مسامرات
تواضع مطرب
محمد إبراهيم الحاج
لم يجد مغن شاب في الوقت الحالي فرصاً تضاهي أو تقرب مما وجده المغني الشاب “مهاب عثمان” رغم تواضع مقدراته الأدائية، وموهبته التي فضحها ترديد أغنيات مطربين آخرين، ولم يفتح الله عليه سوى بأغنية يتيمة كانت سبباً في شهرته.
*كثير من القنوات فتحت له أبوابها على مصراعيها خلال شهر رمضان الكريم وفي فترة العيد، إلا أن كل تلك الجهود الحثيثة لم تثمر ولم يقدم المغني الشاب ما يشفع له هذا الظهور المكثف والمتتابع.
*الذي لا يحفظ له الناس أغنية واحدة استنفذ كل طاقته في البحث عن منافذ إعلامية للإطلالة طوال الفترة السابقة، فيما توزعت اهتماماته المتبقية في التنقل بين أحدث موديلات الملابس وإحاطة نفسه بهالة من الألقاب لا تسمن فنياً ولا تغني إبداعياً.
*كنت حاضراً في حفل شارك فيه المغني الشاب الأسبوع الماضي، ورغم أن فرصة كبيرة أتيحت له ليقدم للناس تجربته المنفردة، ولو بـ(أغنية واحدة) قد تتسق مع الشهرة الكبيرة التي وجدها مؤخراً، الآن المغني الشاب لم يكف عن ترديد أعمال غنائية لآخرين.. أغنيات (قتلها) غيره غناءً وترديداً منذ عدة عقود من الزمان.
*ظهور باهت للغاية في البرنامج الجماهيري الأشهر (أغاني وأغاني) لمواسم متتابعة.. (تشويه) كبير لأغنيات الرواد “هاشم ميرغني” و”أحمد الجابري”.. وغيرهم. تقليعات غريبة ومنفرة… ببعض حفلاته عبر أكثر من قناة فضائية مشاهدة خلال الفترة السابقة.. تواجد شبه دائم عبر المنتديات الثقافية واللقاءات الفنية.. ورغم كل ذلك فمحصلته في التأثير والنجومية والأغاني المتداولة لا تتناسب البتة مع كل تلك المحاولات المحمومة من المغني في تثبيت دعائم أركان تجربته الفنية الفطيرة.
*إن كان الإعلام و(الشو) قادرين على صنع مطرب، لبات “مهاب” الآن في مصاف المطربين الشباب.. ولكن (الموهبة) و(القبول) و(القدرة على التأثير) و(الكاريزما) كلها مطلوبات أساسية تخاصم المغني الشاب وتحيل كل جهوده وإطلالته وتعمد فرضه على الناس بواقعية (وضع اليد) إلى لا شيء وتتناثر هباءً منثوراً.
*السعي الحثيث الذي تبذله بعض الفضائيات في البحث عن صنع نجومية لـ”مهاب” كانت ستكون أكثر فائدة فيما لو تم بذلها مع آخرين أكثر موهبة من “مهاب” لم تفتح لهم الفضائيات ذراعيها.. ولكن لعبة الإعلام دائماً ما تقع فريسة سهلة لبعض الكتابات التي تلفت النظر إلى مطرب دون سواه..
*ابحثوا عن مواهب خرجت من اسفل يدي النيل الأزرق عبر برنامج (نجوم الغد) فستجدون صفاً طويلاً من المطربين أصحاب المواهب الفنية العالية ينتظرون شارة الانطلاق لصناعة اسم قوي في الأغنية السودانية.. ابحثوا عن “أحمد مأمون” و”رامي” وعن آخرين لم تلتفت لهم القناة التي قدمت موهبتهم.
*اظن أن تجربة “مهاب” سوف تتوقف في مكانها.. لأنها تجربة بلا ملامح واضحة.. تجربة تحمل في جوفها أسباب فنائها.. وإن كان ثمة نصيحة أخيرة لـ”مهاب” هو أن يعود إلى تجريب مواهبه مرة أخرى مثل (التلحين) لآخرين.. أو كتابة الشعر لأن (سوقو برضو بقى حار)، ويرحمنا قليلا من صوته الذي يرهق الأسماع بصراخه الموجع.
*مسامرة أخيرة..
*أمس تقدم رئيس قسم البرامج بقناة اس 24 باستقالته.. وهو امتداد لنزيف القناة حديثة البث الفضائي لكوادرها الذين قامت القناة على اكتاف البعض منهم ..وهذا الخروج المتتابع للمنتجين ولمديري الأقسام ربما يؤشر على صحة الأقوال التي تقول إن مديرها العام لا يقبل رأيا.. ولا يستمع لآخر سوى صوته وصداه في كل ما يخص القناة.
*قد لا يعلم “الطاهر” أن المؤسسات الإعلامية تستطيع الصمود طويلا بتجانس منتسبيها.. واحتمال تباين الرؤى لأن الاختلاف في حد ذاته عنصر للقوة وليس باعثاً للتشتت والتفرق.