الرئيس والصوفية .. خطاب المكاشفة !!
تجلى الرئيس”البشير”كما لم يتجلَّ من قبل، وهو يخاطب مشايخ الطرق الصوفية من بيته.. بيت ضيافة الشعب مساء (الأحد)، فكان سامقاً يعانق خطابه السماء، فقد نثر” البشير” كنانة خبرته السياسية الطويلة، وعجم مفردات خطبه على المنابر، فاختار أعمقها أثراً.. وأصدقها كلماً، فنادى بها على الصوفية الذين جاءوه وفي نفوسهم غبن، وبين صدورهم شيء من ضيق وكثير من شكوى، فكانت الخاتمة بادية على ملامحهم المستبشرة والمتغيرة ما بين بوابتي الدخول والخروج .
وقد كان صديقي الشيخ الثائر “سينان أحمد الشيخ قريب الله” من الغاضبين والمحركين لغضبة الصوفية الأخيرة، ولم تشف غليله كلمة وزير الدولة للإرشاد، وذهب إليه في مقعده مطالباً بفتح الباب للكلمات والنقاش بين الرئيس والمشايخ الذين يظنون أن الدولة قد هضمت حقوقهم وهمشتهم وقربت جماعات أخرى من أهل السلف، وما هو بصحيح .
لكن صديقنا الذي كنّا نتشارك مائدة واحدة، هدأت ثائرته رويداً رويداً وهو يتابع خطاب الرئيس الذي جمع العقلانية مع العاطفية وهو يسألهم في المبتدأ: ( ما أظن في واحد فيكم عندو شك من موقفي من الصوفية) .. ثم أشار لجده الشيخ “حمد أبو دنانة ” أول من نشر التصوف في السودان عبر الطريقة الشاذلية، ودعاهم إلى التوحد و(القعاد في الواطة) لحل مشاكل أهل السودان، وقال إن السودان مستهدف بشق صفه إلى طوائف وجماعات كما فعلوا في العراق وسوريا، وطالبهم بقفل باب الفتنة والاستمرار في دعوة المحبة والتسامح والعفو بين الناس.
خرج القوم من عند الرئيس وقد تبدل حالهم وكبروا وهللوا، منتظرين ما ستسفر عنه اللجنة التي وجه سيادته بتشكيلها لمراجعات ظلامات (القوم) ، بينما أخذ صديقي يردد وهو في طريقه لبوابة الخروج: ( والله .. عمك دا سياسي) !!