لعبة المخابرات
دارفور هي أرض العذاب كما قال بذلك ضابط مخابرات نمساوي زار الإقليم قبيل نشوب الأزمة التي بلغت مجلس الأمن الدولي في أيام معدودات بروافع سودانية وإقليمية ودولية وكادت أزمة دارفور تورد البلاد الانهيار لولا جهد سياسي وتضحيات عسكرية في أرض المعركة قدمت التمرد وجعلته مجرد حركات احتجاج سياسي.
في الشهور الأخيرة انحدر التمرد إلى أسفل وكادت البلاد تتعافى منه سياسياً وأمنياً أصبحت القوات المسلحة والقوات حديثة التكوين (الدعم السريع) قادرة على إنهاء خطر التمرد وجعله مجرد مجموعات تعيش على النهب والسلب بعد إنهاء وجودها ولما كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد أصبحت أقرب في عهد رئيسها “ترامب” إلى التوافق والتعاون مع السودان برفع العقوبات الاقتصادية مؤقتاً وإخضاعه لفترة تجريب ستة أشهر تنتهي بعد ثلاثين يوماً من الآن ولأن العقل الغربي أصلاً ينهض على التجريب كان ضرورياً رفع العقوبات بالتدرج ومن خلال جدول زمني ومن ثم رفع اسم السودان من قائمة الدول الداعمة والراعية للإرهاب، مثل هذا التطور الكبير أقلق مضاجع مخابرات عديدة في الغرب والمنطقة العربية والأفريقية وبدأت لعبة أخرى من أجل تفجير الأوضاع في دارفور وتهيئة المسرح لإحداث أكبر قدر من الفوضى في دارفور حتى يثبت للعالم أن السودان دولة يجب أن تخضع للوصاية الدولية ولا تنال شرف رفع العقوبات المفروضة عليها كما دعا لذلك كاتب أكاديمي على صلة برجل المخابرات البريطاني “صلاح البندر” ولأول مرة يتجرد سوداني من كل لبوس وطني ويطالب بإعادة استعمار بلاده ذلك ما أقدم عليه البروفيسور “مهدي أمين التوم” في مقالته الفضيحة وبعد ذلك كانت مخابرات مصر تنطلق من كمبالا لجمع شتات قوات “مناوي” ومن زلفة الليبية يأتي رجل مخابرات “السيسي” الأول للإشراف على عملية شد الأطراف التي منيت بهزيمة وادي هور وعشيراية تلك العملية التي أثبتت حقيقتين: الأولى أن الخرطوم الآن تملك جهاز مخابرات قادر على التعامل مع أعدائه وهو من يقود التمرد ليلقي حتفه وهو من يحدد مكان المعركة وزمانها وماحدث في عشيراية ووادي هور ومن قبل قوز دنقو شاهد إثبات على ما نقول، والحقيقة الثانية أن ذلك المارد العملاق المسمى بــ(الدعم السريع) هو الدواء الشافي من مرض التمرد والأيادي الباطشة لردع لعبة المخابرات الجديدة.
وبعد فشل كل تلك الآلاعيب كان خيار المخابرات اللجوء لسلاح الفتنة الداخلية من خلال تأجيج الخلافات على الأرض واستغلال طموحات بعض العناصر لتفتيت جبهة التصدي الأقوى وهدمها من الداخل بزرع الفتن والشقاق.
وقد طارت الأسافير في اليومين الماضيين بتسجيلات صوتية لأحد قادة التمرد فصيل “مناوي” المدعو “علي مجوك المؤمن” وهو من قادة الحركة المتمردة كان ضمن قوات عبد الواحد وبعد مؤتمر حسكنيتة الذي أشرفت عليه مخابرات القذافي أصبح في صف “مناوي” حتى نال المنصب الوزاري وخرج منه بفضيحة السجن والشيكات الطائرة ليعود لبريطانيا بجنسيته الإنجليزية ويقع تحت تأثير “صلاح البندر” الذي يفصل له جلابية قبلية ليدعي حرصاً على الشيخ “موسى هلال” ويتوهم وجود عداء بين الدولة وشيخ عشيرة المحاميد ويختلق “مجوك” فرية مخطط لاغتيال “موسى هلال” وفي يوم خروج تسجيل المخابرات تنقل كاميرات الإعلام مظهر عناق دافئ بين “هلال” ونائب رئيس أركان الجيش للعمليات الفريق “برهان” في قرية قرب كبكابية وعناق بين “حميدتي” رجل البشير المقاتل و”هلال” وحديث عن المصالحات القبلية بين “عبد الواحد يوسف” والي شمال دارفور وزعيم عشيرة المحاميد الذي تخطط مخابرات المنطقة لقتله ورفع كدموله على فوهات البنادق لشق عصبة أكبر قبيلة في السودان تدعم وحدة البلاد وأمنها وزرع الفتنة وسط الرزيقات هي مهمة يقوم بها الآن ضباط مخابرات الدول المحيطة بالسودان، وإذا كان الأمر كذلك لماذا لا تحمي الدولة الشيخ “موسى هلال” من الفتنة التي يتم نسجها من خلال عناصر الحركة الشعبية وعناصر “مناوي” الذين يكتبون البيانات باسم “موسى هلال” ويسجلون المقاطع في الشبكة العنكبوتية باسم “موسى هلال” ويهاجمون قوات الدعم السريع باسم “موسى هلال” وغدا يقتلون “موسى هلال” بــ”موسى هلال”.