الاتحادي (الأصل) يسأل عن وزارة "جعفر أحمد عبد الله"
بقلم – عادل عبده
الفصل المأساوي بين المؤتمر الوطني والاتحادي (الأصل) هذه الأيام يتمثل في قيام الحزب الحاكم بسحب منصب وزير الدولة بوزارة الثروة الحيوانية المخصص للدكتور “جعفر أحمد عبد الله” في حكومة الوفاق الوطني الحالية، حيث أحدثت هذه الخطوة المربكة غلة في النفوس وتوتراً في الحميمية السياسية بين الحزبين الشريكين، ولم تجد هذه الخطوة الموافقة والرضا من زعيم الحزب مولانا “محمد عثمان الميرغني” وطاقمه السياسي، فقد ظل الاتحادي الأصل يشعر بأن قطار المشاركة في الحكومات المتعاقبة لا يعطيه القدر الذي يناسب وزنه وإرثه، وعلو كعبه، في قسمة المناصب الدستورية لكنه كان يتحمل تلك الأوضاع الظالمة في سبيل تحقيق أهداف القضية الوطنية علاوة على اقتطاع جزء من حصته في السلطة بصورة راتبة ..قبل ذلك سحب الوطني من الاتحادي (الأصل) منصب معتمد الرئاسة بولاية الخرطوم الذي كان يتولاه القيادي “الزين العوض”، ثم سار على ذات المنهج عندما سحب منصب وزير الدولة بوزارة الخارجية الذي كان يتولاه الدكتور “منصور العجب”، وقد تعامل الحزب إزاء هذه الإجراءات من جانب الوطني باحتجاجات خجولة لم تصل إلى مستوى الرد الذي يظهر الكرامة الحزبية المطلوبة، الشيء الذي جعل الوطني يطبق على الاتحادي (الأصل) بيت الشعر المأثور (من يهن يسهل الهوان عليه … ما لجرح بميت إيلام)، وهاهو اسم الدكتور “جعفر أحمد عبد الله” يختفي من التشكيلة الوزارية الأخيرة فالشاهد أن أهل التدابير في الحكم لا يأبهون بردود الأفعال الناعمة ولا يقدرون مواقف أصحاب الذوق السياسي الحكيم الذين يتحملون مآلات وقوع النازلة عليهم، لكنهم في ذات الوقت يعملون ألف حساب للأحزاب السياسية المشاكسة ويحاولون بقدر الإمكان المواءمة معهم على طاولة التفاهمات تحسباً من غلظة طبائعهم .
الآن يحاول الاتحادي (الأصل) عدم السكوت عن قضية اختفاء اسم الدكتور “جعفر أحمد عبد الله” من وزارة الثروة الحيوانية بعد أن صبر كثيراً على التجاوزات السابقة في اقتطاع حصصه في وضح النهار . فالاتحادي (الأصل) يريد يظهر خدعة الوطني هذه المرة على حقيقتها ويحاول فتح الطريق الصحيح لاستعادة الحق المسلوب .. أمامنا صورة صادقة طبقاً للمصادر الموثوقة عن الحوار الذي دار في القاهرة بين مولانا والفريق طه عثمان وزير الدولة بالقصر حول مطالبة الوطني بتنازل الاتحادي (الأصل) لوزارة واحدة في التشكيل الحالي، حيث اعتذر مولانا للفريق طه قائلاً له: (عندكم سلطة واسعة وحصص كثيرة ولا تؤثر عليكم وزارة واحدة.. وأردف قائلاً: سوف ننظر في الموضوع إذا فعلتم). وفي السياق قرر الدكتور “جعفر” عدم ملاحقة المؤتمر الوطني عن دوافع سحب اسمه رافضاً التباحث عن هذا الموضوع بتاتاً من منطلق الوقار الذاتي والكرامة الشخصية، لكنه طوى غيظه في ضلوعه وأبدى دهشة وحنقاَ منقطع النظير تاركاً لحزبه أن يتخذ القرار المأمول . فالدكتور “جعفر” يحاول من خلال مشاركته فتح صفحة جديدة مع الإنقاذ بناءً على رؤية مولانا في المشاركة من المنطلقات الوطنية وحماية الجبهة الداخلية من الانزلاق، فالمؤتمر الوطني فاته أن اتخاذ القرار من جانب واحد يؤدي إلى ضعف الثقة ويخلق التباعد في علاقة الشركاء السياسيين، ولا تفيد كبسولة الشعارات الرنانة عندما تصطدم بواقع الاعتداء على مكاسب الشركاء، فالواضح أن حكومة الوفاق الوطني في حاجة إلى حبل متين من الثقة والصدق، حتى يتسنى لها حماية التشوهات والبلايا التي تؤثر على علاقات المستقبل بعد تجربتها المريرة في المشاركة السابقة.