بعد ومسافة
قصة “طه” الحقيقية وما قبلها!
مصطفى أبو العزائم
لن تهدأ عواصف الاستنتاجات في الأسافير وفي مجالس المدينة حول إعفاء الفريق “طه عثمان الحسين” من منصبه كوزير دولة ومدير مكتب السيد رئيس الجمهورية والذي صدر القرار حوله قبل يومين فقط، بينما تم التداول حوله قبل ذلك بأيام في بعض المجموعات المغلقة التي تضم ساسة وإعلاميين، وكان أول من أشار إلى الإعفاء دون توضيح الأسباب، زميلنا الصحفي (الشاطر) رئيس تحرير صحيفة (المصادر) – قيد الصدور – الأستاذ “عبد الماجد عبد الحميد” وقد تبارى المتبارون بين مصدق ومكذب للخبر، وأبدى كثيرون تأييدهم للقرار – إن صدر – لأسباب دفعوا بها إلى ساحات النقاش الأسفيري -.
تداخلت مع المتداخلين، مستبعداً الأمر لأسباب كنت أرى أنها منطقية، أولها أن تعيين الرجل في منصبه هذا جاء قبل أسابيع قليلة (ملحقاً) بقرار جمهوري، وزير دولة في حكومة الوفاق الوطني التي أعلن عنها السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول ركن “بكري حسن صالح” والتي لم يرد اسم الفريق “طه عثمان” ضمن أعضائها، وفي ذلك أكثر من إشارة تتطلب القراءة من اليمين إلى اليسار والعكس من ذلك.
وهناك سبب ثانٍ جعلني أستبعد صدور قرار الإعفاء – رغم ثقتي في مصادر صاحب المصادر – وهو أن التوقيت غير مناسب – خاصة وأن آخر مهمة تم تكليف الفريق “طه” للقيام بها كانت تمثيله للسيد رئيس الجمهورية في مؤتمر القمة العربية الإسلامية الأمريكية التي انعقدت مؤخراً بالعاصمة السعودية “الرياض”، وثالث سبب هو إمساكه بملفات العلاقات السودانية السعودية والسودانية الإماراتية بتكليف من الرئيس شخصياً، وقد أحدث اختراقات واضحة لا تخفى على أحد في العلاقات بين السودان وأشقائه في الخليج والمنطقة العربية.
حاولت الاتصال على الفريق “طه عثمان” عدة مرات، لكن هاتفه كان مغلقاً لوقت طويل، وقد رجح ذلك لدي احتمال الإعفاء غير المسبب للعلن، لكن من المؤكد أن أسباباً قوية هي التي أدت إلى إعفائه من منصبه الذي جعل منه الشخصية الأقرب للرئيس والأكثر التصاقاً به.
توقعت من قبل إعفاء الفريق “طه” بعد سلسلة من الاستهداف الممنهج لشخصه من قبل البعض، أبرزهم “شيخ الأمين” الذي اتهمه من خلال رسائل صوتية ولقاءات صحفية بأنه كان السبب في إبعاده من السودان، وقبل ذلك اعتقاله داخل دولة الإمارات العربية على خلفية بلاغات كيدية واتهامات كاذبة من الفريق “طه”، “لشيخ الأمين” بأنه عميل قطري ولديه علاقات مشبوهة مع “الدوحة”.
ثم جاءت حادثة الاعتداء على مواطن في مناسبة خاصة كانت قد جرت مناقشة حادة بينه وبين الفريق “طه” تعرض بعدها للاختطاف والضرب، من قبل مجهولين جراء مواجهته وجرأته في مصادمة الفريق “طه” وقد انشغلت الوسائط والصحافة بذلك الحدث لأيام.
هذا غير ما يتم بثه بصورة منتظمة في وسائل التواصل الاجتماعي وغير التسجيلات المصورة ضده من قبل بعض الناشطين من القوى المعارضة خارج السودان في اليوتيوب، مثلما كانت تفعل “سارة منصور” وغيرها حفلت به الصفحات الإلكترونية من هجوم واتهامات ضد الرجل.
أذكر أنه في تلك الأيام تناقشت مع أخي وصديقي الدكتور “معز حسن بخيت” وهو يذكر جيداً الآن، وقلت له إن نتيجة هذه الهجمات والتشويش المستمر على شخصية الفريق “طه” ستقود إلى إعفائه من منصبه، وقد أمن الدكتور “معز” على ذلك، لكن لم يحدث.
من حق الشعب السوداني أن يعرف الأسباب التي أدت إلى إعفاء الفريق “طه” من منصبه بهذه الطريقة المفاجئة، رغم تسريب الخبر قبل إعلانه رسمياً.. نعم من حق الناس أن يعلموا فالذي يقال كثير ومثير وخطير، وليس في أمر الإعلان عن السبب بدعة فبعض قرارات الإعفاء غير التقليدية وغير المعتادة تقترن بالتوضيح وهنا الإعلان عن الأسباب أوجب، فالرجل المقال يحمل جنسية مزدوجة، ويقف على أسرار كبيرة تتصل بأمن الدولة، لذلك تصبح مطالبة الناس بالكشف عن الأسباب مشروعة وموضوعية.
اللهم أحفظنا وأحفظ بلادنا وبلاد المسلمين وأحمينا من كيد شياطين الجن والإنس وأعف عنا وأغفر لنا وارحمنا يا أرحم الراحمين.. آمين.
.. و.. (جمعة) مباركة.