"غندور": الحكومة ليست محبطة وردة فعلها ليست متهورة
قال إن قرار “ترمب” لم يلغِ رخصة التعامل ولا مبرر لارتفاع أسعار العملة
تفاصيل المؤتمر الصحفي لوزير الخارجية بشأن القرار الأمريكي
والعلاقات مع “واشنطن” لن تنزلق إلى مربع المواجهة
الوزير: التأجيل يشجع حملة السلاح ويكون بداية محاولة لخرق وقف إطلاق النار
تقرير – ميعاد مبارك
وسط حضور إعلامي كثيف عقد وزير الخارجية بروفيسور “إبراهيم غندور” مؤتمراً صحفياً أمس (الخميس) بقاعة “شيلا” بمباني وزارة الخارجية، بخصوص موقف الحكومة من الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأمريكي “دونالد ترمب”، بتأجيل الرفع النهائي للعقوبات حتى أكتوبر المقبل. “غندور” الذي بدا هادئاً رغم الإرهاق البادي على ملامحه أكد أن الحكومة ليست محبطة، وأن ردة فعلها ليست متهورة. وناقش خلال ساعة ونيف مسار علاقات “الخرطوم” و”واشنطن”.
حوار
بدأ “غندور” حديثه قائلاً: (منذ رفع العقوبات الجزئي في يناير الماضي أكدنا على مواصلة الحوار مع الولايات المتحدة في إطار خطة المسارات الخمسة، وأضاف (أن اللجنة المكلفة استمرت في عملها مع الطرف الآخر بنفس الأجهزة المعنية بالمسارات الخمسة بدءاً من أجهزة الاستخبارات إلى أجهزة الدفاع والشأن الإنساني والمالية والتي ظلت تلتقي بصورة دورية كل شهر، والحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية ليس جديداً وبدأ منذ العقوبات في نوفمبر 97 ومع “دانفورث” وصولاً لآخر مبعوث أمريكي، الحوار لم يتوقف وكان يأتي بروشتة افعلوا هذا وذاك ولكن الحوار الذي تم خلال العامين ونصف الماضيين كان مبنياً على خطة المسارات الخمسة التي وضعت فيها أربعة جداول، تتضمن ما هو مطلوب عموماً وفي الثاني ما هو مطلوب من حكومة السودان والجدول الثالث المطلوب من أمريكا والرابع هو تاريخ التوقيع. وأكمل “غندور” (بدأنا في 15-6 ويفترض أن ننتهي في 31-12 -2016 انتهينا في يوم 7-1 نتيجة لتأخر في المسار الإنساني وفي نهاية 2016 كل طرف التزم بما عليه التزاماً كاملاً. وأوضح الوزير أن خطة المسارات الخمسة في نهايتها تقول (إذا التزم كل طرف بما عليه ترفع العقوبات وتعلق القرارات التنفيذية رقم( 13-671) وتبدأ فترة تقويمية مدتها 180يوماً، وفي نهايتها إذا تم التأكيد على الاتفاق الكامل في ما التزم به ترفع العقوبات نهائياً)، مؤكداً أنه لم يكن هنالك حديث عن التعليق لشهرين أو ثلاثة أشهر أخرى ضمن الخطة المتفق عليها. وشدد “غندور” على أن مهلة الـ(6) أشهر هي فقط المتفق عليها.
تأثير العقوبات
وأكد وزير الخارجية أن تأثير العقوبات الأكبر على المواطن وليس الحكومة، مشيراً إلى أن المتضرر هو المواطن البسيط الذي لا يستطيع تحويل (100) دولار لأهله إذا كان يعمل خارج السودان. وزاد ( إن العقوبات الأحادية على السودان أثرت في بنية المجتمع الأساسية والفئات الفقيرة، وأن العقوبات الاقتصادية السالبة أثرت على السلم والاستقرار في المنطقة، إذ أنها جعلت الحركات أكثر تعنتاً في الوصول إلى السلام من خلال انتظار إسقاط الحكومة عبر العقوبات.
وأضاف (ولعل آخر دليل على ذلك هو أن هذه الحركات، وقطاع الشمال على وجه الخصوص، طلبت من لجنة الرئيس “أمبيكي” تأجيل الدعوة إلى جلسة حوار إلى ما بعد يوليو بالتزامن مع موعد اتخاذ القرار. وأبدى خشيته من أن التأجيل يشجع حملة السلاح ويكون بداية محاولة لخرق وقف إطلاق النار). وأشار “غندور” إلى الدعوة التي صدرت من الاجتماع الأخير بواسطة “عبد العزيز الحلو”، بالاستمرار في العمل المسلح حتى يتم إسقاط النظام.
توقعات
وقال “غندور” إن الحكومة لم تتوقع غير الرفع النهائي للعقوبات الاقتصادية، وأن تصريحه الذي سبق القرار ليس من فراغ أو عدم معرفة أو تهديد.
وأرجع قناعة الحكومة إلى توافق الطرفين عن أن خطة المسارات تم إنفاذها بصورة كاملة ومرضية للطرفين في آخر اجتماع .
أسباب التجميد
وقال الوزير إن القرار الأمريكي احتوى على أمرين جوهريين الأول تعديل التاريخ من 12-7 إلى 12 أكتوبر في كل فقرات القرار السابق، وألغى المادة 11 بشقيها أ و ب وهي التي كانت تتحدث عن أن الجهات المعنية في الولايات المتحدة السي أي أي والبنتاغون وغيرها، تكتب تقارير للرئيس الأمريكي لتوضيح المعلومات اللازمة فيما يلي المسارات الخمسة وبعد إلغائها الأمر الآن بيد الرئيس الأمريكي مباشرة أي بعد ثلاثة أشهر ليست هنالك تقارير مطلوبة من هذه الجهات، وهي الجهات التي كنا نتفاوض معها بلجنة مشتركة ولذلك تجميد اللجنة من جانب السودان من رئيس الجمهورية جاء احتجاجاً على القرار الأمريكي، بالإضافة إلى أن اللجنة قد أكملت حوارها مع الطرف الآخر، وأن المادة 11 أ و ب التي كانت تطلب تقارير من الطرف الآخر مجتمعة، بالإضافة إلى أن الحكومة ليس لديها مزيد لتضيفه في المسارات الخمسة نحن أوفينا كل ما علينا.
شكل العلاقات مع الولايات المتحدة
وقال “غندور” إن الحكومة وأجهزتها لن تتوقف عن التعاون مع من يتعامل معها في إطار علاقات ثنائية طبيعية، منوهاً إلى أنه في حال عدم وجود علاقات ثنائية لن يوجد تعاون.
وأوضح “غندور” أن العلاقات مع “واشنطن” مربوطة بعلاقات دبلوماسية في البلدين يشوبها توتر بسبب هذه العقوبات، ومشيراً إلى أنه إذا تم رفعها فسيحرز البلدان تقدماً واضحاً في العلاقات، حينها يمكن أن يتم التعاون والتحدث في جميع الملفات.
وأضاف الوزير (لن تنزلق الأمور بيننا والولايات المتحدة إلى مربع المواجهة على الأقل من جانبنا، وبالتالي لن نتحدث عن الأمريكان ليكم تسلحنا ولا عن الأمريكان ليكم تشلحنا إن شاء الله لابسين هدومنا وواقفين على حيلنا).
تنفيذ المسارات
وأكد “غندور” أن الحكومة تعتبر المسارات الخمسة التزاماً وطنياً.
وأشار إلى استقرار الأوضاع في دارفور بشهادة مجلس السلم والأمن الأفريقي الذي زار ولايات دارفور، وقرار تقليص قوة اليوناميد لخمسين في المية .
وأضاف “غندور” (الجانب الحكومي لم يطلق رصاصة لأكثر من عامين)، مشيراً إلى أن وقف إطلاق النار سيستمر حتى أكتوبر.
وأكد “غندور” أن الحكومة مستعدة للحوار حول السلام في أي زمن تدعو إليه لجنة الاتحاد الأفريقي، مشيراً إلى أن تعقيدات انقسام الحركة هي التي تؤخر المفاوضات، أما فيما يلي مسار الشأن الإنساني، قال “غندور” إنه مسؤولية أخلاقية .
وأكد “غندور” على استمرار الحكومة في التعاون في المسارات الخمسة مع “واشنطن” حتى أكتوبر، مضيفاً (أنهم ملتزمون كمؤسسات كل في مسؤوليته بالتعاون مع المؤسسة الموازية في “واشنطن” حول هذه الملفات).
وشدد “غندور” على التفريق بين الالتزام بالمسارات الخمسة وبين التعاون مع “واشنطن”.
وأشار الوزير إلى أن التعاون يكون مع الأطراف التي لديك معها علاقات طبيعية، وعبر عن أمله في أن يتم رفع العقوبات في أكتوبر القادم نهائياً).
مؤسسات ودول
“غندور” أثنى على دور عدد من المؤسسات الإقليمية والدولية منها الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والبرلمان الأفريقي والجامعة العربية، وأشاد بدعم بعض الدول لرفع العقوبات مثل المملكة العربية السعودية، دولة الإمارات العربية، قطر وإثيوبيا والكويت، كما شكر الشعب السوداني على صبره ووصفه بالمعلم الذي صبر على عسف وجور هذه العقوبات طيلة هذه الفترة.
وأشار إلى استياء الشعب السوداني من عدم رفع العقوبات.
رد على البيان الأمريكي
وعقب وزير الخارجية على بيان الخارجية الأمريكية الذي أعقب قرار الرئيس “ترمب”، قائلاً: (إن الأمر التنفيذي يمدد فترة المراجعة لثلاثة أشهر إضافية، وإذا نظرنا للنصف الملئ من الكوب فالقرار أيضا تمديد لإلغاء العقوبات ومن جهة تمديد للرفع الجزئي للعقوبات، ولكن عدم التزام “واشنطن” برفعها في الوقت المناسب هو محل اعتراضنا).
وزاد (إن التبرير الذي أوردته الإدارة الأمريكية لقرارها مهزوز ولكنه لإعطائها المزيد من الوقت).
وأشار “غندور” إلى فقرتين في حديث وزارة الخارجية الأولى حول ملف حقوق الإنسان، مشدداً على أنها لم تكن ضمن المسارات الخمسة وإنما تحدث المحاورون الأمريكيون أحياناً، عن اعتقالات أفراد وأكد أن الحكومة السودانية تفخر بسجلها في حقوق الإنسان، وأن قضية حقوق الإنسان وردت لإرضاء بعض الجهات التي تحاول أن تلفق تهماً لملف حقوق الإنسان في السودان.
الوزير دعا للتصدي لتلك الجهات، مبدياً أسفه من أن بعضها من السودانيين خانوا هذا الوطن. وأضاف علينا أن نفرق بين الحكومة والشعب، وإذا كنت تعارض الحكومة عارضها بأسلوب شريف.
أما الفقرة الثانية التي أوردها “غندور” في التقرير الأمريكي هي التأكد من التزام السودان بالتنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن بخصوص كوريا الشمالية، مؤكداً أنه ليس ضمن المسارات ولكن الحكومة ملتزمة بقرارات مجلس الأمن الدولي، وأن لا تعاون بينها وبين كوريا الشمالية).
وأكد “غندور” أن الحكومة ليست محبطة أو متضايقة من القرار الأمريكي، وليست متهورة في ردة فعلها. وأضاف( ما حنطلع في الشارع لكن سنمارس حقنا كدولة ذات سيادة ورفع العقوبات عن شعبنا حق أصيل نصت عليه مواثيق الأمم المتحدة).
تفاهم مع أعضاء الكونغرس
وقال الوزير إن المذكرة التي وقعها 23 نائباً في الكونغرس الأمريكي كان المستهدف فيها جمع توقيعات (54) نائباً، معتبراً ذلك إشارة واضحة إلى أن بعض المستهدفين لم يوقعوا وبعض الذين لم يوقعوا زاروا السودان والتقاهم رئيس البرلمان في أمريكا.
وأشار إلى جهود المواطن السوداني “الصادق خلف الله” صاحب مؤسسة هامتي دامتي.
وأكد أن ثلاثة وعشرين عضواً من أصل (500) عضو في الكونغرس الأمريكي، نسبة قليلة ولا تحتاج إلى مواجهة لأنها لوبيات ضعيفة، وفيما يلي المؤسسات المناهضة لقرار رفع العقوبات وسماها غندور (جورج كلوني وبرنتر قاست) وقال إن الخرطوم لا تريد أن تُضيع زمنها مع هذه اللوبيات، مشيراً إلى أن جزءاً كبيراً من الشعب الأمريكي والسياسيين والدبلوماسيين كتبوا في الصحف أو أشاروا، إلى أن السودان يستحق رفع العقوبات، وسنتواصل مع الايجابيين والسلبيين لإقناعهم بموقفنا.
الرخصة العامة
ونوه “غندور” إلى أن قرار “ترمب” لم يلغِ الرخصة العامة التي تعطي الحق لأي مواطن أمريكي للتعامل مع أي مؤسسة سودانية فيما هو مسموح به في التعامل التجاري، مشدداً على أن العلاقات بين الخرطوم وواشنطن لم ترجع للمربع الأول.
وأكد “غندور” أن تجار العملة يستغلون أي فرصة لإيهام الناس بأن هنالك متغيرات، مؤكداً أنه لا توجد متغيرات فيما يلي التعاملات المالية، لأن العقوبات مرفوعة جزئياً وهي ما زالت مرفوعة كذلك.
وأشار الوزير إلى أن تحفظات الجانب الأمريكي على انضمام السودان لمنظمة التجارية العالمية ملاحظات فنية، وأن خبراء السودان أجابوا عليها، متوقعاً أن تمضي الأمور على ما يجب أن تمضي إليه دون ربط بين القرار الأمريكي وانضمامنا للمنظمة.
زيارة الرئيس لروسيا
وأكد “غندور” أنه ليس هنالك أثر لزيارة الرئيس لروسيا على رفع العقوبات. وأضاف (لا يجب أن يكون لها أثر والولايات المتحدة الأمريكية لها علاقات جيدة مع روسيا، وبالتالي ليس هنالك ما يمنع السودان من أن يقيم علاقات مع أي جهة).
وأشار الوزير إلى أن دول العالم كلها لها علاقات مع كل الدول، مبدياً استغرابه من أن السودانيين يربطون العلاقات بين الخرطوم ودولة بدولة ثالثة، وأكد أن السودان يتمتع بعلاقات مع كل الدول.
دول الخليج
ونفى وزير الخارجية أن تكون دول الخليج المقاطعة لقطر قد لعبت دوراً في تمديد العقوبات.