رمضان في سيدي الحسن…. كرم (السدنة) وكرامات أبو جلابية راجل كسلا
يا سيد الضريح ومن بعيد ليك بصيح
كسلا: خاص: المجهر
كسلا مدينة فيها من عبق التاريخ وجمال من الحياة الأخاذ يأخذ الألباب، فالزائر للمدينة يندهش لجمالها الباذخ الذي تسهم فيه الخضرة الدائمة بنصيب وافر وملفت، وفوق ذلك حضور للتاريخ الممتد والعريق للسادة الختمية، حيث يرقد ضريح السيد “الحسن الميرغني” الكبير كعلامة بارزة وأثرية تميز المدينة وتعد معلماً روحياً وثقافياً وعلى مقربة منه ضريح السيدة “مريم الشريفية”، حيث يجل مقاميهما أهالي الشرق والقادمون الزائرون حيث يتنسمون البركات ويجددون الإرث التاريخي الموصول بالحاضر، حيث مساجد وخلاوى السادة الختمية التي تلهج بالذكر صباح مساء.
وإذا كانت كسلا مدينة حباها الله بالجمال الطبيعي والتراث الفلكلوري المتنوع والممتد بتنوع قبائلها وسحناتها وحساسياتها المتمازجة في سلام ووئام فإن إنسانها البجاوي يضيف إليها نكهة من الكرم والشهامة الراقية التي تجعل الزائرون يتصلون بها روحاً ومناظراً ويحملوا عنها ذكرى عطرة تجعل القلوب تهفو إلى زيارتها كل حين متى كانت الظروف تسمح لإزالة كدر النفوس وإعادة الصفاء للأذهان والقلوب .وتتمثل أسرة الزعيم والرمز الحلنقي الكبير “عبد الرحمن علي عبد القادر” ونجله “نصر الدين” بحي المربعات رمزية كبيرة لما تكون عليه الأسر الشرقاوية، حيث الكرم والشهامة وحسن الضيافة والبشاشة وأريحية النفس.
يقول الباحث “بشير الشريف” لـ(المجهر) :إذا كانت الطبيعة والإنسان والتراث قد جعلا من المدينة حضوراً مبهراً فإنه لمن المحزن الحديث عن غيابها الثقافي مؤخراً وتردي الخدمات والبيئة وتوقف الفعاليات الثقافية الشعبية مع غنى البلد الزاهر بالتراث الذي يحتاج إلى عقول مبدعة تقدمه للناس وتجعل منه حدثاً يستحق الاحتفاء فضلاً عن انتشار مظاهر التطرف الديني والسلفي مع تنامي نسب الفقر والعوز في أوساط المواطنين وتدهور معدلات الالتحاق بالمدارس لليافعين وأمية النساء المقيمة. ويبدو أن القيادة السياسية الحالية لا تدرك القيمة الكبيرة للدرة الجميلة والجوهرة التراثية التي تمثلها المدينة مع ثقلها التاريخي وحاضرها الجديد .
رمضان في ضريح سيدي الحسن..!!
إذا كانت كسلا قد حباها الله بترف جمالي باذخ فهو كذلك أودع في أنفس ساكنيها تقوى وورع يتصاعد إلى ذروته خلال الشهر الفضيل في ضريح سيدي “الحسن” الذي يقع مباشرة تحت جبل التاكا عند مياه توتيل المشهورة.
وهناك مسجد كبير جداً به أعمدة كثيرة أما القبة المدورة فيها الضريح،
تدخل وترى في وسط القبة (المقام) بعلو متر تقريباً ومغطى بقماش أخضر.
طريقة التعبد يتم الطواف حول الضريح لعدد سبعة أشواط وأثناء الطواف تلمس تتمسح من تراب القبة.
يتوافد المحبون من أرجاء كسلا قبيل الإفطار بدقائق ويقيمون في تكية مخصصة ويتناول أغلبهم الإفطار يقف على خدمتهم (سدنة) الضريح الذين يتكفلون بنظافة وفرش (البروش). وخلال العشر الأواخر من رمضان يتوافد الناس من كل أرجاء السودان لإقامة الليالي وللتهجد حتى فجر اليوم التالي…
وكسلا المدينة التي تنام على حضن جبل توتيل وكثير من دفء أناسها الذين عرفوا بطيبة المعشر والتسامح وجمال الصفات تتكئ كذلك على إرث صوفي عميق، لعل الذاكرة الشعبية وثقت له شعراً بالقول: (يا سيد الضريح ومن بعيد ليك بصيح، يا الميرغنية وما بتقسى عليكم قضية، يا البيانك جوار البنية، يا سيد الكرامات ومويتك في الجبال جات).