ولنا رأي

شهادات الدكتوراة في السوق العربي!!

قطع نواب بالبرلمان بأن التعليم العالي يفتقد للأمانة العلمية ووجهوا انتقادات لاذعة للعملية التعليمية، وقال النائب البرلماني، حسب ما أوردته إحدى الصحف، “عيسى علي عجب” عن حزب العدالة: إن ما آل إليه التعليم يعد جريمة تعاني منها الأجيال القديمة، وأشار إلى أن التعليم يخضع للمناورات والأجندة السياسية، وقال هناك مفارقات في منح الدرجات العلمية لا سيما درجة الدكتوراة وقال إنها تكاد أن تباع في السوق العربي. إن حديث النواب كان أثناء تداول تقارير وزارتي التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم.
إن هذا الحديث الذي تم تداوله داخل قبة البرلمان ومن قبل الأعضاء هو بمثابة لمس الجرح الذي ظل الكل صامت تجاهه وقد كثر الحديث الفترة الماضية حول الدرجات العلمية التي يتم منحها من قبل بعض الجامعات التي عرفت بالانضباط والنزاهة العلمية، ولكن أن يأتي الحديث من قبل نواب البرلمان هذا دليل على أن الدرجات العلمية، فعلاً بدأت بلا ضابط أو رابط، فكل شخص يريد أن يكون في قمة الهرم عليه أن يحصل على درجة الدكتوراة هذه الدرجة الرفيعة التي لم ينالها في السابق إلا قلة من الباحثين، ولكن انظروا الآن إلى الذين يحملون هذه الدرجة، ومتى حصلوا عليها وما هو الوقت الذي توفر لديهم حتى يتمكنوا من نيلها، فالدكتوراة ليست لعبة، هي علم وعلم مكثف وجلسات بالساعات لكل من أراد أن ينالها، ولكن أن يكون الشخص يعمل في مهن مختلفة ولم يتوفر له الوقت الكافي للجلوس مع أولاده ناهيك من الجلوس على منضدة لقراءة عدد من الكتب التي يستقي منها المعلومات ليزيِّن بها بحثه العلمي ومن ثم الحصول على هذه الدرجة الرفيعة، ولا أدري كيف استحق هؤلاء هذا اللقب العلمي الرفيع وهم أصلاً لم ينالوه عن جدارة، وتعجبت لهم وهم يخدعون أنفسهم ويخدعون الطلبة الذين يقومون بتدريسهم بالجامعات المختلفة، لقد خدعوا أنفسهم أولاً ومرت الخدعة واستحلوها، ولكن بالتأكيد عندما ينامون أو عندما يضعون جسدهم المنهك بالليل سيراجعون أنفسهم ويتأكد لهم أنهم  خدعوا أنفسهم والناس جميعاً، ولكن لا عودة بعد ذلك لأنهم يطربون لهذا اللقب الرنان ولا فكاك عنه بعد ذلك، ولكن أنا أعيب على الدكاترة المحترمين الذين يساعدون أولئك الكذابين والمخادعين الذين أعطوهم تلك الدرجة التي لا يستحقونها، فالذين نالوا تلك الدرجات الرفيعة بالكذب سوف ينفضح أمرهم كما فضح الله الكثيرين الذين أدعوا زوراً وبهتاناً أنهم من حملة الدكتوراة.. حدثني محامٍ شهير عندما ووضع أمام اسمه كلمة دكتور فلان، فطلب من تلك الجهة سحب هذا اللقب، لأنه لا يحمله ولا يريد أن يكذب على نفسه والآخرين، وكثير من العلماء الذين لم يحصلوا على درجة الدكتوراة يردون على من يصفهم بهذا اللقب بالنفي، ولكن علماء الغفلة يطربون لهذا اللقب وأن لم يستحقوه وإذا طالبتهم بتقديم محاضرة عن هذا التخصص الذي نالوا بموجبه هذه الدرجة لما استطاعوا، وفي فترة ماضية تم كشف عدد من حملة الدكتوراة الكاذبة بإحدى الجامعات السودانية الرفيعة وحتى الدول العربية أصبحت لا تعترف بالدكتوراة التي حصل عليها السودانيين أو الأجانب من جامعات معيَّنة بالسودان، ولذلك لا بد أن تتحرك الجهات المسؤولة بوزارة التعليم العالي ووزارة التربية لفحص الدرجات العلمية ومن ناقشها حتى نعيد لدرجاتنا العلمية سيرتها الأولى..قبل أن تتمدد مساحة بيعها إلى أسواق أخرى.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية