الديوان

وسط أنظار المحليات والسلطات الصحية..مواد غذائية وسط المستنقعات الآسنة

(حابل) (الطين والخبوب)  يختلط بـ(نابل) الفواكه والخضروات
تقرير – المجهر
رغم الأرقام المخيفة التي  أعلنتها الجهات الرسمية عن أعداد وفيات ومرضى (الاسهالات المائية)، إلا أن حال الشوارع في الخرطوم العاصمة لا يمكن أن تبشر بأن يتم حصار تمدد هذا المرض الفتاك.
(خضروات)، (فواكه طازجة)،(عيش ساخن)  مطلوبات غذائية يومية لا تستغنى عنها الأسر في وجبات الإفطار والسحور معروضة في الشوارع القذرة ووسط المستنقعات الآسنة ..جولة (المجهر) في هذه الأسواق لاحظت توافر هذه المطلوبات الغذائية في وسط السوق العربي وفي السوق الشعبي بأم درمان، وفي موقف كركر والإستاد  وبكثرة ولا نعاني فيها والحمد لله من أي عجز سوى ارتفاع أسعارها الجنوني، الذي يكون في أغلب الأوقات (رهيناً) بما يضعه التاجر من هامش ربح….نعم تتوافر هذه المواد الغذائية ولا نعاني فيها شحاً…ولكن….أين تتواجد..؟وأين يعرضها الباعة….؟ ومن أين يشتريها عدد كبير من سكان العاصمة..؟ الإجابة على هذه الأسئلة لا تكلف أكثر من جولة قد تستغرق نصف الساعة فقط في الأماكن التي ذكرتها سابقاً…متجر هذه السلع الضرورية واليومية هو وسط أرتال (الطين) وبين ثنايا (الخبوب) ووسط مستنقعات المياه الراكدة والآسنة…يحلق حولها البعوض والناموس وكل (الحشرات) التي ترى بالعين المجردة أو لا ترى…بيئة صالحة لتكاثر تلك المخلوقات الصغيرة..التي تنقل المرض والتلوث إلى أجساد الناس وهم لا يأبهون والسلطات الصحية لا تأبه أيضاً…..لأن الأمر برمته صار طبيعياً لا يدعو للدهشة.
نعمل شنو
السيدة (م.ن) التي عبأت (كيساً) من تلك الخضروات والفواكه التي يحرص باعتها على أن يجعلونها (رطبة) بتكرار (رش) المياه عليها من قارورة مياه قذرة الأطراف، لم تحفل كثيراً تلك السيدة بجيوش البعوض التي كانت تحاصر البائع من كل اتجاه، عندما استوقفناها وسألناها عن السبب الذي يجعلها تشتري من هذا المكان الذي تنعدم فيه أبسط الشروط الصحية تأففت قليلاً وزمت شفتيها بضيق بائن، وردت وهي تيمم شطرها صوب حافلة كانت تتأهب للإقلاع:(يعني نعمل شنو ما نشتري خضار ولا شنو..؟؟ بعدين دي الناس دي كلها بتشتري ولو جات حاجة ح تجينا كلنا..والصحة والمرض بأمر الله) ثم تابعت سيرها وهي لا تلوي على شيء.

“أحمد عز الدين” كان أكثر حرصاً من السيدة السابقة بعد أن قلب أكوام (الجوافة) و(البرتقال) وهو يحاصر البائع بحزمة أسئلة متتالية عن مدى مواءمة هذه الفواكه للمعايير الصحية، إلا أن البائع الذي أظهر تذمره من إقحام الشاب في أمور (بضاعته) لم يزل استفهاماته إلا بنظرات تقطر  ضيقاً وخاطبه بتبرم بائن:(يا أخوي دي البضاعة عايز تشتري اشتري..لو ماعايز خلينا نشوف رزقنا..وما تقيف لينا كده تمنع مننا الزبائن)، ولم يك من أحمد سوى أن يلوي خطواته قاصداً مكاناً آخر عله يكون أكثر ملاءمة لما يريد.
زيادة (طين) البيئة (بلة)
بيئة تنعدم فيها أبسط المعايير الصحية، رغماً عن (أعين) المحليات التي باتت لا تعبأ كثيراً بتوافر تلك المعايير في حدها الأدنى…كل هذه المواد الغذائية التي يطلبها الناس كل صباح لتعينهم على قضاء الشهر الكريم تمر يومياً من أسفل أيدي الباعة (المعروقة)..وتخرج من بيئة الذباب والبعوض والكائنات الصغيرة إلى أكياسهم ثم إلى بطونهم مباشرة…والسلطات الصحية لا تحرك ساكناً….ورغم ذلك نستغرب تناسل الأمراض في تلك الأجساد التي أنهكها العمل ومشغوليات الحياة، وهي كذلك لا تجد وقتاً للتفكر في مدى مطابقة ما تدخله إلى (بطونها) للمعايير الصحية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية