مسألة مستعجلة
جدل المسؤولية في الإسهالات المائية!!
نجل الدين ادم
ما أن يحل صباح حتى تجد الإسهالات المائية قد حلت على واحدة من الولايات أو محليات السودان المختلفة، ومن مخاطر المرض رغم يسر سبل المعالجة أنه يحصد الأرواح في حالة أي تباطؤ في العلاج، المئات من حالات الوفاة تم تدوينها فعلياً بدفاتر وزارة الصحة الولائية والاتحادية، بجانب آلاف من حالات الإصابة.. قلق شديد بات يعتري المواطنين جراء هذا الهجوم المباغت لهذا الوباء اللعين، وهنا يطرأ السؤال المهم: من يطمئن المواطن البسيط بإمكانية تدارك هذا المرض بقليل من الاهتمام؟ هذه هي مسؤولية وزارة الصحة الاتحادية التي تعنى بالبرنامج التثقيفي، ولكن فوق كل ذلك تبقى مسؤولية احتواء المرض من أوجب واجبات الولايات وتحديداً المحليات، بوصفها هي المسؤولة عن إصحاح البيئة وعن خدمات المياه.
قبل أيام حدث جدل كثيف هو المسؤولية المباشرة عن علاج هذا المرض ونأت كل جهة بنفسها، ونحن نعلم أن هناك وزارة تعنى بالبيئة وهي المسؤولة عن صحة البيئة من إزالة نفايات ومخلفات ضارة وتلوث وغيرها، وهناك وزارة للموارد المائية والري والكهرباء وهي تعنى بتوفير مصادر المياه الآمنة، فقد أثبتت التقارير أن السواد الأعظم من حالات الإصابة بالإسهالات المائية مردها هو مصادر المياه، سواء أكانت أنهاراً أم صهاريج، تتكامل مع إصحاح البيئة.
كتبت قبل أكثر من أسبوع عن ذات الملامح المتعلقة بالمسؤولية لكنني أجدها اليوم تتعاظم، والمسؤولون يصرحون، كل ينفي مسؤوليته المباشرة في ظل تمدد الوباء بصورة مخيفة!
الوقت الآن ليس في تحديد المسؤولية بل في تدارك الموقف ووقف زحف هذا المرض، ليس بالضرورة أن تنتظر وزارة الصحة الاتحادية الولايات لتقوم بواجبها الحتمي الذي حدده لها الدستور في التعاطي مع مثل هذه المشكلات، بل من أوجب واجبات وزارة الصحة الاتحادية من ناحية أخلاقية أن تتقدم صفوف المعالجة وهذا ما تقوم به الآن، فهي تكاد تعمل حالياً وحدها في مقابلة جبهات الوباء المتمدد، وهذا يحسب للوزارة رغم أنه كان ينبغي لبقية الأطراف بما في ذلك وزارة الموارد المائية أن تتحرك، ويبدو أن تجاوز وزارة الصحة لمحطة المسؤولية والمضي في اتجاه المعالجة جعل بعض الجهات ذات الصلة تتعاطى مع الأزمة بهمة عالية، كما فعلت وزارة الموارد المائية وهي تتحرك الآن في معالجة مصادر المياه، أيضا يبدو أن الولايات بدأت تستوعب حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها، لذلك بدأت ترتيب نفسها.
كذلك وزارة البيئة الاتحادية وبما تحمل من مسؤوليات وفق الدستور تتعلق بالسياسات من أوجب واجباتها أن تمضي في اتجاه معالجة أوجه القصور البيئي بالتنسيق مع الأجهزة الولائية والمحلية.
سعدت الأسبوع الماضي بالاستماع إلى حجم التحرك الذي بدأته وزارة الصحة الاتحادية خلال التنوير الذي قدمه وكيل الصحة الدكتور “عصام محمد عبد الله” ومعاونه الدكتور “صلاح مبارك الخليفة” مدير الوبائيات والدكتور “إسماعيل” مدير إدارة إصحاح البيئة، بحضور الوزير الاتحادي “بحر إدريس أبو قردة”، على هامش الإفطار السنوي للوزارة.. جملة من المعلومات والتدابير المهمة ساقها مسؤولو وزارة الصحة الاتحادية متجاوزين سقوفات المسؤولية بالمضي في اتجاه محاصرة المرض ويزور الوكيل عدداً من الولايات ميدانياً.
أتمنى أن تكون هذه المحنة التي ألمت بعدد من الولايات سابقة تستفيد منها الحكومة الاتحادية في إعادة النظر بالمسؤوليات في مثل هذه الظروف العصيبة حتى لا تضيع أرواح الأبرياء من المواطنين في زخم الجدل حول المسؤولية، لأن الدستور فصل كل ذلك بصورة دقيقة، وما سواه يظل محض مغالطات لا تجدي في مثل هذه الحالات.
الآن مطلوب من كل الجهات التي أشرت إليها سواء أكانت اتحادية أم ولائية أن تعمل بروح التيم الواحد من أجل عبور هذه المحطة إلى ساحات خدمة المواطن.. والله المستعان.
ونواصل