لماذا لا نزرع البرتقال والمانجو في الشوارع؟
لاحظت في عدد من الأماكن بولاية الخرطوم قد زرعت حدائق صغيرة وقد كستها خضرة جميلة وزهور تفتح النفس وتصاوير لحيوانات تحسبها حقيقية، وعدد من النوافير تؤكد جمال وعظمة الخرطوم العاصمة، فجال في خاطري إذا كانت تلك المساحات وقد زرعتها أيدي سودانية وأعطت هذا الجمال لماذا التباكي على البرتقال المصري أو اللبناني أو السوري، لماذا لا نزرع البرتقال في الشوارع العامة طالما لدينا أهل اختصاص في صنع الجمال والخضرة، لماذا نزرع النيم ولا نزرع الفواكه التي تعطينا ثماراً يقتات منها الناس وتمنحك الظل إذا كان الهدف من زراعة النيم الظل أو تقليل درجة الحرارة، فالسودان فيه تربة يمكن أن تزرع فيها الحجارة تعطيك ثماراً، فلابد أن تتغير العقلية السودانية ووزارة الزراعة بالذات من زراعة الأشجار المثمرة بدلاً من غير المثمرة، فإذا زرعنا أشجار مانجو في الطرقات العامة وفي المصالح الحكومية لأنتجت لنا ثماراً كثيرة استفاد منها الإنسان والدولة، إذا كانت تلك الثمار من الأنواع الجيدة وعاد ريعها دولاراً، وليس هناك مشكلة فإن المياه التي تسقى بها تلك الزروع تروى من ماء عذب وليس ماء صرف صحي، فعلينا أن نبدأ وأن نجرب ولاحظوا بعد كم سنة ستشهد ولاية الخرطوم كمية كبيرة من البرتقال والمانجو والجوافة والليمون والبلح. إن الزراعة ليست صعبة والشتول متوفرة فعلى الدولة أن توجه المختصين بالزراعة كما وجهت الآن بزراعة الحدائق العامة وأعطت مشهداً رائعاً وربما مجلساً للأسر بعد المساء، ولكن المشكلة في المتابعة فالحدائق الجميلة الآن إن لم تجد المتابعة والرعاية بالتأكيد ستعود إلى أرض جرداء قبل زراعتها، السودان ليس في أي حاجة لاستيراد الفواكه من الخارج فإذا اهتمت الدولة أيضاً بتكثيف الزراعة في منطقة جبل مرة التي تنتج كميات كبيرة من البرتقال أبو صرة ..إن زيادة المساحات بالتأكيد سوف يؤدي للاستغناء عن المستورد فبدلاً من تلك الضجة نكتفي ذاتياً من منتجاتنا، وقد كانت للدكتور “منصور خالد” تجربة في زراعة الزهور وكان أول سوداني يصدر زهوراً إلى الخارج، فإذا كان هذا فرداً فما بالك بالدولة التي يمكن أن توظف كل شيء من أجل زراعة مساحات كبيرة بالفواكه.
في وقت مضى ذهبت ضمن وفد الدكتور “عوض الجاز” إلى منطقتي الكرمك وقيسان بولاية النيل الأزرق، لقد شهدت غابات من أشجار المنقة على مد البصر تجد المنقة وحتى اللقاء الذي عقد لم يتم استجلاب صيوانات وتكاليف زيادة، لقد كانت أشجار المانجو هي المكان الذي أعد للقاءات الرسمية أو الشعبية، ومن العجائب أن وقتها كان سعر كرتونة المانجو فارغة بجنيهين والمانجو بجنيه ونصف، بمعنى أن سعر الكرتونة أغلى من سعر المانجو نفسه فتخيلوا هل نحن في حاجة إلى استيراد فواكه من الخارج إذا اهتمت الدولة وعلى الأخص وزارة الزراعة، فعليها أن تشجع المواطنين بزراعة أشجار مثمرة أمام منازلهم أو على الطرقات العامة، وحتى المؤسسات الحكومية أيضاً يمكن أن تستبدل زراعة أشجار النيم بالمانجو والليمون والبرتقال وغير ذلك من الفواكه .. الرئيس الأسبق “جعفر نميري” أهدى المملكة العربية السعودية كمية من أشجار النيم وتمت زراعتها بأرض عرفات الطاهرة، الآن تلك الأشجار ملاذ للحجاج من الحر في يوم الوقوف بعرفة فانظروا كيف يكون حالنا ونحن غير محتاجين إلا لري تلك الأشجار فقط بالماء العذب والمتابعة.