أخبار

تعدد المواقف

شكل المجلس الوطني حضوراً خلال الأسابيع الماضية وحصد البرلمان ثمرة الحوار الوطني بدخول وجوه جديدة لقبة البرلمان وأفكار متجددة مثلما أضفى وجود الوزراء القادمين من أحزاب المعارضة إضافة نوعية للسلطة.
البروفسير “إبراهيم أحمد عمر” رئيس البرلمان جعل من قضية الساعة مثار حوارات النواب ونجح في المجئ بوزير الخارجية لقبة البرلمان وإلقاء بيانه حول الأزمة الخليجية الشاخصة الآن وموقف الحكومة الذي وجد التقدير والاحترام من جميع الأطراف لم تتخذ الحكومة موقفاً متعجلاً كما حدث في السابق إبان حرب الخليج .
اختارت الحكومة دعم جهود الكويت لنزع فتيل الصراع الخليجي ولكن في ذات الوقت أثبتت الدولة السودانية قوتها بتعدد مواقف الأحزاب والأشخاص من الأزمة وإذا كانت شخصيات مثل “الطيب مصطفى” قد جهرت برؤيتها المساندة لدولة قطر فإن للطيب مصطفى حزباً سياسياً له تقديراته الذاتية وحساباته ومنطلقاته، وكذلك “محمود عبد الجبار” وهو ناشط سياسي أيضاً عبّر عن موقف تنظيمه ونفسه المساند لقطر، وكان الفريق “صلاح قوش” القيادي البرلماني قد وقف في قبة البرلمان منافحاً عن حق حركة المقاومة الإسلامية حماس رافضا دمغها بالإرهاب وهي تدافع عن شعبها، ونقلت الصحف عن “قوش” موقفاً مسانداً لقطر لكنه استدرك من بعد بتوضيحات أخرى وتعدد المدارس الفكرية والسياسية حتى داخل الحزب الواحد من سمات تعافي الجسد الوطني من أمراض الشمولية المؤدية للضعف والوهن والتعددية دليل قوة ورشد .
السودان دولة تعدد لا دولة فرد يشير أصبعه لأية قضية ويهرول الجميع خلفه بلا وعي ولا عقل في السودان أحزاب يسارية وشيوعية تتوق لعودة الماضي السحيق من تاريخ اندثر وفي السودان حزب بعث موالي لــ”صدام حسين” وآخر لسوريا وحزب ناصري رغم تنكر مصر لــ”عبد الناصر” وفي السودان طائفية وسلفية وحركة شعبية تحارب الدولة بالسلاح وتقيم أنشطتها داخل العاصمة دون أن تنالها يد الدولة أو يبطش بها أحد.
في البلدان العربية باستثناء تونس الديمقراطية تحظر الأفكار وتحارب الأحزاب ويخون المعارضين ويتم الزج بهم في السجون ويسلبون حق التعبير وحق الاختلاف وإذا قال الملك أو الرئيس قولاً عزفت لأقواله المعازف ولا يجرو أحد  ليقول خلاف ما قال الرئيس.
نحن دولة يكتب رئيس اتحاد الكرة مخاطباً (الفيفا) بأن الحكومة عينت جنرالاً من الجيش في قيادة اتحاد الكرة ورئيس اتحاد الكرة يكذب ويخون بلده وهو عضو في الحزب الحاكم ولا ينال ما يستحق من العقاب، في السودان يدعو أستاذ جامعي مثل “مهدي داؤود” لوضع السودان تحت الوصاية الدولية أي يستعمر مرة أخرى ولا يصدر بحقه قرار ينزع عنه الجنسية.
نحن دولة مختلفة عن الآخرين لكننا نظلم أنفسنا بسوء تقديرنا لها وتسيطر علينا ما تعرف بالنوستالجيا وهي الحنين إلى الماضي وهي تعبير متواتر ببؤس الحاضر وفقدان الأمل في المستقبل.                    وحينما تتعدد قراءات مآلات أزمة الخليج فإن ذلك بالضرورة يعكس تعدد المجتمع ووعيه لكن يظل موقف الحكومة الرسمي ملزماً لمواطنيها حتى لو كانت رؤيتهم مخالفة لذلك الموقف وسنوات الصراع الطويل مع الغرب أكسب حكومتنا نضجاً  سياسياً وخبرة طويلة ممتازة في كيفية إدارة الأزمات وهذا ما تجلى في الواقع الراهن.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية