رأي

بعد ومسافة

هل انتبهتم لهذا التاريخ؟
مصطفى أبو العزائم

أمس (الاثنين) الخامس من يونيو 2017م، وافق العاشر من رمضان 1438هـ، وأحسب أنها مصادفة عجيبة، لا تحدث إلا نادراً، ولا ينتبه لذلك منتبه إلا إذا ما ارتبط التاريخان بحدثين أو عدة أحداث مهمة، وبالنسبة للتاريخ الأفرنجي ونقصد الخامس من يونيو، فقد وقعت فيه واقعة عظيمة قبل خمسين عاماً، هي العدوان الإسرائيلي على مصر واحتلال شبه جزيرة سيناء، مع احتلال الجولان السوري، وكذلك احتلال الضفة الغربية وغزة، وهي الحرب المعروفة في كل من الأردن وسوريا بنكسة حزيران، وفي مصر بـ(النكسة) وهو اسم أطلقه الصحفي الضخم الراحل الأستاذ “محمد حسنين هيكل” لتخفيف وقع المصاب والهزيمة النكراء على الشعوب العربية، وهي حرب طاحنة أودت بحياة قرابة العشرين ألف مواطن عربي في مصر والأردن وفلسطين وسوريا، مقابل أقل من ألف قتيل إسرائيلي، وهي حرب مدمرة أدت إلى تدمير أكثر من (75%) من العتاد الحربي العربي، مقابل تدمير أقل من (5%) من العتاد الحرب الإسرائيلي.
نشوة الانتصار في حرب الأيام الستة كما تسمى في إسرائيل جعلت قيادات الدولة الصهيونية تضرب بقرارات الأمم المتحدة عرض الحائط، خاصة القرار رقم (242) الداعي لانسحاب إسرائيل إلى خطوط ما قبل 1967م، ثم قيَّض الله لبلادنا أن تلعب دوراً عظيماً في تلك الأيام النحسات باستضافتها القمة العربية بالخرطوم والتي عرفت بقمة اللاءات الثلاث وهي: (لا اعتراف بإسرائيل) و(لا تفاوض معها) و(لا للسلام مع إسرائيل).
هذا بالنسبة للتاريخ الإفرنجي.. فماذا عن العاشر من رمضان، هو ذكرى الهزيمة الساحقة الماحقة التي ألحقها الجيش المصري بإسرائيل وإجبارها على التراجع إلى ما وراء خطوط النار في سيناء بعد دك خط “بارليف” ظهر (السبت) السادس من أكتوبر عام 1973م، الموافق العاشر من رمضان 1393م، وقد عرفت بحرب السادس من أكتوبر، والعاشر من رمضان في مصر، بينما عرفت في إسرائيل باسم حرب يوم الغفران وحرب يوم “كيبور”، أو حرب اليوم الكبير، وقد منيت فيها إسرائيل بهزيمة قاسية وتحطمت أمام العالم كله أسطورة الجيش الذي لا يقهر، رغم الدعم المتواصل لإسرائيل من الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها، ومحاولة تغيير النتيجة على مدى عشرين يوماً، حتى السادس والعشرين من أكتوبر في ذلك العام.
وفي سوريا قامت القوات المسلحة بهجوم مباغت على القوات الإسرائيلية في الجولان وتمكنت بمساعدة العراق من استرداد القنيطرة، ووجدت القوات الإسرائيلية أنها تواجه المحرقة لولا الدعم اللوجستي والجسر الجوي الممتد من الولايات المتحدة لإنقاذها وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، هذا حدث منذ أربعة وأربعين عاماً، بالتمام والكمال بالنسبة لحرب العاشر من رمضان، فهل كان لنا أن نتصور التقاء التاريخين في يوم واحد، هو يوم أمس، بحيث يذكرنا بالنكسة، ويذكرنا بالانتصار في ذات الوقت؟.. لا أظن أن ذلك خطر ببال أي من الساسة أو القادة العسكريين أو ضباط وجنود الجيوش المقاتلة أو المجندين.. لكن هذا هو التاريخ يجمع بين ذكرى حدثين متناقضين في يوم واحد.
ما أكثر العبر.. وما أقل الاعتبار.. وها نحن بالأمس، في محيطنا العربي نغلق الأبواب في وجوه بعضنا البعض، ونقطع العلاقات التي لا تنفهم بين العدو والذين معه يتفرجون، ويقولون شيئاً في دواخلهم لا نعرفه، لكنه على كل حال، ليس في صالحنا ولا صالح أمتنا، ولا ديننا.
اللهم اهدِ ولاة أمورنا إلى ما تحب وترضى وسدد رميتهم واربط على قلوبهم وبصرهم بما يرضيك عنا وعنهم يا أرحم الراحمين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية