علهم يعتبرون
لماذا يتم تدريس التاريخ الوطني وتاريخ المنطقة والعالم للتلاميذ في مرحلة الأساس والطلاب في الثانوي؟، هل دراسة مادة التاريخ لأغراض التزجية وحلاوة القصص وتشويق الأحداث؟ أم دراسة التاريخ للعبر والاعتبار؟ وهل نحن في حاضرنا الآن نعتبر من صفحات التاريخ؟ أم نعيد أخطاء الأسلاف في واقعنا المعاصر؟
الفقهاء والعلماء اختلفوا حول نقد التاريخ الإسلامي بمنظور واقع اليوم؟ منهم من يعتبر تاريخ الدولة الإسلامية منذ الرسالة وحتى العهد الأموي شيئاً مقدساً لا يجوز المساس به.. وهناك من يرى غير ذلك.
في واقعنا اليوم تبدت كل مساوي وأخطاء المهدية الدولة التي حققت الاستقلال الأول لهذه البلاد تتكرر تلك الأخطاء التي أدت لهزيمة الدولة المهدية والتي تسببت أيضاً من بعد في سقوط سلطنة الفور وتبدد شملها وكل من يقرأ تاريخ المهدية وصراعات قادتها بعد موت الإمام “المهدي”.. وتمدد سلطان الخليفة “عبد الله التعايشي” الجهوي والقبلي والدسائس والوشايات والتحريض على القادة المخلصين.. والزج بالأمراء وقادة الجيوش في سجن السائر.. وإصغاء الخليفة “ود تورشين” إلى المخبرين الذين أسماهم المؤرخ د. “حسن سعد” (جيابين الخبر) الذين صنعوا جداراً من عدم الثقة بين الخليفة وقادة المهدية.. وأوغروا صدور القادة بالوشايات والنميمة والقطيعة.. ومن يقرأ أسباب ضعف السلطان “علي دينار” يتبدى له الخيط الرفيع بين ذلك التاريخ البعيد وواقعنا الراهن.. حيث أصبح الواتساب هو (جيابين الخبر) وتمددت الفتنة من مقعد السلطة إلى الفراش بين المرء وزوجه.. وأصبح الإعلام الحديث (الفالت) عن عقال الرقابة والقاهر لكل أدوات القمع خنجراً مغروزاً في خاصرة الدولة حتى أصبحت الدولة مثل السجين في غرفة صغيرة لا يستطيع الإفلات من قبضة السجان.
أصبحت في الأسبوع الماضي قضية إعفاء موظف حكومي هي حديث الساعة.. وتردد اسم “طه عثمان” مدير مكتب رئيس الجمهورية على كل لسان. تم شنق “طه عثمان” وقتل واقفاً.. وهشمت عظامه بفؤوس من الداخل وعصي من الخارج.. واتخذ كل صاحب غرض وصاحب خصام.. وحامل مشروع تغيَّر وطامع في تجريد الإنقاذ من كل فضيلة، اتخذ إعفاء “طه عثمان” من منصبه وسيلة لبلوغ الغايات.. وقد صمتت الدولة وتخلت عن مسؤوليتها الأخلاقية في الدفاع عن منسوبيها.. كان اللحم الذي تنتاشه الطيور الجارحة هو لحم أعدائها.
وتمددت الحملة وطرقت قوات الدعم السريع وقائدها المخلص والوفي والفارس “محمد حمدان حميدتي” في محاولة للتفريق وقادته في وزارة الدفاع وفي قيادة الدولة باختلاف قصص وحكايات عن انقلاب يقوده فلان ويسنده علان من أجل التحريض.. وخلق مناخ من البلبلة وزرع الشكوك مكان الثقة.. وضرب قيادة الدولة في أعز ما تملك.. والأكاذيب التي يرددها أصحاب الحاجات الخاصة والمخططين لهذه الأكاذيب يزرعون في النفوس الضغائن والأحقاد.. وقديماً قيل كذب وكذب حتى يصدقك الصادق.!!
ونهشت الشائعات في عظم القوات المسلحة وقوات الشرطة وأخذ التربص يلف حباله حول عنق الفريق “هاشم عثمان الحسين”.. والسكاكين تستل من أغمادها من أجل “حميدتي”.. والذخائر القاتلة تصوَّب حول “عماد عدوي”.. والاستهداف يتجه إلى “محمد عطا المولي” .. وكل ذلك من أجل ضرب الإنقاذ من الداخل.. وبعثرت صفوفها وتجريد “البشير” من الرجال المخلصين.. وتركه وحيداً مثل السلطان “علي دينار” الذي حينما وصلت جحافل قوات المستعمر لوادي سليم بالقرب من الفاشر، وقالت شقيقة السلطان (الترك جو في سيلي) سأل عن القائد فلان والفارس علان وكانت الإجابة سيدي السلطان الله ينصرك هؤلاء قتلتهم جميعاً.. أخشى على الإنقاذ أن تفقد يوماً من ينافح عنها.. ويزود من حماها.. بعد أن تأكل المخلصين وتحتضن المنافقين ولا ينسى السودانيين مقولة الرئيس البشير (بقينا قاعدين في السهلة)، بعد الرابع من رمضان حينما أزاح المنشقين الستار عن كل مستور.