حوارات

السكرتير العام للحزب الشيوعي "محمد مختار الخطيب" في حديث رمضاني خاص لـ(المجهر)

من يحاسبهم الحزب هم من يعملون خارج قنواته
الأطباء المفصولون خالفوا لوائح الحزب
* ليس كل من يدعي أنه مجدد يعني أنه كذلك ..!
في مكتبه المتواضع بدار الحزب بحي الخرطوم(2)، استقبلني السكرتير العام للحزب الشيوعي “محمد مختار الخطيب”. كان يرتدي زياً شعبياً، ويضع العمامة على رأسه لتتضح ملامحه النوبية.. ورغم رفضه بداية تناول شأنه الشخصي بمبرر أنه سكرتير عام الحزب وعليه أن يتحدث في الشأن العام، إلا أنه رضخ تحت إلحاحي، وكان صريحاً في إجاباته.
في هذا الجزء من الحوار ، تناول جانباً من القضايا الداخلية، التى شغلت الرأي العام لبعض الوقت ، من ذلك،  انعقاد المؤتمر السادس للحزب الشيوعي ، ومارافقه من جدل حول التجديد ، وما سبقه ولحقه ، من أجراءات  بالفصل طالت، ابتداء ،  العديد من كوادر وقيادات  الحزب الشيوعي، وما أثارته من مناقشات وردود أفعال  ، وبلغت ذروتها في عملية  الفصل الجماعي الذي طال عدداً من الأطباء الشيوعيين، الذين اتهموا بالتكتل .. …
حاورته- رشان أوشي
 
{ ما تقييمك لتجربتك كسكرتير عام للحزب الشيوعي؟
_ محكوم بقضايا أنا أؤمن بها، منها العمل بشكل جماعي، وأن يعمل الحزب في وحدة، لذلك كان لابد من عقد المؤتمر العام السادس، وبالفعل عقد ووفقنا في كل ما خططنا له، حيث اتخذنا من الماركسية منهجاً لنقرأ به الواقع السوداني، من لا يعرف الواقع لا يستطيع تغييره، ومن ثم نجد الحل للقضية السودانية
{ أقر شيوعيون كثر بأن الماركسية قد عفا عليها الزمان؟

_ هذه رؤية جاءت بعد انهيار المعسكر الاشتراكي، نحن فتحنا مناقشة عامة داخل الحزب لمدة خمسة عشر عاماً ليتم تجديد  في الحزب بما في ذلك نظريته ومنهجه واسمه، بعد الـ(15) عاماً عقد المؤتمر العام الخامس وهو الآلية التي تحسم كل ذلك الجدل بعقل جمعي، تمسك الشيوعيون أعضاء الحزب بأن يكون الحزب ماركسياً، طبيعته أن يمثل مصالح الطبقة العاملة وكل الكادحين، وتمسكوا بالاسم، وبالماركسية منهجاً ووسيلة في سبيل معرفة الواقع، ثم توضح لك كيفية استخدام هذه النظرية لحل قضية السودان، عندما انهار الاتحاد السوفيتي، الرأسمالية قالت إنها نهاية التاريخ ولن نصل لمجتمع آخر، ولا إنتاج آخر في العالم.. بمعنى أنه ليست هناك مرحلة اشتراكية، الرأسمالية حالياً تهدد بقاء العالم نفسه.. كل هذه الحروب، الكوارث البيئية، الفقر، تمركز رأس المال في أيدي أعداد قليلة جداً من البشر، وهذه الفوارق الموجودة بين المجتمعات المتقدمة والنامية  والسعي لنهب خيراتنا ومواردنا، والحروب الدائرة حالياً، لا يمكن أن يكون هذا هو النظام الذي يرضي طموحات البشر، لذلك نحن نقول إن المرحلة القادمة هي المجتمع الاشتراكي الذي سيحل التناقض الموجود في الرأسمالية.. الإنتاج يتم بشكل جمعي وجماعي ولكن العائد يذهب إلى الفرد.. نحن نقول إن الاشتراكية هي الحل لهذه الأزمة، الإنتاج سيكون بشكل جمعي، والملكية جماعية، والعائد يرجع للمجتمع بشكل عام.. هناك من يقولون إن الاشتراكية تضحي بالفرد على أساس المجتمع، نحن نقول عكس ذلك، ما نقصده هو هذا الفرد وحريته، في مرحلة الاستغلال يكون الإنسان محكوماً بالضرورة لأنه يريد أن يعيش، والإنسان تحت الاستغلال تسلب حريته، ولكن في المجتمع الاشتراكي تلبى له حاجاته كلها، وبالتالي نطلق إبداعات الفرد ليكون إنساناً حقيقياً يعمل من أجل مجتمعه ومن أجل إرضاء نفسه.

{ من أكثر الشيوعيين الذين دافعوا عن رؤيتهم بسقوط الاشتراكية الراحل “الخاتم عدلان”.. ووجِه بحرب شعواء من رفاقه.. هل كنت تتوقع مغادرته للحزب؟
_ كنت أعمل في الريف، بصفة محددة في منطقة حلفا الجديدة لأنني زراعي، لذلك لم أقابل “الخاتم عدلان” كثيراً، وإنما قرأت ما خطه، “الخاتم” رأى أن الاشتراكية انتهت، وبالتالي توصل إلى أن الرأسمالية هي نهاية التاريخ ويمكن إجراء إصلاحات على الرأسمالية.
{ كيف كانت العلاقة بينكم وأجيال الشيوعيين التي سبقتكم؟
_ الحزب الشيوعي منذ أن بدأ عام 1946م أجياله تعلم بعضها البعض، وبالتالي نتوارث هذا، كل جيل شيوعي يطور العمل بنفس المنهج الماركسي، بالتالي تتطور رؤيتنا وفكرنا حول الماركسية نفسها لأنها علم، ومن خلال الممارسة والتطبيق تزيد المعارف.

{ لماذا دائماً ما تواجه دعاوى التطوير والإصلاح داخل الحزب بحوائط خراسانية؟
_ إلى أين يتجه التطوير؟ هذا هو السؤال الجوهري.. نحن نفكر بعقل جمعي، وتكون هناك صراعات خاصة في المنعطفات، وشكّل انهيار الاتحاد السوفيتي منعطفاً خطيراً على مستوى العالم، وبالتالي نفكر، وفي مرحلة تفكيرنا كلنا لا نحجر على أحد، ومن ثم نطرح رؤانا، قد تكون مختلفة عن بعضها، لكننا متفقون على آلية لحسم هذا الصراع، وبعد أن نحسمه يجب أن يلتزم الجميع بما توصلنا إليه.. لا نقمع الرأي الآخر، لكن نسمح له بأن يعبر عن نفسه في قنوات الحزب الداخلية، ولا يعني أن رؤية ما تبنتها الأقلية يعني أنها خطأ، لكن الممارسة تحدد أن هذا الطريق صحيح أم خطـأ، وإذا اتضح للحزب أثناء مساره أن الرؤية التي تبناها خطأ نرجع للرؤية الأخرى.. هناك من يحاولون تحت بند التجديد أن يتبنوا رؤى الأقلية، لكن ليس في طرحها داخل قنوات الحزب، يعملون على طرحها خارج قنوات الحزب على أساس كسب تعاطف غير الشيوعيين، وبالتالي يعملون على إرباك الحزب وتغيير خطه السياسي والفكري، وليس كل من يدعي أنه مجدد يعني أنه مجدد.
{ قرائن الأحوال.. والتاريخ.. تؤكد أن كل شيوعي رفع شعارات التجديد يواجه  أحد مصيرين إما الفصل أو المضايقة حتى يغادر؟
_ ليس صحيحاً، من يحاسبهم الحزب هم من يعملون خارج قنواته ويعملون باتجاه فرض رؤيتهم، أو إرباك عضوية الحزب بالتكتل مع بعضهم خارجه.. الحزب ديمقراطي تتاح لك فيه كل الفرص لطرح رؤيتك، ونحن نتناول شتى القضايا عبر قنوات مضبوطة وواضحة، والأقلية لها كل الحق في طرح رؤاها.. عندما نصل إلى الآلية التي تحسم الأمر، نطرح ما توصلنا إليه، إما أن يكون هناك توافق، أو يكون هناك خلاف، وبالتالي يطرح للتصويت، عندها يمضي رأي الأغلبية، وعلى الأقلية أن تتبعها.. نحن حزب ثوري، وبالتالي يجب أن تتحد رؤاه وإرادته وعمله، في سبيل أن نخترق أعداءنا الكثر.. عندما تعمل هذه الأقلية خارج القنوات التي ذكرناها تتم محاسبتها.
{ بعد قضية فصل “الشفيع خضر” ورفاقه.. أصبحتم تقسون على عضويتكم آخرها فصل عدد كبير من قطاع الأطباء؟
_ لا شك عندما تتكتل مجموعة تعمل على أساس نشر فكرها داخل الحزب، وبالتالي تبرز تكتلات أخرى، بعد حسم الأمر في قطاع الأطباء قدم عدد منهم استقالة جماعية، وهذا تكتل، لأن حزبنا طوعي يدخله العضو كفرد، ويخرج منه فرداً إن توصل إلى أنه لا يمثل قناعاته، ولا أحد يقف أمامه، عندما تقدم مجموعة من العضوية استقالة جماعية هذا يعني أنهم متكتلون، وبالتالي حرصنا على أن نسألهم فرداً فرداً عن مدى صحة توقيعاتهم على الاستقالة.. البعض منهم أقر بذلك والبعض أنكر، وبالتالي لم نحاسب من أنكر، وتم فصل الآخرين.

{ من تقدموا باستقالاتهم.. لماذا لم تقبلوها وعملتم على فصلهم؟
_ الدستور يقول ذلك، وعلينا إعلانه حتى يعرف الرأي العام أنهم ليسوا أعضاء في الحزب الشيوعي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية