اختراق الجيش المصري للأراضي السودانية.. دلالة المكان والزمان
هل هي حلقة من مسلسل تمصير (حلايب)
المجهر- ميعاد مبارك
في استمرار لمسلسل التصعيد المصري، أغلقت السلطات المصرية حدود مثلث حلايب، ومنعت الدخول والخروج حتى لحملة التصاريح، فضلاً عن نشرها قوات خاصة للشرطة المصرية باسم قوة إنفاذ القانون في حلايب المحتلة، واعتقالها حوالي (70) معدِّناً، سودانياً، داخل الحدود وفتحها لنيران رشاشاتها على خمسة من البشاريين واستيلائها على ممتلكاتهم. أسئلة حائرة تفرض نفسها وتبحث عن إجابات.. فهل رد القاهرة بالتصعيد الأخير هو نتاج لخطوة والي البحر الأحمر بزيارة المنطقة وتأديته صلاة العيد من حلايب، أم أنها مجرَّد حلقة من مسلسل تمصير المنطقة؟.
(المجهر) حاولت استقراء الحدث وانعكاساته على العلاقات وفرص معالجة هذه الصور ونجاح حلقات التواصل الحكومي بين البلدين في ذلك.
اخترقت قوات من الجيش المصري الأراضي السودانية بنحو (4) كيلو مترات، في مطاردة لها لمعدِّنين سودانيين جنوب حلايب، هذا ما نقلته الوكالات من خطوط عريضة لخبر أشارت تفاصيله إلى اعتقال القوات المصرية (70) معدِّناً، سودانياً، داخل الحدود وقرب منطقة العلاقي بوادي أبو طباق، واستولت على آلياتهم وعرباتهم، فتحت نيران رشاشاتها على (5) من البشاريين واستولت على عربتَيْ بوكس كانوا يستقلونها واعتقلتهم وقادتهم إلى داخل حلايب المحتلة.
في ذات الوقت الذي نشرت فيه سلطات الاحتلال المصرية قوات خاصة للشرطة في حلايب باسم قوة إنفاذ القانون لمزيد من القبضة الأمنية ولكبت السكان.
القيادي القبلي “عثمان جول” قال في تقارير صحفية، إن القوات المصرية توغلت أربع كيلو مترات، جنوب حلايب المحتلة في مطاردتها للسودانيين بغرض نهب ممتلكاتهم، وأكد نهبها لعربتَيْ بوكس واعتقالهم أمس، خمسة من البشاريين في منطقة جبال عيسى أباروي، مشيراً إلى أن القوات المصرية استولت على ممتلكاتهم وآلياتهم، وطالب “جول”، سفير السودان بالقاهرة، بالبحث عن المعدِّنين والمعتقلين لإطلاق سراحهم، معبِّراً عن أسفه لتلك الهجمات المتكررة والمتزايدة.
ردَّاً على صلاة والي البحر الأحمر
وربط “عثمان جول” التصعيد المصري الأخير خاصة بتأدية والي البحر الأحمر، لصلاة عيد الأضحى قبالة بوابة حلايب المحتلة الجنوبية، وقال إن السلطات المصرية، منعت الدخول والخروج من حلايب للجميع بمن فيهم حَمَلة التصاريح، وقامت بإغلاق الحدود منعاً للخروج أو الدخول، وكشف “عثمان جول”، عن انتشار عسكري كثيف للجيش المصري في جبال حلايب معززين بدبابات وطائرات هيلكوبتر.
في وقت أكد فيه بعض الحضور لصلاة العيد مع والي البحر الأحمر التحرُّك العسكري المصري الكثيف في حلايب.
استعراض إعلامي
وناشد القيادي القبلي “جول” الحكومة ألا تستعرض إعلامياً في المنطقة على حساب الأهالي، مشيراً إلى أن السكان الأبرياء هم من يدفعون الثمن.
“عثمان جول” طالب الحكومة أن تستعيد حلايب بالاستعداد العسكري وليس بالإعلام، ودعا للاستعانة بقوات الدعم السريع.
تمصير حلايب
وبالرغم من حرص وزير الخارجية بروفيسور “إبراهيم غندور” على وضع العلاقات مع مصر في الإطار الأخوي الأزلي التاريخي، إلا أن مخزون العبارات الدبلوماسية كان أضعف من أن يعبِّر عما تمر به العلاقات السودانية المصرية في هذا التوقيت. وقال “غندور” خلال خلال حديثه في برنامج (لقاء خاص)، الذي بثته “فضـائية “الشروق” قبل أيام، أن العلاقات السودانية المصرية ليست “سمن على عسل”، اتهم “غندور” جهات لم يسمها، بالسعي إلى تعكير علاقات السودان ومصر.
مشيراً إلى أن قضية حلايب ستظل “خميرة عكننة”، وأن الشعب السوداني لن ينسى “حلايب”.
واستنكر “غندور” الاعتقالات التي يتعرَّض لها السودانيين في حلايب، وقال: (هؤلاء سودانيون وحلايب سودانية، فكيف يتم ترحيلهم عن أراضيهم)، وأعلن عن صدور توجيه لمنسوبي الخارجية في القنصليات السودانية بمصر بعدم إعطاء أي سوداني (فيزا) اضطرارية للترحيل بعد توقيف السلطات المصرية لهم في حلايب.
وأضاف الوزير قائلاً: (تمصير حلايب لن يجعلها مصرية بأي حال، وأن السودان ظل يدفع شكواه إلى مجلس الأمن منذ العام 1958، ويقوم بتجديدها سنوياً).
ابتسامة الوزير المصري
ولعل ابتسامة وزير الخارجية المصري “سامح شكري” لازالت عالقة بالأذهان وهو يخرج مسرعاً من قاعة “شيلا” بمباني وزارة الخارجية بعد إفلاته من أسئلة الصحفيين واختصار وزارة الخارجية السودانية للمؤتمر الصحفي الذي اختتمت به لجنة التشاور السياسي الأخيرة بين البلدين في الخرطوم، تاركة الكثير من الأسئلة بلا إجابة، خاصة في توقيت أعلنت فيه القاهرة عن إنشاء ميناءين في شلاتين وأبو رماد بتكلفة تصل إلى (270) مليون، جنيه مصري.
وكان من الملاحظ خلال اجتماعات لجنة التشاور السياسي بين البلدين التي انعقدت الشهر الماضي التوتر البادي على الوزيرين رغم محاولتهما رسم ابتسامة دبلوماسية باردة، في محاولة لإخفاء الكثير من الخلافات والملفات العالقة ليس آخرها التصعيد المصري في حلايب واعتقال المواطنين السودانيين هناك.
استمرار اعتقال المواطنين السودانيين في حلايب
وكانت القنصلية السودانية في أسوان قد رفضت قبل حوالي شهر استلام حوالي (200) مواطن، سوداني، اعتقلتهم السلطات المصرية من داخل حلايب، مؤكدة أنهم مواطنين سودانيين اعتقلوا من داخل الأراضي السودانية، وطالبت القنصلية القاهرة وقتها بإعادة المواطنين السودانيين لأراضيهم، وأكد مسؤول دبلوماسي لـ(المجهر) رفض ذكر اسمه أن الـ(200) مواطن سوداني، الذين كانت قد اعتقلتهم القاهرة ما يزالون قابعين لدى الجانب المصري.