السودان وأمريكا ..هل من طريق ثالث
بعد تمديد العقوبات وتجميد المفاوضات
تقرير : فاطمة مبارك
تمديد العقوبات مقابل تجميد التفاوض:
ردت الحكومة على القرار الأمريكي بإرجاء البت في العقوبات المفروضة على البلاد بالتأجيل 3 أشهر، حتى الثاني عشر من شهر أكتوبر القادم، بقرار مباشر أصدره رئيس الجمهورية “عمر حسن أحمد البشير” بتجميد لجنة التفاوض مع الولايات المتحدة الأمريكية. ويجيء قرار الإدارة الأمريكية رغم إقرار خارجيتها بـ(أن السودان أحرز تقدماً كبيراً ومهماً في الكثير من المجالات)، فيما كانت تساند المخابرات الأمريكية (CIA ) خطوة رفع العقوبات نهائياً عن السودان على ضوء الحوار الذي دار بينها ورصيفها جهاز الأمن والمخابرات الوطني في السودان في الناحية الأخرى وقف بعض أعضاء الكونغرس، إضافة لبعض اللوبيهات ضد الرفع النهائي للعقوبات وهذا يؤكد وجود خلاف في أمريكا حول رفعها نهائياً عن السودان، وزير الخارجية بروفيسور “إبراهيم غندور” نفسه اعترف بذلك عندما اتهم عقب قرار التمديد بعض مجموعات الضغط بوقوفها وراء قرار التأجيل، فيما أكد أمس في المؤتمربعد تمديد العقوبات وتجميد المفاوضات
السودان وأمريكا ..هل من طريق ثالث
تقرير : فاطمة مبارك
تمديد العقوبات مقابل تجميد التفاوض:
ردت الحكومة على القرار الأمريكي بإرجاء البت في العقوبات المفروضة على البلاد بالتأجيل 3 أشهر، حتى الثاني عشر من شهر أكتوبر القادم، بقرار مباشر أصدره رئيس الجمهورية “عمر حسن أحمد البشير” بتجميد لجنة التفاوض مع الولايات المتحدة الأمريكية. ويجيء قرار الإدارة الأمريكية رغم إقرار خارجيتها بـ(أن السودان أحرز تقدماً كبيراً ومهماً في الكثير من المجالات)، فيما كانت تساند المخابرات الأمريكية (CIA ) خطوة رفع العقوبات نهائياً عن السودان على ضوء الحوار الذي دار بينها ورصيفها جهاز الأمن والمخابرات الوطني في السودان في الناحية الأخرى وقف بعض أعضاء الكونغرس، إضافة لبعض اللوبيهات ضد الرفع النهائي للعقوبات وهذا يؤكد وجود خلاف في أمريكا حول رفعها نهائياً عن السودان، وزير الخارجية بروفيسور “إبراهيم غندور” نفسه اعترف بذلك عندما اتهم عقب قرار التمديد بعض مجموعات الضغط بوقوفها وراء قرار التأجيل، فيما أكد أمس في المؤتمر الصحفي الذي عقده بمباني وزارة الخارجية أن الحكومة ستتعامل مع المؤيدين والمعارضين لرفعها من خلال محاولة إقناعهم.
الرئيس جمد التفاوض وليس عمل المؤسسات
تباينت ردود الفعل بشأن قرار التجميد الذي اتخذه الرئيس “البشير” ففي الوقت الذي اعتبره بعضهم مناسب ومهم تخوف أخرون من أن يقود إلى التصعيد ويرجع بالعلاقات بين السودان وأمريكا إلى المربع الأول.
ومن جانبه رفض “غندور” تفسير قرار الرئيس “البشير” الذي جمد بموجبه التفاوض مع أمريكا على أنه تصعيد، وقال: قرار الرئيس جاء متسقاً مع قرار إلغاء الرئيس الأمريكي “دونالد ترمب” للمادة (11) الفقرة (أ وب) التي كان يتلقى عبرها تقارير من (CiA، FBI) ومنظمات المجتمع المدني التي تمثل لجان التفاوض، مشيراً إلى أن الرئيس البشير جمد عمل لجنة التفاوض ولم يجمد عمل المؤسسات، مضيفاً أن السفارات موجودة والتعامل بين المؤسسات موجود ولم تقطع العلاقات أو يطرد السفير.
تفاؤل برفعها نهائياً
خضعت مدة تاجيل العقوبات لثلاثة أشهر لقراءات مختلفة بعض الدبلوماسيون من ناحيتهم تفاءلوا بمدة الثلاثة أشهر، وقالوا إنها تصادف نهاية ولاية الخبير المستقل لحقوق الإنسان في السودان ورفع تقريره عن حقوق الإنسان، وعلى ضوء ذلك ستتمكن الإدارة الأمريكية من إقناع المعارضين داخلها وترفع العقوبات نهائياً وفي السياق لازالت الحكومة تأمل في رفعها، أو كما قال وزير الخارجية “غندور” أنهم يأملون رفعها بعد الثلاثة أشهر، كذلك هناك من اعتقد بأن فترة الثلاثة أشهر، قصيرة وتدل على نية رفعها وبالمقابل هناك من يخشى مواصلة أمريكا لأسلوب المماطلات.
هل أخطأ السودان
رغم التغيير الذي طرأ على سياسة السودان نحو أمريكا ودخوله معها في تعاون واتفاقات بعضها معلن، وقد يكون بعضها الأخر غير معلن، في موضوعات تهم الأمن الأمريكي مثل موضوع محاربة الإرهاب والاتجار بالبشر، وسبق أن أعلن مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني مهندس فريق أول “محمد عطا” بعد زيارة قام بها إلى الولايات المتحدة الأمريكية عن تعاون استخباراتي أمني بين السودان وأمريكا، وتبع ذلك زيارات قيل تمت سراً بين الدولتين كانت إرهاصاتها تشير إلى أن هناك إستراتيجية تعامل جديدة، يمكن أن تقود لرفع العقوبات، خاصة أن الإدارة الأمريكية حاولت التظاهر بإبداء مرونة خلال هذه الفترة تجاه الحكومة السودانية فعيَّنت قبل أشهر ملحقاً عسكرياً في السفارة الأمريكية بالسودان بعد غياب أكثر من عشرين عاماً، وحصل تبادل لزيارات الملحقين العسكريين. كل هذه الأشياء قرأتها الحكومة لصالح رفع العقوبات.
وعود أمريكية لم تنفذ
دعونا نسترجع الوعود الأمريكية لحكومة السودان منذ توقيع اتفاقية السلام مع الجنوب السودان، في العام 2005م، دفعت أمريكا الحكومة السودانية على توقيع اتفاقية السلام والعمل على فصل الجنوب مقابل رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وأنهاء العقوبات، وبعد أن حققت هدفها صنعت مشكلة دارفور ورهنت هذه المطلوبات بتحقيق السلام في دارفور، ومن بعد أضيفت حرب المنطقتين، جنوب كردفان والنيل الأزرق، التي أدخلت في شروط رفع العقوبات، حيث كانت ضمن الشروط الخمسة، والآن أضافت أمريكا لهذه الشروط موضوع حقوق الإنسان، الذي لم يكن مضمناً فيها، لكن كان واضحاً أن الحكومة الأمريكية ستتحجج بموضوع حقوق الإنسان في السودان، حينما تتخذ قرار رفع العقوبات على ضوء بيان القائم بالأعمال الأمريكي في السودان “ستيفن كوتسيس” الذي استبق القرار بأيام قليلة وأبدى فيه قلق حكومته من حقوق الإنسان في السودان، والحكومة السودانية من ناحيتها فهمت الرسالة قبل صدورها، وقالت إنها لن تقبل بغير الرفع النهائي للعقوبات، فيما طالب رئيس البرلمان بروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” بعدم التصعيد وهو زار أمريكا واستمع لوجهة نظر الأطراف المعارضة لرفع العقوبات ويبدو أنه توصل إلى أن هناك جهات تحتاج لوقت حتى تتوصل لقناعة رفع العقوبات.
تجميد التفاوض مع أمريكا في نظر المراقبين
أصدر رئيس الجمهورية المشير “عمر حسن أحمد البشير” قراراً بتجميد لجنة التفاوض مع الولايات المتحدة الأمريكية حتى الثاني عشر من أكتوبر المقبل، وهو الموعد المحدد من الإدارة الأمريكية للبت في أمر العقوبات الاقتصادية ضد السودان، وألمح مراقبون إلى أن قرار “البشير” بتجميد التفاوض ورقة ضغط على الإدارة الأمريكية للتسريع في اتخاذ القرار الذي ينتظره السودانيون، وأشاروا إلى أن زيارة الرئيس إلى روسيا منتصف الشهر القادم ربما تكون واحدة من آليات الضغط على الحكومة الأمريكية.
وفي اتجاه موازٍ قال مراقبون إنه قد يكون لهذا القرار ما بعده، لاسيما أن هذه اللجنة تفاوضت في ملفات مهمة بالنسبة لأمريكا.
الإدارة الأمريكية وزيادة المكاسب
الإدارة الأمريكية واضح أنها تسعى لنيل مزيد من المكاسب من الحكومة السودانية في المجال الأمني والإستخباراتي، ممثلاً في موضوع الإرهاب والاتجار بالبشر، ومن غير المستبعد أن تسعى كذلك لتحقيق مكاسب لحلفائها في المنطقة على ضوء ما يدور من خلافات بينهم، وأن بعض هذه الدول كانت تتوسط لرفع العقوبات الاقتصادية عن السودان، وهذا يعني أن قرار تمديد رفع العقوبات عن السودان لن يكون بعيداً عن تفكير أمريكا في مصالحها.
ويجئ تمديد العقوبات الاقتصادية على السودان في وقت يتعرض فيه الاقتصاد لضغوطات ويمكن أن يزيد هذا التمديد من آثارها، وبالمقابل تتطلب فترة التمديد مزيداً من الجهود من قبل الحكومة للعمل على كافة الملفات ومنها ملف المصالحات السياسية في السودان، والذي ينتظر الحركة الشعبية شمال والحركات المسلحة.
//
حسن
الصحفي الذي عقده بمباني وزارة الخارجية أن الحكومة ستتعامل مع المؤيدين والمعارضين لرفعها من خلال محاولة إقناعهم.
الرئيس جمد التفاوض وليس عمل المؤسسات
تباينت ردود الفعل بشأن قرار التجميد الذي اتخذه الرئيس “البشير” ففي الوقت الذي اعتبره بعضهم مناسب ومهم تخوف أخرون من أن يقود إلى التصعيد ويرجع بالعلاقات بين السودان وأمريكا إلى المربع الأول.
ومن جانبه رفض “غندور” تفسير قرار الرئيس “البشير” الذي جمد بموجبه التفاوض مع أمريكا على أنه تصعيد، وقال: قرار الرئيس جاء متسقاً مع قرار إلغاء الرئيس الأمريكي “دونالد ترمب” للمادة (11) الفقرة (أ وب) التي كان يتلقى عبرها تقارير من (CiA، FBI) ومنظمات المجتمع المدني التي تمثل لجان التفاوض، مشيراً إلى أن الرئيس البشير جمد عمل لجنة التفاوض ولم يجمد عمل المؤسسات، مضيفاً أن السفارات موجودة والتعامل بين المؤسسات موجود ولم تقطع العلاقات أو يطرد السفير.
تفاؤل برفعها نهائياً
خضعت مدة تاجيل العقوبات لثلاثة أشهر لقراءات مختلفة بعض الدبلوماسيون من ناحيتهم تفاءلوا بمدة الثلاثة أشهر، وقالوا إنها تصادف نهاية ولاية الخبير المستقل لحقوق الإنسان في السودان ورفع تقريره عن حقوق الإنسان، وعلى ضوء ذلك ستتمكن الإدارة الأمريكية من إقناع المعارضين داخلها وترفع العقوبات نهائياً وفي السياق لازالت الحكومة تأمل في رفعها، أو كما قال وزير الخارجية “غندور” أنهم يأملون رفعها بعد الثلاثة أشهر، كذلك هناك من اعتقد بأن فترة الثلاثة أشهر، قصيرة وتدل على نية رفعها وبالمقابل هناك من يخشى مواصلة أمريكا لأسلوب المماطلات.
هل أخطأ السودان
رغم التغيير الذي طرأ على سياسة السودان نحو أمريكا ودخوله معها في تعاون واتفاقات بعضها معلن، وقد يكون بعضها الأخر غير معلن، في موضوعات تهم الأمن الأمريكي مثل موضوع محاربة الإرهاب والاتجار بالبشر، وسبق أن أعلن مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني مهندس فريق أول “محمد عطا” بعد زيارة قام بها إلى الولايات المتحدة الأمريكية عن تعاون استخباراتي أمني بين السودان وأمريكا، وتبع ذلك زيارات قيل تمت سراً بين الدولتين كانت إرهاصاتها تشير إلى أن هناك إستراتيجية تعامل جديدة، يمكن أن تقود لرفع العقوبات، خاصة أن الإدارة الأمريكية حاولت التظاهر بإبداء مرونة خلال هذه الفترة تجاه الحكومة السودانية فعيَّنت قبل أشهر ملحقاً عسكرياً في السفارة الأمريكية بالسودان بعد غياب أكثر من عشرين عاماً، وحصل تبادل لزيارات الملحقين العسكريين. كل هذه الأشياء قرأتها الحكومة لصالح رفع العقوبات.
وعود أمريكية لم تنفذ
دعونا نسترجع الوعود الأمريكية لحكومة السودان منذ توقيع اتفاقية السلام مع الجنوب السودان، في العام 2005م، دفعت أمريكا الحكومة السودانية على توقيع اتفاقية السلام والعمل على فصل الجنوب مقابل رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وأنهاء العقوبات، وبعد أن حققت هدفها صنعت مشكلة دارفور ورهنت هذه المطلوبات بتحقيق السلام في دارفور، ومن بعد أضيفت حرب المنطقتين، جنوب كردفان والنيل الأزرق، التي أدخلت في شروط رفع العقوبات، حيث كانت ضمن الشروط الخمسة، والآن أضافت أمريكا لهذه الشروط موضوع حقوق الإنسان، الذي لم يكن مضمناً فيها، لكن كان واضحاً أن الحكومة الأمريكية ستتحجج بموضوع حقوق الإنسان في السودان، حينما تتخذ قرار رفع العقوبات على ضوء بيان القائم بالأعمال الأمريكي في السودان “ستيفن كوتسيس” الذي استبق القرار بأيام قليلة وأبدى فيه قلق حكومته من حقوق الإنسان في السودان، والحكومة السودانية من ناحيتها فهمت الرسالة قبل صدورها، وقالت إنها لن تقبل بغير الرفع النهائي للعقوبات، فيما طالب رئيس البرلمان بروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” بعدم التصعيد وهو زار أمريكا واستمع لوجهة نظر الأطراف المعارضة لرفع العقوبات ويبدو أنه توصل إلى أن هناك جهات تحتاج لوقت حتى تتوصل لقناعة رفع العقوبات.
تجميد التفاوض مع أمريكا في نظر المراقبين
أصدر رئيس الجمهورية المشير “عمر حسن أحمد البشير” قراراً بتجميد لجنة التفاوض مع الولايات المتحدة الأمريكية حتى الثاني عشر من أكتوبر المقبل، وهو الموعد المحدد من الإدارة الأمريكية للبت في أمر العقوبات الاقتصادية ضد السودان، وألمح مراقبون إلى أن قرار “البشير” بتجميد التفاوض ورقة ضغط على الإدارة الأمريكية للتسريع في اتخاذ القرار الذي ينتظره السودانيون، وأشاروا إلى أن زيارة الرئيس إلى روسيا منتصف الشهر القادم ربما تكون واحدة من آليات الضغط على الحكومة الأمريكية.
وفي اتجاه موازٍ قال مراقبون إنه قد يكون لهذا القرار ما بعده، لاسيما أن هذه اللجنة تفاوضت في ملفات مهمة بالنسبة لأمريكا.
الإدارة الأمريكية وزيادة المكاسب
الإدارة الأمريكية واضح أنها تسعى لنيل مزيد من المكاسب من الحكومة السودانية في المجال الأمني والإستخباراتي، ممثلاً في موضوع الإرهاب والاتجار بالبشر، ومن غير المستبعد أن تسعى كذلك لتحقيق مكاسب لحلفائها في المنطقة على ضوء ما يدور من خلافات بينهم، وأن بعض هذه الدول كانت تتوسط لرفع العقوبات الاقتصادية عن السودان، وهذا يعني أن قرار تمديد رفع العقوبات عن السودان لن يكون بعيداً عن تفكير أمريكا في مصالحها.
ويجئ تمديد العقوبات الاقتصادية على السودان في وقت يتعرض فيه الاقتصاد لضغوطات ويمكن أن يزيد هذا التمديد من آثارها، وبالمقابل تتطلب فترة التمديد مزيداً من الجهود من قبل الحكومة للعمل على كافة الملفات ومنها ملف المصالحات السياسية في السودان، والذي ينتظر الحركة الشعبية شمال والحركات المسلحة.