السكرتير العام للحزب الشيوعي "محمد مختار الخطيب" في حديث رمضاني خاص لـ(المجهر)
**أقرأ لكتاب إسلاميين..
**فن الحقيبة منبعه الوجدان النوبي
**أبنائي بعضهم شيوعيون
في مكتبه المتواضع بدار الحزب بحي الخرطوم (2)، استقبلني السكرتير العام للحزب الشيوعي “محمد مختار الخطيب”، كان يرتدي زياً شعبياً، ويضع العمامة على رأسه لتتضح ملامحه النوبية، رغم رفضه بداية لتناول شأنه الشخصي بمبرر أنه سكرتير عام الحزب وعليه أن يتحدث في الشأن العام، إلا أنه رضخ تحت إلحاحي، وكان صريحاً في إجاباته:
حاورته – رشان أوشي
{أنتم حزب تقدمي.. مهتم بقضايا المرأة والجندر، لماذا حتى الآن لم يتم انتخاب سكرتير عام أنثى.؟
-بالطبع..ليس هناك مانع، ونحن أول من استوعب نساء في عضويته، كن ناشطات ولعبن دوراً كبيراً جداً، ومن أهم ما حققه الحزب أن المرأة كانت لا تشارك في القضايا العامة والسياسة، لذلك كان لابد أن يجد الحزب الوعاء الذي يستوعب فيه المرأة لذلك مضى إلى تكوين اتحاد نسائي يشاركن فيه الشيوعيات مع الأخريات لاستنهاض المرأة والمدافعة عن حقوقها ترتبط بالقضية السودانية، ومن أهم ما حققه الاتحاد النسائي هو استقطاب مجمل النساء للعمل في العمل العام، وما نراه حالياً نحن من وضع جيداً للنساء، نحن في الحزب لا نفرق بين النوع ذكراً أو أنثى وكل بكسبه، وفي المؤتمر السادس أكثر من (25%) من أعضاء اللجنة المركزية نساء، ولم يأتين بالتمييز الايجابي، إنما أتين بكسبهن، وبالتالي سيأتي اليوم الذي تكون فيه امرأة سكرتيراً سياسياً.
{الشيوعيات كن في فترة من الفترات فاعلات في العمل العام، لماذا انزوين مؤخراً وابتعدن؟
-كما قلت إنه يمكن في الأول أن الاتحاد النسائي كان المنبر الوحيد للعمل وسط النساء، المرأة جزء مكن المجتمع هي أيضاً متأثرة بالصراعات والصراع الطبقي، وهن من خلال طموحهن ذهبن للعمل في الأحزاب الأخرى التي كانت في يوم من الأيام تتحدث عن المرأة باعتبار أن مكانها المنزل ولا تشارك في العمل السياسي، ولكن تحت ضغط المرأة والقوى التقدمية هم الآن ينادون بمشاركة المرأة في العمل العام ونحن سعداء لذلك، لاستيعابهن في الأحزاب بمختلف أيديولوجياتها.
{هل كنت تتوقع انتخابك سكرتيراً عاماً للحزب الشيوعي مرة أخرى؟
-الحزب لا يختار سكرتيره داخل المؤتمر، بل تختاره اللجنة المركزية المنتخبة من المؤتمر العام، وفي أول اجتماع لها تبدأ في وضع الناس في المناصب، وهي ليست تراتبية بيروقراطية أو عسكرية بأن السكرتير السياسي يتميز عن غيره، كل الذي يتم من الذي يناسب في هذا المنصب أو ذاك، وبالتالي يتم توزيع المناصب لنعمل جميعنا بشكل جماعي في سبيل الدفع بالحزب وتطويره، السكرتير السياسي ليس له ميزة عن الآخرين هو ينفذ مهاماً محددة ويشرف على النشاط العام للحزب، دستورنا يقول (الحزب الشيوعي السوداني اتحاد طوعي لا توجد فيه رئيس ومرؤوس، علاقة متكافئة في الحقوق والواجبات).
*لم تظهر في الإعلام إلا بعد تعيينك سكرتيراً عاماً خلفاً للراحل “نقد”؟
-الحزب أغلب فتراته كان يعمل في ظروف سرية، ولكن إذا ذهبت إلى منطقة حلفا الجديدة ستجدين اسمي لامعاً، كنت أعمل وسط الجماهير وفي كل المجالات، وخاصة مجالات النقابات واتحادات التعاونيات، واتحاد الشباب السوداني،أنا لا أحب الإعلام كثيراً وإلقاء الضوء علي، ولكن من الطبيعي بعد أن أصبحت سكرتيراً عاماً أن يسلط الضوء علي.
*تجربتك النقابية كبيرة، دفعت ثمنها بين السجون والمعتقلات في مقتبل عمرك..حدثنا عنها؟
-أنا نشأت في عطبرة كنا نرى حراك عمال عطبرة، شاهدنا أن نضال أهل عطبرة لتكوين هيئة شئون العمال وأنا طفل، وحضرت مقاومة الجمعية التشريعية والتي توفي فيها عدد من العمال على رأسهم قرشي الطيب، كنا ونحن أطفال عندما تتم إضرابات السكة الحديد كنا نزف المتخاذلين من العمال، ننتظرهم في البوابات التي تفصل بين السكة الحديد وسكن الأهالي، نزفه من هناك حتى بيته، تشبعنا بالروح الثورية وروح الطبقة العاملة، عندما خرجنا للعمل العام كنا ناضجين جداً في كيفية تحقيق المطالب، بعد أن عملت في مؤسسة حلفا الجديدة الزراعية، كنت نقابياً وقدنا معارك كثيرة، وكونا تجمعاً في حلفا الجديدة في العام 1970م ما يطلقون عليه التجمع النقابي كاسم نحن أول من ابتدعناه في حلفا الجديدة، عملنا تجمع نقابات العاملين، تضم الزراعيين والعمال والمخازن والكتبة، الفنيين وغيرهم على أساس كل نقابة تناضل في مجالها وحقوقها ولكن القضايا العامة وتحسين بيئة العمل والنظر في مستقبلها نعمل من خلال هذا التجمع.
*في أي من إضرابات العمال الشهيرة في السودان شاركت؟
-إضرابات عمال السكة الحديد وأنا طفل.
*متى أول مرة تم اعتقالك فيها؟
-في قضية حلفا عند التهجير، أول من بدأنا في السنة النهائية للثانوي، كانت هناك لجنة قومية مكونة من أعيان حلفا، جزء منهم منتخبون من الأهالي وجزء من قبل الحكومة كونت في سبيل أن تختار المنطقة التي يرحل لها الناس، ولأن نظام عبود كان يبيت النية، لترحيل الناس إلى خشم القربة، كان دور اللجنة صورياً، ولكن الأهالي رفضوا خشم القربة وقالوا إما شمال الخرطوم أو جنوبها، نحن كنا وقتها في حلفا في الإجازة، وبالتالي نظمنا أنفسنا.
(مقاطعة):وقتها كنت عضواً في الحزب الشيوعي؟
-لا لم أكن عضواً، وبدأنا الكتابة على الجدران وغيرها ضد السد وضد حل اللجنة، تم اعتقالنا في ذلك الوقت وقضيت 19 يوماً في المعتقل، وذلك كان أول اعتقال لي في حياتي.
*بمن تأثرت من قدامى الشيوعيين؟
-أنا من أبناء عطبرة، وبالتالي تأثرت بقاسم أمين والشفيع أحمد الشيخ.
*متى كان انضمامك للحزب الشيوعي بالتحديد؟
-في العام 1970 كنت أعمل في مؤسسة حلفا الجديدة الزراعية.
*هذا يعني أنك عاصرت الراحل عبد الخالق محجوب؟
-وجدته في آخر أيامه ولم أعاصره.
*لمن تقرأ من الكتاب الصحافيين السودانيين؟
-الوضع السياسي يتطلب أن تقرأ لكل الكتاب، والضرورة أن تنظر بعين نقدية لكل ما يكتب وتستفيد منه أن ترسم الوجهة وفقاً لرؤيتنا الماركسية، أقرأ لهم جميعاً حتى الكتاب الإسلاميين والانتباهة واحدة من الصحف التي أداوم على قراءتها.
*البرامج التلفزيونية المفضلة بالنسبة لك؟
-أنا من عشاق المسرح والتلفزيون، لا تتاح لنا فرص كثيرة للمتابعة.
*فنانك المفضل؟.
-وردي وعثمان حسين.
*جيلكم وجد أغاني الحقيبة في مجدها؟
-لا تنسى أنني من حلفا، ورغم ما يقال إن الحقيبة وكل الموسيقى السودانية نابعة من وجدان نوبي، ومربوطة بموسيقى هذه المنطقة خليل فرح وغيرهم، نتناولها من ضمن الطرب.
*هل اقتفى أبناؤك أثرك سياسياً وأيديولوجيا؟
-أبنائي فيهم الشيوعيون وفيهم غير الشيوعيين.
*ألا تتدخل في انتماءاتهم الفكرية والسياسية؟
-لا .. أنا أؤمن بالحرية بشكل كبير.