انهيار الشعبية (2)
بعد تولي “عبد العزيز الحلو” قيادة الحركة في جبال النوبة واجه مصاعب عديدة من القوميين النوبة الرافضين لمبدأ دخول عناصر غير نوبية في التنظيم العسكري.. وتصدعت الحركة بخروج “دانيال كودي” و”تابيتا بطرس” بسبب سيطرة “ياسر عرمان” على الحركة.. ووجود “عبد العزيز آدم الحلو” في قيادتها، لأنه لا يحمل في تكوينه الجينات النوبية.. وتلك المعضلة وقفت يوم أن وقف “عبد العزيز الحلو” وهو طالب بجامعة الخرطوم طارقاً أبواب تنظيم (الكملو) للانضمام إليه ليصبح واحداً من منسوبيه، وذلك التنظيم السري لأبناء جبال النوبة لا يعلم شفرته إلا من هو في قلب التكوين الإثني العنصري.. ثم رفض طلب “الحلو” من قبل تنظيم (الكملو) بسبب خلو تكوينه من الجينات النوبية للمرة الأولى.. ولم يصاب الرجل باليأس والإحباط فطرق مرة أخرى أبواب تنظيم (الكملو) ورده أصحاب الحقوق الأصلية.. للمرة الثانية ولكن في طلبه الثالث تم النظر إلى حيثيات جعلت التنظيم السري يقبل عضويته على أن يبقى تحت الرقابة لمدة عام كامل، وجاء في حيثيات قبول عضوية “الحلو” أن الطالب “عبد العزيز آدم الحلو” لا ينتمي إلى القبائل العربية وهو من أب وأم من دارفور المساليت ومولود في جبال النوبة واختار التضحية من أجلها، لذلك تم قبوله في عضوية التنظيم السري الذي أصبح بعد ذلك الشريان الذي يغذي الحركة الشعبية بالرجال والنساء ويتولى تجنيد المقاتلين من أم بدة والحاج يوسف والدلنج وكادقلي ومدني وبورتسودان ويبعث بهم سراً إلى جبهات القتال لتدريبهم عسكرياً.. وحينما اجتمعت قيادات الحركة الشعبية في (تباينا) و(كاودة) لاختيار رئيس للحركة خلفاً لـ”دانيال كودي” الذي تمرد عليه العسكريين بإيعاز من “عبد العزيز الحلو”.
همس بعض القيادات سراً كيف تختار قيادة للحركة من غير بني جلدتنا النوبة.. وكشف “خميس جلاب” معارضته العلنية لـ”الحلو” ووجد مساندة من كل القوميين النوبة حتى داخل المؤتمر الوطني، بعثت الحكومة بـ”الطيب حسن بدوي” ود.”فيصل حسن إبراهيم” لحضور “جلاب” مفاوضات أديس أبابا وتقديم نفسه كممثل لما يسمى بالأغلبية الصامتة من أبناء جبال النوبة ووقف أبناء النوبة في الولايات المتحدة وبقايا الحزب القومي السوداني يشدون من أذر “خميس جلاب” و”صديق منصور” وبقية القوميين، وحينما جاء من الولايات المتحدة “أمين بشير قليين” و”أزرق زكريا خريف” كان خطابهم السياسي.. ناقداً لوجود “عبد العزيز الحلو” و”ياسر عرمان” “ومالك عقار” في قيادة حركة عسكرية تقاتل بأبناء جبال النوبة.. والخلاف الوحيد بين القيادات السياسية في المهجر وحتى أبناء النوبة في المؤتمر الوطني الذين (فرز) لهم د.”نافع علي نافع” لجنة سياسية خاصة بهم.. وعزلوا أنفسهم عن بقية مكونات الولاية بإدعاء الخصوصية، هؤلاء جميعاً يختلفون مع الحركة الشعبية بسبب وجود (الثلاثي الأحمر)، كما أطلق عليه القائد “تلفون كوكو” محاولة لدمج ثلاثتهم “الحلو” و”عقار” و”ياسر” بالشيوعية.. وزلزلت دعاوى نوبية الحركة الأرض تحت أقدام “عبد العزيز الحلو” وقرأ جيداً أشواق المقاتلين ورغباتهم في طرد “ياسر عرمان” وإبعاد “مالك عقار” للنيل الأزرق وتأسيس حركة عنصرية في إقليم جبال النوبة لا شأن لها برغبات “عرمان” ولا طموحات “عقار” وتمت تغذية دمغة القوميين النوبة بأوهام التميز ومبادئ الشعوب الأصيلة التي أقرتها الأمم المتحدة وجعلت لها احتفالية سنوية تقام في العاصمة الخرطوم بميدان البحيرة كمهرجان ثقافي للشعوب الأصلية.. وإزاء هذا الواقع الشاخص اختار “عبد العزيز الحلو” بعد قراءة متأنية جداً وحسابات دقيقة أن يرتمي في أحضان القوميين النوبة ويلفظ حلفاء الطريق “عرمان” و”عقار” من قيادة الحركة الشعبية استجابة لمطلوبات التفاف القوميين النوبة.. حوله.. وتجريد فرقائه “جلاب” و”دانيال كودي”
و”صديق منصور” و”عبد الباقي قرفة” من سلاح تمثيل النوبة.. ليتول هؤلاء في قيادة جبال النوبة، فليتنافس المتنافسون نواصل..