حوارات

المهندس "آدم الفكي" والي جنوب دارفور في حديث عاصف مع (المجهر)

رفضت المحاصصات القبلية في التعيينات ومستعد للتنحي من منصبي إذا ثبت فسادي
حساب الوالي فتحه “الحاج عطا المنان” ولا يزال وأخضعته للرقابة الصارمة
“حسبو” رجل دولة ما قدمه لدارفور لم يقدمه غيره ولماذا يحمي “آدم الفكي”؟
“حميدتي” لا شأن له بالسياسة والمعركة ضده بسبب قهر التمرد
حوار – يوسف عبد المنان
منذ فترة ليست بالقصيرة تظلِّل العلاقة بين والي جنوب دارفور المهندس “آدم الفكي” وبعض المسؤولين السابقين بما يعرف بالقائد الدستوري والسياسي والتنفيذي، سحب داكنة غير ممطرة تحجب الرؤيا عن (الكباتن) أي الطيارين.. و(الكباتن) مصطلح وجد ترويجاً واسعاً في فترة ما، حينما قال د.”نافع” من يغضب من (الكباتن) نمنحه حبة بندول.. وآثر “الفكي” الصمت حتى على الاتهامات التي بلغت تقديم شكوى لوزير العدل السابق من نائب برلماني مطالباً بالتحقيق مع الوالي في قضايا مالية.. وفي زاوية (عيون وآذان) بصحيفة (المجهر) ورد قبل شهور عن اجتماعات عقدت بأحد فنادق الخرطوم حضرها ولاة سابقين من الولاية المأزومة بالصراعات القبلية و(أثننة) السياسة وصحافيين من الولاية
ومن أصدقاء المسؤولين السابقين، وكما جاء في (عيون وآذان) تم الاتفاق على قيادة حملة سياسية وإعلامية تستهدف إزاحة الوالي من موقعه على أن يتمسك الجميع بعودة حكم أبناء الولاية لأنفسهم.. ولم تمض فترة طويلة حتى أخذت دائرة النقد تتسع والمعركة تغطي على إشراقات التنمية.. وغبار التطاحن تتطاير منه الشرر.
في محاولات عديدة مع والي جنوب دارفور المهندس “آدم الفكي” ليقول كلمته ويبرر أسباب الانتقادات التي توجه إليه، إلا أن الرجل صمت ورفض الحديث، ولكن في الزيارة الأخيرة لمدينة نيالا.. لم يبد “الفكي” ممانعة في الرد على جزئيات صغيرة مما أثير حوله وترك بقية الاتهامات التي وجهها إليه منافسيه ومعارضيه لحكم المحكمة.. ورؤية المؤسسات الحزبية التي يعتد “الفكي” كثيراً بها.. فماذا قال في إجاباته على بعض الأسئلة؟.
{ من الاتهامات التي وجهت إليك علناً وفي منابر عديدة أنك تتأبط مشروعاً سياسياً لتغيير الخارطة السياسية في جنوب دارفور وإحداث خلل في الموازنات القبلية؟.
– لمصلحة من يتم تغيير الخارجة السياسية.. أنا رئيس حزب المؤتمر الوطني عندما جئت للولاية وجدت انقسامات في جسد الحزب كل قبيلة تقف خلف أبنائها.. حتى الانتخابات التي جرت لاختبار الوالي كانت على أسس قبيلة.. تحالف قبائل في مواجهة قبائل داخل حزب المؤتمر الوطني الذي هو ثمرة حركة إسلامية راسخة في تراب السودان لا تميِّز بين عضويتها على أساس العنصر والقبيلة، فمن أين جاءت هذه الانحرافات؟ أنا وضعت منهجاً.. رفضت فيه تعيين الوزراء من خلال المحاصصات القبلية.. وجعلت من حسن الأداء في الحزب والكفاءة والولاء أساس التوظيف بغض النظر عن حجم القبيلة التي ينتمي إليها القيادي.. لأنني كرئيس لحزب المؤتمر الوطني مسؤول عن محاسبة الوزير أو المعتمد الذي يتم تعيينه، ولكن إذا كان الوزير تختاره قبيلته فيصبح هذا الوزير محاسباً عند زعيم قبيلته؟ ورفضت التمادي في هذه الأخطاء وأعلنت وقف إهدار مال الدولة في رفع الديات والصرف على لجان الأجاويد.. وكثير من الناس كانوا يعيشون على هذه اللجان.. ووضعت لجنة أمن الولاية منهجاً جديداً في معالجة الصراعات القبلية.. هذا المنهج لم يقبل به المستفيدون من الأوضاع السابقة، لذلك أخذوا في الاحتجاج.. أنا غير مستعد مطلقاً على تعيين الناس على أساس القبيلة وخشوم البيوت إذا كان من الضروري التعايش مع هذا الخطأ هذا طرفي من جنوب دارفور ومستعد لمغادرة منصب الوالي اليوم، ولكني وجدت تشجيعاً ودعماً من الرئيس “البشير” ومن النائب الأول الفريق “بكري حسن صالح” ومن نائب رئيس الحزب “إبراهيم محمود حامد” ومساندة من نائب رئيس الجمهورية ومن وزير الدفاع وقيادة الشرطة وجهاز الأمن وحصيلة سياساتنا انحسار الصراع القبلي وفرض هيبة الدولة وسلطانها.
{ لكن القبيلة في السودان واقع؟.
– القبيلة في السودان واقع اجتماعي وليس واقعاً سياسياً، أنا أرفض ممارسة السياسة من خلال القبيلة، من يفعل ذلك يرتكب جناية في حق نفسه وقبيلته ويجب على المؤتمر الوطني عزل أي قيادي يتخذ من قبيلته درعاً واقياً له.. جئت لجنوب دارفور ولم أزر نيالا من قبل في حياتي.. معرفتي بجنوب دارفور من خلال رموزها السياسية التي التقينا في العمل العام.. لكني لم أبحث عن قبيلة فلان ولا علان.. حتى وصلت نيالا ما كنت أعلم أن قبيلة “حماد إسماعيل” هم الهبانية وأن د.”عبد الكريم موسى” من الفور.. لذلك تعاملت مع قيادات المؤتمر الوطني بعطائهم السياسي وإخلاصهم.. ولم أنظر لقبائلهم.. ولن أنظر للتوازنات القبلية من له عطاء داخل حزبه وتمت تزكيته من أجهزة الحزب سيتم تعيينه وزيراً أو معتمداً، ولكن لن أعيِّن المسؤولين في حكومتي على أساس الانتماء القبلي.. لأن الوزير يجب أن يكون مُساءلاً أمامي وأمام أجهزة الحزب الذي ينتمي إليه وأمام المجلس التشريعي وليس مُساءلاً أمام أمير القبيلة وزعيمها.
{ اتهامات الفساد لطخت ثيابك من عقد مول نيالا إلى حساب خاص باسم الوالي كيف ترد على ذلك؟.
– أولاً قصة مول نيالا بدأت في عهد الوالي “علي محمود” هو من أبرم العقد مع شركة “وليد الفايد”.. وتم تعطيل المشروع بسبب مجيء ولاة من بعد “علي محمود” كانوا مشككين في صحة العقودات. وظل المشروع معطلاً والشركة المنفذة تعرضت لخسائر فادحة بسبب آلياتها وحديدها وموظفيها.. وحينما عينت في منصب الوالي كان من واقع المسؤولية أن اتخذ قراراً بشأن المشروع، أما الإلغاء وهذا يترتب عليه بالطبع تعويض الشركة المنفذة أو تعديل الصيغة أو الاتفاق الجديد بالتراضي.. وضعت كل تلك الخيارات أمام مجلس الوزراء وتركت للحكومة أن تتخذ القرار المناسب، وكانت الصيغة التي تم التوصل إليها بناء مول للمدينة بمواصفات محددة.. ومقابل ذلك تنفذ الشركة مشروع الطرق الداخلية الحالي.. المشروع أصلاً ليس فيه أموال مودعة لخزينة الولاية ولا مبالغ مالية (سائلة) هي التزامات الأرض مقابل التنمية وإيجار الدكاكين لمدة محددة بعدها تؤول لولاية جنوب دارفور، المشكلة أن الذين يثيرون الغبار حول المشروع هم المفترض مُساءلتهم عن كيفية التوقيع على الاتفاق الأول.
{ ولكن القضية وصلت النائب العام وتقدم “علي محمود” بصفته نائباً برلمانياً بشكوى لوزير العدل مطالباً برفع الحصانة عنك ومحاكمتك؟.
– القصة وصلني في نيالا مستشارين من وزارة العدل في عهد الوزير السابق “عوض حسن النور” وقالوا إنهم لجنة تحقيق مكلفين من وزير العدل بشأن قضية مول نيالا وبموجب السلطة الممنوحة لي أمرتهم بمغادرة نيالا فوراً ورفضت التعامل معهم وقلت لهم أنا كوالي مستعد للمثول أمام أي لجنة تحقيق في حال بلغني إخطار من النائب الأول لرئيس الجمهورية أو من د.”فيصل حسن إبراهيم” وزير ديوان الحكم الاتحادي، وسألتهم من هو الشاكي في القضية؟ رفضوا الإجابة على ذلك.. وبعد وصولي الخرطوم التقيت النائب الأول الفريق “بكري حسن صالح” وهو رجل دولة يعرف خفايا وأسرار الحكم.. وطلب وزير العدل الذي قال إن شكوى قد وصلته من النائب البرلماني “علي محمود” عن وجود فساد في مشروع مول نيالا.. وسأل النائب الأول وزير العدل هل تم التحقيق مقدم قدم الشكوى؟.. وكانت إجابة الوزير لا.. وتمت إحالة ملف الأوراق بكاملها.. العقودات وقرارات مجلس الوزراء وقرار المجلس التشريعي والسلطات التي استندت عليها حكومة الولاية مع الشركة المنفذة في تعديل صيغة العدل ووضعت كل الأوراق أمام النائب العام بصفته الجهة المسؤولة عن التحقيقات والتحريات ولم يجد النائب “عمر أحمد” سبباً في المضي قدماً في التحقيق بشأن عقد مول نيالا.. وإذا في أية مرحلة وجدت النيابة العامة خطأ في الإجراءات أنا مستعد لتحمل مسؤولياتي كاملة.. وإذا وجدت هناك قضية تستحق أن تذهب بها النيابة إلى المحكمة فأنا مستعد، ولكن هل الذين يقودون الحملات الصحافية ضد حكومة الولاية من السياسيين والصحافيين مستعدين لما تم اتخاذه من إجراءات قضائية في مواجهة الذين اتهموني في ذمتي؟ ولن أسمح لأي شخص بتشويه مسيرة أكثر من (27) عاماً، في عهد الإنقاذ وعشرين عاماً، في الحركة الإسلامية قبل الإنقاذ والجبهة الإسلامية لم يتهم “آدم الفكي” يوماً في ذمته المالية ولا أخلاقه.. وأنت يا “يوسف” تعرفني منذ ثمانيات القرن الماضي.
{ ولكن كيف نبرر فتح حساب خاص باسم الوالي؟.
– وجدت حساباً باسم الوالي تم فتحه منذ فترة المهندس “الحاج عطا المنان” ويتم التعامل مباشرة بين الوالي والحساب الذي حينما سألت عنه قيل إن الأموال التي ترد للحساب خاصة بالأمن في الولاية ولا علم لي بحجم المال الذي تم صرفه من الحساب، ولا كيفية تغذيته في سنوات ما قبل وصولي إلى نيالا.. المهم أنا اتخذت قراراً بأن يتم إدارة الحساب بواسطة الأمين العام للحكومة ويخضع للمراجعة قبل ديوان المراجع العام وتصرف الأموال وفق ضوابط الصرف المتعارف عليه في الدولة.. وليت ديوان المراجع العام اتخذ قراراً بمراجعة الصرف من هذا الحساب منذ أن فتح في فترة “الحاج عطا المنان” مروراً بكل الولاة.. وحتى فترتي لو وجدت أموال ذهبت لجيوب أفراد أو صرفت دون وجه حق لا كبير على القانون وليس هناك شخصاً فوق القانون.
{ أنت محمي من قبل النائب “حسبو” والفريق “حميدتي”؟.
– “حسبو” هو نائب رئيس الجمهورية لكل السودان، لماذا يحمي “آدم الفكي”، ويحميه من منو؟.. قرار إعفائي أو بقائي قرار رئيس جمهورية.. الذين يشيعون هذا معارضين لهم أهدافهم الخاصة وأهداف الأحزاب التي ينتمون لها.. ما قدمه “حسبو” لأهل دارفور لم يقدمه الذين كانوا من قبله في موقع المسؤولية سواء نواباً للرئيس أو مسؤولين عن ملف دارفور.. و”حسبو” رجل دولة  لا يعرف التحيز لولاية على حساب أخرى وإلا كان منشغلاً بشرق دارفور أكثر من بقية الولايات.. أما “حميدتي” فالموقف منه غيرة وحسد واستهداف، والآن ما يقدمه “حميدتي” وقوات الدعم السريع في أرض المعركة يجعله محل تقدير واحترام.. “حميدتي” وقف معنا في قضية بسط الأمن وحماية المواطنين وإعادة سيطرة الدولة على المدن والقرى، و”حميدتي” لا شأن له بالسياسة ويبغضها.. ولا يميز بين ولاية وأخرى، ولكن المعارضة التي تسعى لإسقاط النظام هي التي تثير الغبار عن حول “حميدتي” للنيل من النظام والمؤتمر الوطني.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية