.
وعدَّ الاتحاد الأوربي في بيان مقتضب نقلته وسائل الإعلام، الإفراج عن النشطاء “خطوة في الاتجاه الصحيح”.
وتوقع أن”يتبع ذلك العفو خطوات أخرى تتيح فتح مزيد من المجال السياسي وتعزيز الاحترام للحريات الأساسية، وحقوق الإنسان في السودان”. وتابع: ” في هذا المنعطف المهم، يشجِّع الاتحاد الأوروبي السودان على المضي قدماً نحو المصالحة الوطنية والتعاون مع المجتمع الدولي. إن الاتحاد الأوروبي مستعد لمرافقة السودان في هذه العملية “.
من جهتها قالت نائب المدير الإقليمي لمنظمة العفو الدولية لشرق أفريقيا “سارة جاكسون”، تعليقاً على قرار الإفراج عن “مضوي” إنه من دواعي ارتياحنا الكبير أن هذا الفصل الفظيع انتهى.. وتم جمع شمل د. “مضوي”، مع عائلته.