رئيس الحزب الديمقراطي الليبرالي د."ميادة سوار الدهب" للمجهر
كثير ما صاحبها الضجيج الذي يلازم الشخصيات المثيرة للجدل، رغم ظهورها حديثاً في الساحة السياسية، إلا أنها استطاعت انتزاع نجومية يعتبرها الكثيرون وخاصة خصومها غير مستحقة، فالطبيبة النفسانية التي علقت صورتها في أذهان مستخدمي الإعلام الاجتماعي إبان إضراب الأطباء في العام 2010م، استطاعت خلال فترة قصيرة أن تتزعم حزباً يحظى بقاعدة جماهيرية لا بأس بها، خاصة بين المحبطين من اليسار الأيديولوجي والطامحين من الوسط التقليدي، ولكن د.”ميادة سوار الدهب” ظلت معروفة في الأوساط السياسية كرئيسة للحزب الديمقراطي الليبرالي دون أن يعلم الكثيرون من هي “ميادة” بعيداً عن السياسة.
(المجهر السياسي)، التقت بها في منزلها بضاحية شمبات، ودردشت معها:
حاورتها : رشان أوشي
*من هي ميادة سوار الدهب؟.
-أنا من مواليد الخرطوم، درست كلية الطب جامعة الأحفاد، ودراسات عليا ماجستير ودكتوراة الطب النفسي، المراحل المدرسية الأولية تلقيتها داخل وخارج السودان، كما أنني نشأت في بيت وأسرة “سوار الدهب” الممتدة، أما الأسرة الصغير فهي متعلمة جداً، حيث ثمانية من أعمامي المباشرين أطباء نساء ورجال، إذاً نحن بيت علم، وفي ذات الوقت تجمع أسرتنا بين التقليد والحداثة، وجدي لوالدي “إبراهيم النور سوار الدهب” كان الحاكم العسكري في عهد “عبود” على الإقليم الشمالي والخرطوم بحري، وقائد سلاح الطيران، وكان أديباً وشاعراً، ومتصوف، وفي ذات الوقت رجل مستنير، عندما بعث بناته للدراسة في الخارج كان قلَّ ما تسمح الأسر وقتها للبنات بالسفر، أي أننا أسرة مزجت بين الحداثة والتقليد والتصوف، كلها أشياء شكلت شخصيتي، أما جدي لأمي فقد كان من أوائل الذين تعلموا في كلية غردون، وهو رجل معروف عنه الورع والتقوى، والده “أحمد بك أبو القاسم” استشهد في معركة شهيرة ضد المستعمر البريطاني، أخوالي لأمي من أسرة الشيخ “إدريس” ود “الأرباب” في العيلفون.
*متى انضممتِ للحزب اليبرالي؟.
-الحزب الليبرالي حزب ذو تاريخ طويل لأنه جزء من تركيبة القوى الحديثة منذ بداية التسعينات، وتكون نتيجة لاندماج أربعة تنظيمات، انضممت له منذ ذلك التوقيت.
*من الذي استقطبتك للحزب؟.
الفكرة هي من جندتني، والطرح، والقيادة النوعية الشبابية، وفكرة تصدير قيادات شابة، وقوى حديثة، الحزب أعلن عن نفسه في وقت كانت الساحة السياسية فيه بحاجة لفكر جديد، وقيادة راشدة وانحياز لقضايا النساء والشباب.
*متى بدأت علاقتك بالسياسة؟.
السياسة في نظري هي كل شيء معني بأمور الحياة، وأحياناً تأخذ أشكال مختلفة أبعد من فكرة الحزبية الضيقة، كان لديَّ اهتمام بالعمل العام، في البدايات أخذ الطابع الخدمي والإنساني المجتمعي وبعدها تطور للنقابي، فخورة جداً بفترة النقابة، العمل النقابي يصقل السياسي، لأنه يدعم فيه التجرد والعمل للمصلحة العامة، ومنه تطور منظوري للشكل الحزبي.
*لم يسمع الإعلام ولا ساحات العمل العام بـ”ميادة سوار الدهب” قبل إضراب الأطباء الشهير عام 2010م؟.
هذا أمر طبيعي، لأن الإعلام لا يهتم بالجوانب التي كنت فاعلة فيها.
*تقييمك لتجربتك رئيس حزب، خاصة وأننا في مجتمع مازال لا يقبل فكرة زعامة المرأة؟.
واجهت كماً هائلاً من التحديات والصعوبات، وقيادة الحزب كانت تتطلب وجود شخصية قوية ولديها إرادة كبيرة، أنها مسيرة صعبة وشاقة، ولكنها كانت تجربة فريدة، وأتمنى أن ترسخ لنموذج جديد في الساحة، حيث طرحت تجربتي كرئيس حزب فكرة مختلفة في الساحة، وهي تُصدر شاباً يمثل شريحة الشباب لرئاسة حزب، وأيضاً امرأة، وكان على إثبات أنني جديرة بهذا الموقع ولدى الكفاءة الكافية لأصبح رئيساً للحزب، كما أنه تطلب مني مجهود إضافي، عموماً النساء يبذلن مجهود إضافي للمناصب القيادية، إضافة إلى القوى الحديثة نفسها لم تترسخ في المجتمع السوداني.
*تقودين حزباً يرفع شعارات ليبرالية ثم تندمجين في حزب تقليدي كالحزب الاتحادي.. كيف يستقيم الأمر؟.
نحن جميعنا قوى وسط، وأنا سعيت لنقل الحزب ليعبِّر عن الوسط السوداني، لأن الوسط يتماشى مع المزاج السوداني، وصمام أمان، لأن الأزمة السودانية أساسها الاستقطاب الأيديولوجي الحاد بين اليمين واليسار، والاتحاديين بشكل عام هم قوى وسط أيضاً، إذاً هنالك انسجام فكري.
*يصفك خصومك السياسيين بأنك آحادية الرأي؟.
أنا مبدأي في العمل هو الشورى، لأن الشورى تجعلك ترى من زوايا مختلفة، لكي تصدر قراراً سليماً يجب أن تكون متعدد الزوايا، أنا بشكل عام من النوع الذي يهتم بأي رأي يقدم لي حتى من العامة، واهتم بالنقد المقدم لي، واستقي آرائي من العامة ومن فئات أخرى، لكن القيادي يحتاج أحياناً في بعض المواقف لقرارات جريئة وحاسمة، وهذا اعتقد أن القيادي يجب أن يكون لديه بعد نظر للأمور، ويتطلب اتخاذ قرارات فردية وحاسمة.
*أنت ضعيفة المقدرات السياسية.. هذا رأي من زاملوك في الأحزاب الليبرالية؟.
لم أسمع بهذه الحديث من قبل، من الممكن أن ينجح الشخص صدفة، ولكن يستحيل أن يستمر صدفة، الاستمرارية في الحياة هي التي تحدد نجاحك.
*تحالفتي مع أحزاب إسلامية “قوى المستقبل”، ألا تعتقدي أنه ضرباً من التخبط السياسي؟.
تغييب لبعض الحقائق، وتصدير للفكرة بشكل محدد، قوى المستقبل تتحدث عن تنسيقية بين مراكز المعارضة، نحن في الحزب الديمقراطي الليبرالي قدمنا مبادرة سودان الغد، وحدة المعارضة على أساس الرؤى، ونحن أول تنظيم سياسي قدم فكرة تعدد المنابر، فكرة التحالف كانت قائمة على أن يكون هناك تنسيقاً بين جميع الكتل الموجودة في الساحة السياسية للخروج برؤية واحدة، أي أنها تتماشى مع فكرتنا المطروحة، طبيعة كل مرحلة لديها معطيات وحيثيات، وبالتالي تتشكل آلياتك وفق معطيات المرحلة، في تلك المرحلة كنا بحاجة لكتلة اتفاق حد أدنى، الاختلاف الأيديولوجي في اتفاقيات الحد الأدنى لا قيمة له، هذه ليست انتخابات لكي تتطلب وحدة فكرية.
*بنية الوعي الجمعي للإنسان السوداني .. لم تتقبل الليبرالية فكراً ونمط حياة بعد؟.
نحن نقدم برامج وحلاً للناس، مبنية على أسس علمية، ونقدم أنموذج مختلف في السياسة السودانية، انحياز لقضايا الناس.
*هل العمل السياسي بالنسبة لك “ميادة” الأنثى، ولكل النساء باهظ التكاليف الاجتماعية؟.
نعم.. باهظ جداً، العمل السياسي مضن كثيراً، ويتطلب مساحات وقت كبيرة وتركيز عالٍ، وضوابط، أنا أحب العمل العام والسياسة، أنا أمارس العمل السياسي بدافع المسؤولية، ودافع وطني وحب كبير، لا أرى نفسي سوى في الوضع الذي أعيشه الآن، كما أنه فتح لي آفاق التفاعل مع المجتمع بشكل أعمق وأكبر.
*السياسة لا تنفع النساء؟.
المرأة اقتحمت كل المجالات، ما ذكرته هو الفكرة المصدرة للمجتمع بأن المجال السياسي لا ينفع للنساء، وهذا خلق نوع من أنواع عدم القدرة على الاستمرارية، كثير من النساء السياسيات تساقطن، وهذا انعكاس للفكرة المغروسة في أذهانهن، في كثير من الأحوال المرأة تعتقد أنها لا تستحق أكثر من ذلك، يجعلهن يتوقفن عند حدود بعينها، بالرغم من أن الحركة النسوية في السودان بدأت باكر جداً.
*هنالك أحزاب تقدمية مازالت تحصر النساء في خانة الـ(25%) نسبة مشاركتهن ؟.
أنا ضد فكرة التمثيل الشكلي للمرأة، بالرغم من أني مع التمييز الإيجابي، لأن التمثيل الشكلي أضر بوضعها وانعكس عليها بطريق غير مباشر لوضعها، لأنه حينما يتم تصديرك كتمثيل شكلي بدون أن يكون مبني على جدارة واستحقاق، هذا ينعكس على صورة المرأة السياسية في أذهان الناس.
*ماذا خصم منك موقعك كرئيس حزب؟.
نعم.. خصم كثيراً، أهمها الحرية في التعبير عن الآراء الشخصية، والمواقف التي تحتاج أن أعبَّر فيها عن رأيي، أنت كرئيس حزب توضع لك ضوابط، أهمها يجب أن تقف على مسافة واحدة من الجميع، وأن تتمتع بالدبلوماسية، خصم منك الحرية الشخصية، أنا لم أعد ملك نفسي.
*هل خططت “ميادة” لأن تصبح يوماً ما، رئيساً للحزب أم أنها الصدفة؟.
كنت أؤمن تماماً بدوري في الحياة وأنه يجب علبَّ القيام به، واعتقد دائماً أنه لا يجب عليَّ أن أعيش تجربة عادية، وأفكر في أن أخلِّد تاريخ، ولكن لم أملك تصوراً له.
*ألم يتغلب إحساسك الأنثوي العاطفي على واقعية السياسية وقسوتها؟.
عموماً .. ما ذكرته من العنصر العاطفي مصدر قوة، العمل السياسي هو عمل إنساني، يجب ألا تغيب عنك العاطفة، لأن مهمتك هي الانحياز لمطالب الناس وخدمتهم، تصدير السياسي كشخص قاسٍ مفهوم مغلوط.
*هل بالضرورة أن يكون السياسي خبيث؟.
نحن نعمل على ترسيخ مفهوم (السياسة عمل نظيف)، ونمحو من أذهان الناس أنها لعبة قذرة، يجب أن يتحلى السياسي بالدهاء، والصرامة وقوة الشخصية والصبر وضبط النفس، كلها خصائص يحب أن تكون في السياسي.
*كيف تتخذين قراراتك؟.
أنا مطالبة بالمبدئية والموضوعية، وما يتوافق مع قيمي وأخلاقي.