تقارير

هل يؤثر القرار الأمريكي الجديد على الانفراج النسبي في الجانب الاقتصادي؟؟

راجع أسهم السودان ببورصة الإمارات وخبراء يفندون القرار
“الرمادي”: القرار لا يعني الجانب الاقتصادي وإنما التأجيل لدواعٍ سياسية
تقرير – نجدة بشارة
 أرجأت الإدارة الأمريكية النظر في قرار رفع العقوبات عن السودان بعد أن كان قاب قوسين من إلغاء العقوبات نهائياً، وأصدر الرئيس “دونالد ترمب” أمراً تنفيذياً بتمديد فترة مراجعة الأوضاع في السودان، فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان لمدة ثلاثة أشهر إضافية، وانصب الاهتمام الداخلي في السودان والخارجي في الدول الأخرى بشأن عودة سريان التبادل التجاري وتعزيز فرص الاستثمار ورفع القيود المتعلقة بالتحويلات.. (المجهر) قلبت مع خبراء ومحليين مدى تأثير القرار على ما هو قائم من انفراج نسبي في ملف الحظر الاقتصادي الذي أقرته الإدارة الأمريكية قبل ستة أشهر، وما إذا كان ذلك سينعكس سلباً على الاستثمارات وإقبال رؤوس الأموال الأجنبية وغيرها من المسائل الاقتصادية. 
الخبير الاقتصادي والنائب البرلماني د. “بابكر التوم” قال في حديثه لـ(المجهر) إن السودان استوفى المطلوبات الخمسة، وإن عدم الرفع لم يكن متوقعاً بالنسبة للحكومة والشعب، وأضاف: (ليس هنالك ضرورة  للتأجيل لثلاثة أشهر أخرى)، مشيراً إلى أن العالم يشهد على ما أحرزه السودان في هذه المطلوبات الخمسة، إلا أنه عاد وأعاب على الحكومة عدم الترويج إعلامياً لما يجري داخل السودان بشأن هذه الملفات الخمسة، وأضاف: (لدينا قصور إعلامي)، وطالب بأن يخطو السودان بنظرة ثاقبة ويترك نظرة التلويح (أمريكا قد دنا عذابها).
وطالب “التوم” الدولة بالانفتاح أكثر على العالم والنظر بعمق للتحولات السياسية التي تحدث الآن بما فيها الصراع بمنطقة الخليج.
{ جدية من قبل أمريكا
 الخبير الاقتصادي ووزير المالية الأسبق د. “عز الدين إبراهيم” اعتقد  في تصريح لـ(المجهر) أن تأجيل القرار لثلاثة أشهر دليل على أن  هنالك جدية من قبل أمريكا لرفع الحظر عن السودان، ورأى أنه قد تكون هنالك خلافات داخل الإدارة نفسها بين مؤيد للرفع وداعٍ لرفع العصا تجاه السودان، وهي الفئة الغالبة لإجبار السودان على البقاء في مرمى هدفها.
{ إفرازات التأجيل
وتوقع د. “إبراهيم” أن يؤدي قرار التأجيل إلى إحباط المستثمرين الأجانب والشركات التي سبق وأبدت رغبتها في الاستثمار بالسودان، وقال: (هنالك غضب وإحباط على المستوى الداخلي والخارجي من تأجيل القرار)، وطالب بإجراء سياسات جديدة للتأقلم مع سياسات أمريكا تجاه حظر السودان ووضع نهج للتعامل، وتوقع أن ينعكس قرار التأجيل سلباً لفترة من الوقت فيما يخص الأوضاع الاقتصادية قبل أن يعود الاستقرار مجدداً.
{ التأجيل لن يضر السودان اقتصادياً
من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي “عبد الله الرمادي” لـ(المجهر) أن قرار التأجيل لن يؤثر كثيراً على الاقتصاد السوداني عقب القرارات التجارية والمالية التي أحرزت تقدماً ملحوظاً، وقال إن الحظر لا يعني الجانب الاقتصادي الآن بقدر ما يعني التأجيل لدواعٍ سياسية،  وأشار إلى أن ذلك يعد مؤشراً إيجابياً نأمل أن يقود إلى الرفع النهائي للعقوبات، وطمأن بأن ليس هنالك أي مبرر للارتداد عن الرفع الجزئي خاصة وأن هنالك شركات أمريكية كبيرة لديها مصالح وتضررت من العقوبات المفروضة، وكل الدلائل تؤكد أنه لا يمكن لأمريكا التراجع عن قراراتها فيما يخص الجانب التجاري والمالي.
إلى ذلك، رأى “الرمادي” أن الدبلوماسية الأمريكية مشغولة الآن بأزمة دول الخليج، مما حدا بها إلى تأجيل القرار لكسب مزيد من الوقت للتدقيق أكثر من إيفاء السودان بشروطه كاملة.
{ تراجع أسهم السودان ببورصة الإمارات
تراجعت الأسهم السودانية المدرجة في أسواق المال الإماراتية، بنحو ملحوظ خلال تداولات يوم أمس، بعدما أصدر الرئيس الأمريكي أمراً تنفيذياً بتأجيل قرار رفع العقوبات لمدة ثلاثة أشهر أخرى حسب وكالات، وانخفض سهم “مصرف السلام ـ السودان”، المدرج في سوق دبي المالي، بنسبة (3.85 بالمائة) متصدراً قائمة الأسهم الخاسرة في السوق.
وطبقاً لـ(الأناضول)، فإن أسهم مجموعة “سوداتل” للاتصالات، المدرجة في سوق أبو ظبي للأوراق المالية، انخفضت بنسبة (3.64 بالمائة)، وسط تداولات بقيمة (1.24) مليون درهم (337.6 ألف دولار).
{ المراقبة المعلقة
وحسب خبراء، فإن بيان وزارة الخارجية قد أدرج لفظ استمرار الرقابة على السودان في الثلاثة أشهر القادمة فيما يختص بأدائها في حقوق الإنسان، وهو الشيء الذي يشي برغبتها الخفية في فرض استمرار رقابتها والإبقاء على تعاون السودان وتحت وصايته، وقال خبراء إن الثلاثة أشهر ستلحقها ثلاثة أشهر، ثم ستلجأ إلى أسلوب المراقبة المعلقة بدلاً عن الإلغاء أو الاستمرار في سياسة الحصار، لذلك أوصى الخبراء بضرورة تجاوز محطة أمريكا والاتجاه إلى الدول الأوروبية الأخرى ومحاولة التأقلم مع الحظر.
ويرى الخبير والمحلل دكتور “هيثم محمد فتحي” أن عدم الرفع سيرجع الاقتصاد الوطني إلى المربع الأول، بل سيكون أثره أشد وأعنف وأكثر قسوة على جميع شرائح المجتمع وسيزيد من الخناق، خاصة فيما يتعلق بالنقد الأجنبي وزيادة التضخم وتدهور الصحة والتعليم بالبلاد، بجانب تردي قطاع السكة الحديد والنقل البري والجوي والبحري، فالسودان تضيع منه سنوياً (18) مليار دولار قادمة من الصناديق المانحة.

أما الخبير الاقتصادي دكتور “السماني هنون” فقد رسم صورة قاتمة للفترة القادمة، حيث قال إن الوضع الاقتصادي سيستمر في الحالة السالبة ويحدث تضخم وتراجع في سعر الصرف، وتتزايد نسب البطالة وستكون هنالك أخبار متشائمة مما يؤدي إلى انتكاسة وحالة إحباط.
وعن الفرص المتوفرة أمام الحكومة للخروج بالوضع إلى بر الأمان قال إنها فرص ضعيفة، لأن مسألة الحصار طالت ونخرت في عظم الاقتصاد، وربما كل الكروت التي أمام الحكومة نفدت والخيار توظيف الإصلاحات المطلوبة بحيث تساعد في مفاوضات أخرى.
لكن سابقه الدكتور والمحلل الاقتصادي “هيثم محمد فتحي” قال إن العقوبات المفروضة يكتوي بها شعب السودان منذ عشرين عاماً ولا تؤثر على الحكومة في شيء.. السودان أوفى بمتطلبات رفع الحظر ولا زال مستمراً في كل السياسات التي تتطلبها فترة السماح.
وحسب دكتور “هيثم”، فإنه يبدو أن الأمر مدروس بصورة اقتصادية من الجانبين ومحسوب بصورة دقيقة تساهم في تقليل أي آثار اقتصادية سالبة على السودان، وتؤثر على الاستثمارات الأجنبية  والشركات وحركة الصادر والوارد والتجارة الخارجية والمحلية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية