ولنا رأي

جولة التفاوض والمصير

إن مصير شعبي الشمال والجنوب متوقف على بعض الأشخاص في المفاوضات التي تبدأ وتتوقف ثم تُستأنف بين الشمال والجنوب، هؤلاء الأشخاص إن كانوا في وفد التفاوض الشمالي أو الجنوبي بيدهم أن تستمر المفاوضات للأمام أو تتعثر أو تتعطل نهائياً، ولكن أعتقد أن تلك الجولة ربما تكون أفضل من الجولات السابقة؛ لأن الوفدين لا سبيل لهما إلا التوصل إلى حل ينهي المشكلة بين البلدين خاصة وأن المشكلة الأمنية أصبحت تشكل هاجساً يؤرق الطرفين، فإذا لم يتم التوصل إلى حل نهائي قد تتفاقم المشكلة وتتعقد أكثر.
إن وفدَيْ التفاوض الشمالي والجنوبي يعرفان بعضهما البعض جيداً، فقد كانوا في دولة واحدة قبل أن ينفصل الجنوب ويشكل دولته الوليدة، ولكن ينبغي على وفد التفاوض الجنوبي أن يسرع في حل المشكلة الأمنية حتى يضمن الأمن والاستقرار لشعبه الذي أنهكته الحرب ومزقت أوصاله الأمراض.
إن أعضاء وفد التفاوض الجنوبي لابد أن ينظروا إلى مستقبل دولتهم التي كانوا يحلمون بتأسيسها بل كانوا يحملون بأن يكونوا مواطنين من الدرجة الأولى، وها هي الفرصة جاءتهم ليكونوا مواطنين من الدرجة الأولى حسب ظنهم وحسب ظلمهم للشمال الذي احتضنهم في أحلك الظروف. وعندما اشتعلت الحرب لجأ أبناء الجنوب إلى الشمال ولم يلجأوا إلى دول الجوار الأقرب لهم. لجا أبناء الجنوب وعاشوا مع إخوانهم في الشمال دون تفرقة متساوين في كل شيء، فإذا كان الشماليون أصحاب تفرقة عنصرية ــ كما يدَّعى البعض منهم ــ لِمَ لجأوا تجاه الشمال؟.
إن بعض أعضاء وفد التفاوض الجنوبي يحسون بمرارات من الماضي لا زالت مؤثرة عليهم؛ ولذلك كلما تقدمت المفاوضات في مسارها نحو الحل تذكر أولئك مرارات الماضي وعكروا صفو المفاوضات ورفعوا سقف المطالبات من أجل التعجيز وليس من أجل الحل؛ ولذلك نجد في كل فترة وبدون أي مقدمات قد رُفعت المفاوضات إلى أن يتدخل الوسطاء من أجل إعادة التفاوض إلى مساره الصحيح، لذا فإن مسيرة التفاوض بين الشمال والجنوب تتطلب الإرادة القوية بين الطرفين بقدر ما ينظر الجميع إلى المستقبل الذي يتيح فرصة للعيش في أمن وسلام واستقرار.
إن الناظر إلى قرارات مجلس الأمن وتدخل الوسطاء في قضية السودان شمالاً وجنوباً يجد أن كل ذلك تدخل من أجل المصلحة الخاصة لأولئك، لذا ينبغي على أبناء السودان وفي تلك المفاوضات أن يراعوا مصلحة شعوبهم وأن يسعوا لحل المشكلة بعيداً عن الأجندة الخارجية أو المصالح الذاتية أو الشخصية، وينظروا إلى بقية دول العالم كيف ارتقت وكيف تقدمت ونهضت وكيف عاش إنسانها، وينظروا لماذا تأخرت شعوبهم، ولماذا أصبحت من الدول الفقيرة والمريضة؟ رغم أنها شعوب وبلاد غنية بكل الموارد، فإذا نظر أعضاء وفد التفاوض إلى مستقبل شعوبهم بالتأكيد سوف يتوصلون إلى حل يساعد على استقرار الدولتين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية